د. عز الدين حسنين: ألمانيا تفتح شهية أوروبا للاستثمار فى مصر وزير التجارة: المؤشرات لا تعكس تطلعات البلدين ولا بد من زيادة التجارة البينية
“هناك تاريخ طويل، وعلاقات قوية تربط بين مصر وألمانيا “ بهذه العبارة استهلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس السيسى الذى عقد فى القاهرة، وهو ما يؤكد عمق العلاقة بين البلدين، خصوصا فى المجال الاقتصادى، حيث إن ألمانيا تتمتع بأقوى اقتصاد أوروبى، كما تتمتع مصر بأكبر سوق فى العالم العربى، ومن خلال تعزيز التعاون المشترك فى مجالات الإنتاج الذى لا يزال محدودا للغاية بين الطرفين، فمن الممكن أن يتم تنفيذ العديد من الاتفاقيات الاقتصادية فى هذا المجال لزيادة التعاون الاقتصادى بين البلدين، ورفع التبادل التجارى ليناسب قوة العلاقات، حيث بلغت قيمته إلى نحو 6 مليارات يورو فى عام 2016 مقابل 5 مليارات فى عام 2015، أكثر من ثلثيها سلع ألمانية جاهزة أو سلع ألمانية مخصصة فى القسم الأكبر منها لبناء مشاريع البنية التحتية، ويأتى فى مقدمتها مشروع شركة سيمنس الألمانية العملاق بقيمة 8 مليارات يورو لمضاعفة إنتاج الطاقة الكهربائية. المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، أكد أن حجم التجارة البينية بين مصر وألمانيا بلغ 5.5 مليار يورو فى 2016، حيث شكلت الصادرات المصرية لألمانيا 1.1 مليار يورو بينما قدرت الواردات الألمانية ب 4.4 مليار يورو، كما بلغت الاستثمارات الألمانية فى مصر حتى نهاية يناير 2017 (620) مليون دولار فى عدد 1026 مشروعا، مشيراً إلى أن هذه المؤشرات لا تعكس مستوى تطلعات البلدين، وهو ما يتطلب ضرورة بذل المزيد من الجهود لزيادة معدلات التجارة البينية من خلال تبادل زيارات الوفود الرسمية، ووفود رجال الأعمال بهدف استكشاف الفرص المتاحة والقطاعات الواعدة، وكذلك من خلال تعزيز الحوار بين حكومتى مصر وألمانيا ومجتمعى الأعمال بالبلدين، مشيرا إلى أنه برغم كل التحديات، فإن مصر تنفذ حالياً إصلاحا اقتصاديا شاملا، يؤهلها لتظل مقصداً مهماً للاستثمارات الأجنبية المباشرة فى منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى حرص وزارة التجارة والصناعة على تقديم الدعم لجميع المستثمرين الراغبين فى ضخ استثمارات جديدة بالسوق المصرى أو تنفيذ توسعات بالمشروعات القائمة. ومن جانبه يؤكد الدكتور عز الدين حسنين، الخبير الاقتصادى أن العواصف الأوروبية، هدأت على مصر فجاءت زيارة المستشارة الألمانية إلى مصر لتعزز هذا الهدوء والاستقرار بين مصر وأوربا، فتلك هى ألمانيا التى كانت تتزعم الاتحاد الأوروبى فى عدم الرضا عن التحول السياسى لمصر بعد يونيو 2013 هى نفسها ألمانيا الآن التى ستتزعم الاتحاد الأوروبى لمساعدة مصر، ألمانيا دولة مساحتها تقريبا ثلث مساحة مصر لكنها صاحبة أقوى اقتصاد فى أوروبا بحجم ناتج محلى إجمالى يتجاوز التريليونين دولار، وحجم احتياطى نقدى أجنبى يتجاوز ال 200 مليار دولار وأكبر اقتصاد فى أوروبا ورائدة الصناعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات الثقيلة، وعضو حلف الناتو والقوة العسكرية وصناعة الطائرات والسيارات والمصانع الذكية والروبوتات الإلكترونية، فأوروبا لها جناحان هما الأقوى فى الاتحاد الأوروبى، الجناح الاقتصادى وتتزعمه ألمانيا والجناح السياسى وتتزعمه فرنسا . وأشار إلى أن زيارة ميركل جاءت لتؤكد مرحلة جديدة جيدة مع مصر فى كل المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فلاشك أن الزيارة لها أصداء عالمية كبيرة وتفيد مصر من العلاقات مع ألمانيا، فحجم التبادل التجارى الحالى بين البلدين تقريبا 5.5 مليار يورو والميزان التجارى لصالح ألمانيا، وحجم استثمارات ألمانيا فى مصر تقريبا2.5 مليار يورو وهو حجم متواضع بالقياس لحجم استثمارات ألمانيا خارج حدودها، ولعل أهم الاستثمارات الحالية فى مصر من ألمانيا فى محال الطاقة، فيتم حاليا إنشاء محطات كهرباء كبرى بواسطة أهم شركات العالم فى هذا المجال وهى شركة سيمنز الألمانية بحجم استثمارات 8 مليارات يورو، ولعل أهم ما تستفيده مصر فى الأجل القصير هو عودة السياحة الألمانية، والتى ستصل وفق الوعود الألمانية إلى مليون سائح، وهو الأمر المهم حاليا لدعم الاحتياطى النقدى الأجنبى المصرى وإعادة النشاط السياحى، وبالطبع ستنتقل العدوى إلى باقى الدول الأوروبية لزيادة أعدادها السياحية إلى مصر، فألمانيا زعيمة أوروبا الاقتصادية ستفتح شهية دول أوروبا للاستثمار فى مصر وسننتظر إقامة مدينة صناعية كبرى ألمانية فى مصر، سنستفيد أيضا من تجربتها الرائدة فى مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وسنستفيد من ألمانيا بأن تكون لسان مصر فى تحسين الصورة الحالية والتسويق لمصر للاستثمارات الأوروبية وستستفيد ألمانيا من مصر بالوجود فى أهم منطقة فى الشرق الأوسط والدخول إلى الأسواق من خلال العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وإفريقيا. وأضاف أن أوروبا حاليا لديها ركود اقتصادى وتحتاج إلى أرض جديدة تنعش اقتصادياتها، ومصر حاليا تعد أرضا خصبة لجذب الاستثمارات و أيضا تستطيع مصر أن تسهم فى تحريك المياه الراكدة فى أوروبا، من خلال استيراد التكنولوجيا الألمانية والأوروبية وتنشيط حركة التجارة بين مصر وأوروبا، فمازلنا فى مرحلة الحاجة إلى المنتجات الأوروبية من الآلات ومعدات ثقيلة ومنتجات تامة الصنع، فلا شك أن الطرفين مستفيدان من هذا التقارب الاقتصادى، هذا بخلاف الدعم السياسى لمصر فى المحافل الدولية ومشاكل اللاجئين والهجرة غير الشرعية ومكافحه الإرهاب، مطالبا المجموعة الاقتصادية بسرعة التحرك فى كل الملفات وخصوصا الاقتصادية والتجارية التى تم الاتفاق عليها فى مصر أثناء الزيارة، وأن استقرار العلاقة بين مصر وأوروبا سيكون مثمرا جدا لمصر خلال تلك الفترة العصيبة اقتصاديا. ويقول أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرى، إن مصر أصبحت فى عام 2016 أهم سوق تصديرى فى منطقة الشرق الأوسط للميكنة الألمانية، وذلك طبقا للهيئة الألمانية للصناعات الهندسية والميكانيكية، مشيرا إلى أن صادرات المعدات الثقيلة والميكنة زادت إلى ما يقرب من الضعف أى نحو 1.5 مليار يورو، ممثلة أكثر من ثلث الصادرات الألمانية لمصر، كما أن صادرات المعدات الثقيلة الألمانية تضم ما يسمى “تأثير سيمنس” ألا وهى صادرات معدات سيمنس فى نطاق المشروع الضخم الذى تم الاتفاق عليه فى عام 2015 والذى سيقوم بدوره فى توفير الكهرباء ل 15 مليون مواطن مصرى. وأكد أحمد الوكيل، أن مصر تسابق الزمن فى خلق مناخ متميز وجاذب للاستثمار بحزمة من التشريعات الاقتصادية الحديثة وإصلاحات هيكلية واقتصادية وحوافز واضحة وشفافة، وتفعيل دور القطاع الخاص فى إطار شراكته فى فرص استثمارية واعدة بالتوازى مع إصلاحات اقتصادية تضمنت وضع سعر عادل للعملة واتفاقية مع صندوق النقد وترشيد الدعم، وهى ملفات لم تجرؤ أى حكومة سابقة على فتحها بالتواكب مع خفض عجز الموازنة واتباع سياسات توسعية بضخ المزيد من الاستثمارات خصوصا فى البنية التحتية كحزم تحفيزية للاقتصاد، داعيا الشركات البريطانية والمستثمرين للدخول للسوق المصرى. وأشار الوكيل إلى أن السوق المحلى سوق ضخم مدعوما باتفاقيات تجارة حرة تصل لأكثر من 1.6 مليار مستهلك مما يحقق اقتصاديات السوق لأى مشروع، والتى ستصل إلى 2 مليار مستهلك مع شراكة فى منطقة التجارة الحرة الأورو آسيوية ومنطقة الميركسور ثم إلى 2.8 مليار مستهلك مع بدء منطقة التجارة الحرة الثلاثية الإفريقية، والتى ستجمع 26 دولة أى نصف إفريقيا من الإسكندرية إلى كيب تاون.