نجح المستشار ممدوح مرعي وزير العدل السابق, في استصدار تعديل قانون علي القانون47 لسنة7002 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض, مستحدثا به تجربة لمدة خمس سنوات تتولي فيها محكمة استئناف القاهرة الاختصاص بالفصل في الطعون بالنقض علي الأحكام الصادرة في مواد الجنح من محاكم الجنح المستأنفة, حيث تولت المادة63 مكرر تخصيص دائرة أو أكثر من دوائر الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة لنظر الطعون المذكورة, وذلك بدعوي العمل علي مواجهة تكدس الطعون في أحكام تلك الجنح المستأنفة أمام محكمة النقض وصولا إلي تحقيق عدالة منجزة, وجعل ذلك الاختصاص مؤقتا لمدة خمس سنوات, تسترد بعدها محكمة النقص اختصاصها الشامل علي الجنايات والجنح معا, وذلك علي حد ما ورد بالمذكرة الإيضاحية. ويعد هذا التعديل صورة من صور الفساد في التشريع, حيث تغاضي وزير العدل ومجلس الشعب الذي وافق عليه عن عدم دستورية تلك التجربة, لمخالفتها أحكام المواد14 من دستور1791 قبل سقوطه بشأن حماية وصيانة الحرية الشخصية كحق طبيعي, و34 التي منعت إجراء أي تجربة عملية علي أي إنسان بغير رضائه الحر, و86 التي أعطت لكل مواطن حق الالتجاء إلي قاضيه الطبيعي. إذ لا يصح أن تكون الحرية الشخصية للمواطن التي تعد من قبيل الحق الطبيعي, مجالا لتجارب عملية, في مجال التقاضي, حيث يتم اسناد ولاية نظر الطعن بالنقض في الطعون الصادرة من محاكم الجنح المستأنفة لمدة خمس سنوات لقضاة محكمة الاستئناف بدلا من قضاة النقض, بغير رضا صاحب الشأن, حتي إن خير المشرع الطاعن بين الطعن أمام الدوائر التجريبية وبين الطعن أمام محكمة النقض فإن ذلك الخيار يقع غير دستوري, كونه ينال من الحق في التقاضي أمام القاضي الطبيعي. وتناسي وزير العدل السابق إن تحقيق العدالة المنجزة, والعمل علي مواجهة تكدس الطعون أمام محكمة النقض, مجاله الحقيقي يكون في العمل علي حماية الحرية الشخصية, وليس سلب اختصاص محكمة النقض. ومنع التكدس يكون بالعمل علي منع أسبابه, ولمنع أسبابه, في نظرنا فإن الأمر يستوجب بداية إلغاء عقوبة الحبس المقررة علي الاخلال بالالتزامات التعاقدية, اتفاقا وحكم المادة11 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المعد جزءا لا يتجزأ من التشريعات المصرية, بعد أن تم نشره في الجريدة الرسمية بمقتضي قرار رئيس الجمهورية635 لسنة1891, تلك المادة التي تعد ليست جزءا من القوانين المصرية فحسب, وإنما تعد جزءا من الدستور المصري كما ينبغي أن يكون, وليس من الدستور المصري القائم فحسب. وعليه فلا يجوز فرض عقوبة الحبس علي إصدار شيك لا يقابله رصيد سواءا كان شيكا وفائيا أم ائتمانيا, وكذلك لا يحق أن نفرض عقوبة الحبس علي جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها في المادة143 عقوبات عند الاخلال بالالتزامات التعاقدية في العقود الخمس المنصوص عليها في تلك المادة علي سبيل الحصر. وهذا الأسلوب المنهجي من قبل المشرع المصري, وبتطبيقه من قبل القاضي المصري, ضد فئة من فئات الشعب وهم جمهور المدينين وتعمد حبسهم بمقتضي قوانين تتعارض وحكم المادة11 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية, يعد ذلك الأسلوب صورة من صور الجرائم ضد الانسانية وفقا لمواد التجريم الوارد في قانون المحكمة الجنائية الدولية, خاصة أنه نتيجة لذلك الأسلوب المنهجي فقد تم حرمان8 ملايين مواطن مصري من الحق في الترشيح والانتخاب بسبب صدور مالا يقل عن03 مليون حكم جنائي تجاههم. قيام المجلس العسكري بصفته المشرع في ظل إعلان دستور03 مارس بإلغاء عقوبة الحبس في تلك المواد وغيرها, يتفق وحقيقة أن الذمة المالية مستقلة عن شخص صاحبها, ولا ينسجم مع القانون أن نمنع في قانون المرافعات الحجز علي جاموسة الفلاح كونها مصدر ارتزاقه, ثم نلقي بالفلاح نفسه في السجن بسبب إصداره شيكا لبنك التسليف الزراعي لا يقابله رصيد! إلغاء عقوبة الحبس في تلك القضايا يؤدي إلي إنهاء تكدس القضايا, إذ عندها سنقضي علي08% من حجم القضايا من أمام محاكم الجنح والجنح المستأنفة والنقض الجنائي, ونعيد الحق في الترشيح والانتخاب لثمانية ملايين مواطن. إلي جانب أن قيامه أيضا بإنهاء تجربة سلب اختصاص محاكم النقض, بموجب تشريع ينهي العمل بتلك التجربة علي أن يقضي التشريع الجديد باعتبار الطعون التي نظرتها دوائر محاكم الاستئناف بمحكمة القاهرة, وقضت فيها بالإلغاء والإعادة, أو الإلغاء والبراءة, نافذة تمشيا مع قاعدة الحكم الأصلح للمتهم. وأما الطعون التي قضي فيها بالسقوط أوبقبولها شكلا ورفضها موضوعا, فيعاد نظرها أمام محكمة النقض, مع وقف تنفيذ العقوبات التي قضي بها, حتي تنظرها محكمة النقض من جديد. وفائدة أخري تعود علي مصر الثورة بموجب التشريع المقترح, هو تفرغ دوائر محاكم الاستئناف لنظر الجنايات التي ارتكبها أركان النظام البائد.