أوباما تخلى عن مبارك إبان الربيع العربي - لا يجب أن ينخدع العالم بموقفه الأخير من المستوطنات الإسرائيلية - سلبية أوباما تسببت في مقتل 310 ألف نسمة في سوريا - أوباما منح إسرائيل مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار ليصبح اكثر رئيس امريكي سخاء مع اسرائيل - أجندة أوباما في الشرق الأوسط حققت لإيران القوة على حساب السعودية - العلاقات الأمريكية السعودية تجمدت فجأة فيما يشبه عملية "البسترة" رشا عامر رغم وعوده البراقة للعرب فور توليه منصبه كرئيس للولايات المتحدةالأمريكية منذ ثماني سنوات جاءت أجندة الرئيس الأمريكي المنتهية ولاياته باراك أوباما فيما يخص العرب بشكل كارثي على حد تعبير مجلة لوبوان الفرنسية في عددها الصادر مؤخرا. كانت البداية عام 2009 في الخطاب التاريخي الذي ألقاه أمام جامعة القاهرة ليثير الآمال بين السكان العرب باعتباره كان يبشر بعمل مصالحة مع العالم الإسلامي. ثم جاء حصوله على جائزة نوبل للسلام والتي كان من المفترض أنها لتشجيعه على إيجاد حل لإقامة الدولة الفلسطينية أخيرا. ولكن الآن وبعد مرور ثماني سنوات وانتهاء ولايته بدا من الواضح أن أوباما فشل فشلا ذريعا في سياسته تجاه العالم العربي. فقراره الأخير بالسماح لمجلس الأمن بتبني قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي يجب ألا يخدع أحدا . فإذا كان يشير إلى عدم شرعية التشييد والبناء الإسرائيلي بموجب القانون الدولي والذي يؤكد من جديد التزام مجلس الأمن بحل الدولتين فان النص لا يحمل أية تدابير ملزمة على الإطلاق. وبالتالي فعلى ارض الواقع لا يزال الاستيطان الإسرائيلي مستمر في الضفة الشرقية والغربية والتي كان أوباما قد وعد في نهاية 2009 إلى وقفه وإيجاد حل للقضية بيد انه تم إرجاء القضية إلى أجل غير مسمى. فمنذ وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض ازداد عدد المستوطنين الإسرائيليين إلى ما يقرب من 100،000 مستوطن!. وقد برر "فرانسوا نيكولود" أحد الدبلوماسيين الفرنسيين المختصين بشئون الشرق الأوسط ما حدث بأن أوباما حاول ولكن السياسة الإسرائيلية هي التي منعت نجاح مساعي وساطته. فتحت قيادة أوباما لم يدخر جون كيري أي جهد لإيجاد حل لهذا الصراع الشائك. من يوليو 2013 إلى أبريل 2014 لم يدخر وزير الخارجية الأمريكي جهدا في لعب دور الوسيط لانتزاع اتفاق ثنائي بين الجانبين وفى المقابل كانت الجرافات الإسرائيلية تعيث فسادا في المستوطنات هناك لتذهب المساعي والوساطات أدراج الرياح. ليس ذلك فقط بل لقد منعت العلاقات بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل الرئيس الأميركي إلى أبعد من ذلك في القضية الفلسطينية ففي أواخر ديسمبر أعلن كيري صراحة عن حقيقة العقبات التي تحول دون تحقيق السلام في الشرق الأوسط لافتا النظر إلى التهديد الذي تشكله المستوطنات على حل الدولتين ولكن كالعادة جاء الاعتراف متأخرا ففي سبتمبر 2016 وافق الرئيس الأمريكي على منح مساعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة 38 مليار دولار على مدى عشر سنوات مما يجعل من الرئيس المنتهية ولاياته باراك أوباما هو أكثر رؤساء أمريكا سخاء تجاه إسرائيل. نأتي لبقية دول العالم العربي لنكتشف أن اكبر فشل وقع فيه أوباما كان في سوريا حيث تسبب بسلبيته في وقوع أسوأ مأساة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية بمقتل 310 ألف نسمة على الأقل معظمهم من السكان العرب السنة. عندما تم انتخاب أوباما تم انتخابه على وعد بسحب قواته من منطقة الشرق الأوسط وتركيز الدبلوماسية الأمريكية تجاه آسيا حيث يوجد فيها الغريم الرئيسي لأمريكا والمنافس الاستراتيجي الحقيقي لها وهي الصين. والسؤال هو كيف لقائد القوة العسكرية الأولى في العالم أن يرفض التدخل في سوريا بعد ضرب الغوطة بالأسلحة الكيماوية في أغسطس 2013 في حين انه كان هو نفسه الذي قرر أن الخط الأحمر لبشار الأسد هو استخدامه أسلحة كيماوية ليصبح تحول موقفه بمثابة تحول في الحرب وفق ما ذكره أحد الدبلوماسيين الفرنسيين في ذلك الوقت إذ أضاف انه عندما تصبح القوة الأولى في العالم فلا يمكن المماطلة في القضية السورية خاصة بعد وضع الخطوط الحمراء. وقد تسبب هذا التحول المذهل إلى جانب رفض تسليح الجيش السوري الحر على حد تعبير الدبلوماسي الفرنسي قد لعب دورا في تمرد العرب السنة وأهدى كل من فلاديمير بوتين وإيران الفرصة الذهبية لإنقاذ الأسد وفرض شروطهم في سوريا. وصار تقدم بوتين في سوريا مثل السكين في الزبد إذ استفاد من الغياب الأمريكي لتصبح موسكو هي الرائدة وبناء عليه يدعو وزير الخارجية الروسي سيرجي لافاروف نظيريه التركي والإيراني لتوجيه دعوة لوقف إطلاق النار في سوريا كلها وإخلاء ما تبقى من المدنيين في حلب. وفيما بدا كأنه تعمد تم استبعاد السوريين سواء النظام نفسه أو المعارضة من الدعوة والحوار تماما كما تم استبعاد دول الخليج العربي. عودة الفرس إن الموازنة الشرق أوسطية لباراك أوباما قد حققت رغم ذلك بعض النجاحات ولكن ليس بالنسبة للعرب : فالاتفاق بشأن الاتفاق النووي الإيراني يعد انتصارا للفرس. لقد أراد أوباما الاستفادة من إيران فوضعها على قمة المشهد الدولي مؤكدا مكانتها كقوة إقليمية ما أثار استياء المنافس الرئيسي للجمهورية الإسلامية الشيعية ألا وهى المملكة العربية السعودية الوهابية على حد تعبير الدبلوماسي الفرنسي الذي وصفها أيضا بأنها النسخة المتشددة من الإسلام السني والتي طالما كانت الحليف المتميز للأمريكيين منذ أن ارتبطت معهم عام 1945 باتفاق النفط مقابل الحماية. ولكن الآن وبعد ظهور الغاز الصخري في الولاياتالمتحدةالأمريكية مما يعنى استغنائها إلى حد ما عن البترول فإنها أصبحت في غنى عن هذه الشراكة مع السعودية بل أنها لم تتورع عن الإساءة لحليفتها العربية في المنطقة ولا ينس أحد تخلي أوباما عن الرئيس المصري حسنى مبارك إبان الربيع العربي . ومثلما أعلنت السعودية استيائها من تغير موقف أوباما إزاء سوريا فيما يخص الأسلحة الكيماوية أعلنت أيضا خوفها من إعادة توزيع الخرائط الإقليمية التي يمكن أن تسمح بالاتفاق مع طهران. الدول العربية لم يخفوا نهائيا قلقهم بشأن هذا الاتفاق حتى وان بدوا أنهم وافقوا عليه رسميا. المملكة العربية السعودية من جانبها والتي لا تزال بشكل أو بآخر "معشوقة الولاياتالمتحدة" تخشى من فقدان هذه المكانة لتحتلها إيران. فتحت ولاية أوباما لم يكتسب الوجود العسكري الأمريكي في الخليج سوى مزيدا من القوة والاتساع وذلك من خلال وجود 30 ألف جندي في المنطقة. يصف "نيكولود" العلاقات الأمريكية السعودية بأنها أصبحت "مبسترة " - أي أصابها التجمد المفاجئ بعد الغليان – وذلك بسبب التقارب الأمريكي الإيراني ورؤية يد طهران دوما في النزاعات التي تهز المنطقة وهو ما جعل السعودية تضع الولاياتالمتحدة أمام الأمر الواقع في مارس 2015 بإعلان ترأسها ائتلاف من الدول العربية لشن حربا مدمرة في اليمن ضد المتمردين الشيعة الحوثيين المدعومين من قبل إيران. وعلى الرغم من الانتقادات الأمريكية حول ارتفاع عدد الضحايا المدنيين هناك وفقا للأمم المتحدة إلى 10 آلاف مدني فان الرياض تواصل بلا هوادة قصفها لتدمير دولة عربية أخرى في المنطقة.