تحقيق- محمدأبوالعينين ظاهرة خطيرة انتشرت علي الأرصفة بشوارع مصر شوادر لبيع اللحوم بأسعار رخيصة, لافتة للنظر مقارنة بأسعار اللحوم لدي محلات الجزارة, خاصة أنها لا تتكلف أعباء الايجار والكهرباء والضرائب, وبذلك تقدم اللحوم بأسعار أرخص. في البداية كانت تباع اللحوم تحت شعار مكافحة جشع التجار والآن تجد علي معظم الشوادر لافتات ترتبط بثورة52 يناير في محاولة للهروب من المساءلة والملاحقة ولاضفاء الشرعية حيث ان كثيرا من شوادر بيع اللحوم غير مرخص ولا يخضع للإشراف البيطري, ولكن الغريب أن أصحاب هذه الشوادر يدعون أنهم يشاركون باقامتهم هذه الشوادر بعد ثورة52 يناير, لمحاربة الغلاء, وتوفير اللحوم لمحدودي الدخل, والواقع أن تلك الشوادر نجحت في وقف ارتفاع أسعار اللحوم, وبذلك تكون قد حققت الهدف منها بعد تشجيع المحافظين علي اقامتها ولكن جاء ذلك علي حساب صحة المواطن المصري لوجود الشوادر في بؤر تلوث خطيرة مع عدم تجهيزها لحفظ اللحوم وعرضها, فأصبحت بيئة صالحة لنمو الميكروبات وظهور أمراض السالمونيلا والأي كولاي والبورسيلا وهي أمراض قد تؤدي للوفاة! الدكتور أسامة سليم رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية نفي وجود أي تنسيق مع الطب البيطري لاقامة تلك الشوادر المخصصة لبيع اللحوم, مؤكدا ان المحليات هي الجهة المختصة بالموافقة علي اقامة شوادر بيع اللحوم, بالرغم من أن الهيئة العامة للخدمات البيطرية أرسلت خطابا للمحليات طلبت فيه عدم اقامة أي شادر لبيع اللحوم إلا بعد موافقة الطب البيطري. وأوضح الدكتور أسامة ان إدارات التفتيش التابعة للطب البيطري بالمديريات تقوم بعمل قوافل للتفتيش والكشف علي اللحوم المعروضة بالشوادر ولكن مع عدم توفير قوات أمن لم يعد هناك تفتيش طبي إلا في حدود ضيقة خوفا من تعدي أصحاب الشوادر والعاملين بها علي مفتشي الطب البيطري, واللحوم المعروضة بالسوق المصرية معروف مصدرها سواء كانت محلية أو مستوردة, ولو وجدت لحوم غير معلومة المصدر يتم إعدامها فورا ومقاضاة بائعها. وأشار الدكتور أسامة إلي أن وجود شوادر بيع اللحوم بمختلف محافظات الجمهورية علي وضعها الحالي كارثة لأنها غير آدمية وغير صحية, موضحا أنها تعد أسوأ طريقة لعرض اللحوم, وقد تم تكليف الهيئة العامة للخدمات البيطرية من قبل الدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة واستصلاح الأراضي بإعداد تقرير عن شوادر بيع اللحوم بجميع مناطق الجمهورية علي أن يشمل حالتها وتجهيزاتها وعمالتها ومدي صلاحيتها لعرض اللحوم بها, مؤكدا انه من الصعب حصر هذه الشوادر لوجود الكثير منها بدون تراخيص. وأكد الدكتور أسامة أن النية تتجه الآن للابقاء علي الشوادر التي تتوافر فيها الشروط الصحية وتنفيذ الجهات الأمنية والمحليات لتوصيات إدارات التفتيش بإغلاق وإزالة الشوادر المخالفة للشروط الصحية والتي تعتبر مصدرا لتلوث تلك اللحوم بالميكروبات وأبخرة وعوادم السيارات. من جانبه أكد الدكتور حسين منصور رئيس مشروع جهاز سلامة الغذاء ان القوانين الحالية للغذاء عاجزة عن مواجهة وضع الشوادر الحالي حيث انها لم تذكر أية شروط خاصة بدرجات الحرارة التي يتم فيها نقل اللحوم وعرضها, فالاداء السييء مرتبط بتشريع رديء وأصبح من الضروري تغيير التشريع لتغيير الأداء موضحا ان هناك ثلاثة قوانين متضاربة خاصة بنقل وعرض اللحوم, وهناك علي سبيل المثال قرار لوزير الصحة لنقل اللحوم بعربات مبردة إذا كانت مجمدة أي أن اللحوم غير المجمدة يمكن نقلها بعربات غير مبردة, كما أنه طبقا للقوانين المعمول بها لا يشترط في المجازر عند بنائها وجود ثلاجات, كل ذلك يوضح أن هناك سلسلة تمر بها اللحوم غير مرتكزة علي قوانين جيدة تؤدي في النهاية لسلامة اللحوم المقدمة للمستهلك. وأكد الدكتور حسين أن كل ما يفكر فيه المسئولون هو توفير اللحوم وبأسعار رخيصة ولكن صلاحيتها للمستهلك لا نفكر فيها, مشيرا إلي أن بعض هذه الشوادر مسئولية الحكومة, وتساءل كيف نطالب القطاع الخاص وأصحاب الشوادر بالالتزام بضوابط لا تلتزم بها الحكومة, موضحا أن شوادر بيع اللحوم قد تكون أحسن حالا من بعض محلات الجزارة. تقول هناء علي بشبرا الخيمة لا نعرف مصدر هذه اللحوم خصوصا أن لونها وشكلها غير مطمئنين ولكن سعر كيلو اللحوم في الشادر معقول بالنسبة لنا فاشتري كيلو لحمة من الشادر بسعر نصف كيلو من محل الجزارة. أما أحمد محمد أثناء سيره أمام شادر بمنطقة أحمد عرابي بشبرا فاشار إلي أن أصحاب هذه الشوادر ليس لديهم شهادة صحية, واستغرب من رخص اللحوم بها لأكثر من نصف ثمنها عن محلات الجزارة, وطالب بفحص طبي لها لحماية صحة المواطنين الغلابة لانهم في النهاية مصريون. وأوضح الدكتور فوزي الشوبكي أستاذ التغذية بالمركز القومي للبحوث ان ذبح ونقل وعرض اللحوم لها مواصفات قياسية لابد من اتباعها وإلا تعرضت هذه اللحوم للفساد والتلوث بكثير من الميكروبات التي تسبب الأمراض, موضحا أنه من المفروض في المذابح أن تتوافر فيها ظروف صحية تضمن ذبح الحيوان دون التعرض للتلوث والتخلص من كل البقايا بطريقة سليمة دون أن تتعرض الذبيحة لأي أضرار, وتنقل هذه الذبائح في سيارات مغلقة ومبردة وغير معرضة للهواء الطلق وعلي عكس ذلك نجد اللحوم تنقل علي تريسكلات وعادة ما تتعرض للتلوث, أما عرض اللحوم فيجب أن يكون في ثلاجات يتم تنظيفها بطريقة صحية وبانتظام وهذا ما لا يحدث في طريقة عرض اللحوم سواء في الشوادر أو محلات الجزارة حيث تعرض للأتربة والغبار في الشارع. وشدد الدكتور فوزي علي أن اللحوم بيئة صالحة لنمو جميع الميكروبات, بل إن الميكروبات تفضل هذه البيئة للتكاثر وهناك الكثير من الميكروبات الضارة من أمثلتها السالمونيلا والشيجلا والآي كولاي وكل هذه الميكروبات تسبب أمراضا خطيرة للإنسان, وأعراضها غالبا تكون اسهالا مزمنا وارتفاعا في درجات الحرارة والغثيان, وأحيانا قد يتطور الأمر لحدوث أمراض تؤدي إلي الوفاة في حالة حدوث عدوي كثيفة وشخص غير قادر علي مقاومة المرض. وطالب الدكتور مدحت الشافعي أستاذ أمراض المناعة بطب عين شمس برقابة قوية علي أعمال الذبح ونقل وعرض اللحوم خاصة بالشوادر المنتشرة بالمناطق الشعبية بالمحافظات, ودعا الدكتور عمرو حلمي وزير الصحة لأن يكون للوزارة دور فعال في التفتيش علي محلات الجزارة والشوادر والتأكد من وجود بطاقات صحية للعاملين بها. وحذر من استهلاك اللحوم المعرضة للهواء الطلق حيث انها تعرض الإنسان لأمراض من بينها البورسيلا الحمي الملطية والسل وذلك نتيجة الغبار الذي يصل إليها وعودام السيارات, موضحا أن هناك أنواعا من البكتيريا لا تموت بغلي اللحوم, وانه بخلاف ما تتعرض له اللحوم من أتربة وغبار وغيره فان بعض أصحاب محلات الجزارة والشوادر يضعون علي اللحوم بودرة البارود لزيادة احمرار اللحوم للإقبال علي شرائها وهذه البودرة تؤدي لتسمم نيتروجيني في بعض الأحيان يكون قاتلا.