في أحدث الكتابات الأمريكية عن أحداث الحراك الربيع العربي, أوضح الكاتب الأمريكي ديفيد إجناتيوس أن غموضا يكتنف مستقبل هذا الحراك في الوقت الراهن, مؤكدا أن كبار محللي المخابرات والمراقبين الأمريكيين لم يتفقوا علي تحديد هوية الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية. فمنهم من يشير إليها بوصفها مرحلة انتقالية, بينما يعتبرها آخرون الربيع الساعي إلي الحرية والديمقراطية. وأوضح إجناتيوس في مقاله الذي نشره في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تحت عنوان مرحلة انتقالية عربية مشكوك فيها أن هناك شكلا من أشكال عدم وضوح الرؤية لما ينتظر الحراك العربي في المستقبل, في ظل التطورات الكثير التي تحدث علي الأرض بمنطقة الشرق الأوسط. وعن أسباب هذا القلق الذي يشعر به الغرب تجاه أحداث الثورات العربية, قال الكاتب المتخصص في شئون الإرهاب والشرق الأوسط إن المحللين يحذرون من أن الحراك العربي من أجل التغيير قد يكون من شأنه علي الأرجح تأخير عمليات الإصلاح الاقتصادي التي كانت جارية في دول عربية مثل مصر, بحسب تعبيرهم وأضاف إجناتيوس أن الديمقراطية المنشودة في العالم العربي من شأنها أن تصيب المتظاهرين بالإحباط, فهم قد خرجوا إلي الشوارع من أجل حياة أفضل والحصول علي الوظائف ومن أجل الحرية والتخلص من ملاحقات المخابرات والشرطة السرية, ومن أجل الكرامة الشخصية, والمتظاهرون يريدون تحقيق كل تلك المطالب علي الفور. ثم تطرق الكاتب لمواقف كل دولة علي حدة, فعن سوريا قال إن الرئيس بشار الأسد بدأ يعاني ضعفا, بالرغم من الهجمات المتواصلة التي يشنها جيشه في محاولة لقمع المتظاهرين المحتجين, مشيرا إلي أنه لما شعر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن اللعبة أوشكت علي الانتهاء, سرعان ما دعا الأسد إلي ضرورة التنحي. وأوضح إجناتيوس أن ما يجري في سوريا يوضح المفارقة بشأن الطبيعة التي تنتظر مستقبل العرب. وأضاف قائلا: فشجاعة الشعب السوري علي مواجهة دبابات الأسد شأن جيد لهم, ولكن لا يبدو أن ثمة أجندة واضحة لدي الشعب باستثناء الإطاحة بالأسد وإسقاط نظامه, متسائلا: هل الكرة بشأن المسقبل السوري ستكون في ملعب السنة الذين قادوا الاحتجاجات في الشارع السوري في درعا وحمص وغيرها, أم في ملعب نشطاء الديمقراطية الذي يلتقون في دمشق؟ وأجاب الكاتب الأمريكي بالقول إنه: لا أحد يمكنه التنبؤ بالشكل الذي ستكون عليه سوريا في مرحلة ما بعد الأسد. ومن الداخل السوري إلي الخارج, حيث أوضح الكاتب الأمريكي أن الأزمة السورية يمكن أن تدفع باتجاه حرب إقليمية بالوكالة, فإيران ما زالت تقدم المساعدات للأسد الذي يمثل بالنسبة لطهران الحليف العربي الأول, والذي يدعم استمرار بقاء حزب الله اللبناني. وفي نهاية مقاله, أعرب الكاتب عن أمله في أن تترسخ الديمقراطية في كل من تونس ومصر واليمن وسوريا وبقية الدول العربية, مضيفا أن الديمقراطيات التي تولدها الثورات غالبا ما تحتاج الوقت حتي تأتي بالإصلاح السياسي والاقتصادي, كما أن الحراك العربي والانتقال إلي الديمقراطية في حاجة إلي أجواء من التسامح بدلا من التعصب.