10 رمضان... زيف الأسطورة (11) قبل يوم العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر عام 1973 لم يكن يمر يوم دون أن تنقل وسائل الإعلام العالمية تصريحات للقادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل يتحدثون فيها بملء الثقة والغرور عن قوتهم التي لا تقهر وعن يقينهم الذي لا يتزعزع بأن الفارق الشاسع في ميزان القوي بين إسرائيل والدول العربية مجتمعة يستحيل تعويضه ومن ثم فإن الأمر كله في يد إسرائيل التي يحق لها أن تفرض شروطها فتتنازل عما تشاء من الأراضي العربية المحتلة وتتمسك بما تراه ضروريا لأمنها وربما لمزاجها النفسي والمعنوي. وفي ظل هذه الأجواء المصنوعة بواسطة حرب نفسية شرسة لم يكن غريبا أن يصدق الرأي العام العالمي كل ما تروج له إسرائيل لكن المشكلة تمثلت في أن كثير من العرب بدأوا في تصديق الأسطورة واتجهوا إلي الاستخفاف بحقائق التاريخ وثوابت الجغرافيا ولكن بعد أن نجحت القوات المصرية في 6 ساعات فقط في تحطيم حائط الخوف وعبور المستحيل تبدل الحال تماما في المجتمع الدولي وعلي امتداد العالم العربي. ما جري يوم 10 رمضان فوق جسور العبور وعلي أبواب حصون خط بارليف كشف عن زيف الأسطورة وأثبتت أن جنرالات إسرائيل ليسوا بالعقليات العسكرية الجبارة التي رسمت لهم عقب الانتصار الخاطف في 5 يونيو...1967 فما هي إلا ساعات مضت علي نشوب الحرب حتي بدأت تصريحاتهم تكشف حجم انهيارهم وتفككهم! لقد تواري الصلف والغرور وحل محله الخجل والاعتراف بالحقيقة في تصريحات صادمة للرأي العام الإسرائيلي أدلي بها الجنرال حاييم هيرتزوج مدير المخابرات العسكرية الإسرائيلية والمعلق العسكري والاستراتيجي المعروف قبل مضي 10 ساعات فقط من نشوب الحرب يقول فيها: إنه للمرة الأولي منذ عام 1948 يخوض الجيش الإسرائيلي حربا دفاعية وعلي الإسرائيليين أن يدركوا أن المعركة ليست سهلة وستكلفنا ضحايا بأعداد كبيرة فالمبادرة لم تعد في أيدينا وستمر فترة ليست قصيرة علي هذا الوضع حتي نعبأ قوات الاحتياط... ومن الخطأ أن نقاتل طبقا لأساليب الحروب السابقة لأننا أصبحنا في وضع مختلف من ناحية العدو وقواته ومعداته التكنولوجية الحديثة. وفي محاولة لتبرير حجم الخسائر الهائلة في صفوف القوات الإسرائيلية أصدرت القيادة العسكرية الإسرائيلية بيانا بعد 10 ساعات فقط من بداية الحرب قالت فيه أنه بينما كانت القوات الإسرائيلية تحاول صد الهجوم المصري عبر قناة السويس وجدت نفسها مشتبكة في نفس الوقت في معارك شرسة مع الكوماندوز المصريين الذين جري إنزالهم في عمق سيناء وقطعوا خطوط الإمداد. خير الكلام: أتعس الأيام تلك التي يتملكنا فيها اليأس والإحباط ويغيب عنا الحلم والأمل! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله