مين السبب فى الحب ؟ القلب ولا العين ولا العقل ؟ تلك هى المسألة التى حار فيها الأدباء والفلاسفة والشعراء وأدلى كل منهم بدلوه فيها. مع أن القصة ليست معضلة ولا تحتاج إلى تفسير علمى ..بل لقد فسرها نبينا الكريم حين قال "الأرواح جند مجندة ، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف "
وفى تفسير الحديث أن الأرواح خلقت مجتمعة ثم تفرقت فى أجسادها .فإذا التقت تعارفت وتآلفت ،فالأرواح المتشابهة تتعرف على بعضها وتكتشف ذواتها .ومن هنا تنشأ الألفة ومن ثم الحب الذي يحيا طويلا لأن تآلف الروح يعنى تآلف العقول والوجدان والميول فى معظمها حتى الاختلافات حين ذلك تكون مقبولة. ..وهذا فى رأيى لا يندرج على الاختلاف فى السمات الأساسية فالإنسان الطموح لا تستقيم حياته مع الشخص الذي يعيش يومه وكفى ، والكريم لا يحتمل عشرة البخيل ، والعطوف لا تقوم بيبنه وبين الشخص قاس الطبع أى مودة ، والفطرة السوية لا تندمج مع من تلوثت فطرته ، والشخص المحب للحياة سيموت ألف مرة إذا عاشر شخص يائس .
ونماذج الحياة تدلنا كيف نجح الحب واستمر بين متشابهي المزاج ..ففى الزواج مثلا نجد أن ما يطيل أمد الزواج أى زواج هو أن تنشأ بين الزوجين علاقة صداقة تجعلهما يتشاركان الأفكار والاهتمامات وأنواع الهوايات والكتب التى يقرأونها والأفلام التى يشاهدونها ...فالمشاعر الرومانسية التى قد يتعجل البعض بتفسيرها تحت تأثير فورة المشاعر الأولى قد لا تستمر حين يحدث صدام الوجدان وحين تتحول العلاقة إلى روتين ممل لا يسمن الروح ولا يغنيها ، لذلك نشاهد كيف انتهت قصص حب عاصفة بمجرد الزواج.
وفى علاقة الصداقة أنت تميل إلى الصديق الذي يشاركك اهتماماتك ولا تمل من الحديث معه ولا تنتهى المكالمات الهاتفية بينكما طيلة اليوم . وأحيانا قد لا تتحادثان بالشهور وبمجرد اللقاء تجدان فيض المشاعر وكأنكما افترقتما بالأمس.
الحكاية ببساطة وبدون أى فزلكة: أنت ستحب من يشبه روحك ومن يتآلف معها ..أما الحب من نظرة عين أو ابتسامة فهو قد لا يطول لأنه لم يمس شغاف الروح ولم يفك شفرتها فلم تتم المعادلة .
وفى النهاية الحب فى الحياة مثله مثل الصحة والمال والعمل ..رزق من السماء ..لهذا قال نبى الرحمة عن خديجة رضى الله عنها " لقد رزقت حبها "