زادت العصبية والتوتر والتشنج بين الناس, والمتهم الرئيسي في تعميم هذه الحالة ذلك الجهاز الذي يشاركنا معيشتنا, التليفزيون, بعد أن تضاءلت فيه المواد الترفيهية, واتسعت مساحة برامج التوك شو والبرامج الكلامية التي تعكس الوضع الذي وصلنا إليه, كتب علينا السهر يوميا مع الهموم والمشاكل والخناقات, والاتهامات التائهة بين الصدق والإدعاء, والبطولات الحقيقية والزائفة, وكم ضخم من الفساد, مما أصاب المشاهدين بحالات من التوتر وارتفاع ضغط الدم, ومزيد من الاحباط, أصبح المتفرج يستجدي الابتسامة وراحة البال, ويمسك بالريموت بحثا عن برامج تخفف من الحصار المفروض عليه بين المشاكل اليومية والسهرات الفضائيات الكلامية الاكتئابية, متطلعا لقليل من التفاؤل. شهدت الفترة الأخيرة انقساما وانفلاتا في الفضائيات, كما هو الحال في الشارع, ابتعد بعضها عن الحيادية, وتمسك بعضها بالمهنية في نقل الحدث وتحليله وتفسيره وكشف الحقيقة, فخفتت أسماء, ولمعت اسماء وازدادت بريقا لإنها الأكثر جرأة ومهنية وثقة واجتهادا وثراء فكريا وتلقائية وحيوية وثورية ومناغشة مثل يسري فودة ودينا عبد الرحمن وإبراهيم عيسي مني الشاذلي وعمرو الليثي ومحمود سعد وريم ماجد ومعتز الدمرداش وبلال فضل ووائل الإبراشي وأحمد المسلماني, مع لباقة شريف عامر وطفولية لبني عسل واستفزاز مفيد فوزي وهدوء محمود الورواري وفطرية جابر القرموطي, وهالة سرحان الأكثر مبالغة وشماته في النظام السابق مما يخرجها كثيرا عن الحيادية, وتقلب عمرو أديب, وتوفيق عكاشة صاحب الأداء الهزلي, وصراخ وتشويح لميس الحديدي, وريهام السهلي المتيمة بروكسي ومجموعة أحنا أسفين يا ريس, ثم الأكثر ضعفا وتحريضا علي أهله وناسه التليفزيون المصري. مع كل ذلك يبقي الأمل والحلم بغد أفضل.