ما سأل عنه صاحب رسالة «لماذا يا أمي» متعلقا بدعاء أمه عليه، وعما إذا كان يجاب إلى ما دعت، أقول: إن نصوص الشرع تفيد أن الله تعالى لا يستجيب لمثل هذا الدعاء، لما أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم»، ومن دعت على ولدها بالدعاء الوارد فى البريد، دعت بما هو إثم، وما يقضى إلى قطع الرحم: وقد نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستجاب لدعاء يتضمن ذلك، ومثل هذا الحديث ما أخرجه الترمذى من طريق حسن صحيح من حديث عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا أتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم»، ومفهوم المخالفة لهذا الحديث تفيد أن من دعا بإثم أو قطيعة رحم كالدعاء الوارد بالبريد، لا يجاب إلى دعوته، ولا يصرف عنه من السوء مثلها، وهذا يقتضى من السيدة التى استثارها زواج ابنها أن تستغفر الله تعالى على ما أذنبت من دعائها عليها، فإنها أثمت به، وأما عن الشق الثانى من السؤال وهو: هل الدين يشترط رضاء الوالدين على زواج ابنهما البالغ العاقل الرشيد، ولا يجوز شرعا أن يطيعهما فى إنهاء عقد نكاح من تزوج بها، للعلة العليلة التى ذكرت فى البريد، فما أخرجه مسلم من حديث على بن أبى طالب أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الطاعة فى المعروف»، وطلب الوالدين من ابنهما مفارقة مخطوبته أو زوجته، ليس من المعروف، فلا تجوز طاعتهما فيه، ومن واقع ما ورد فى البريد من وصف صاحبه لخلق زوجته، أنه اتبع ما حض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الظفر بذات الدين، وكان واجب الوالدين أن يباركا هذا الاختيار، بدلا من التنفير منه، وإذا كان ابنهما ركن إلى هذه الزوجة، فتلك حياته التى ارتضى أن تشاركه فيها هذه الزوجة، وأولى بهما أن يعيناه على برهما بدلا من السعى إلى القطيعة وإغرائه بعقوقهما. أ.د. عبدالفتاح إدريس الأستاذ بكلية الشريعة جامعة الأزهر عضو مجمع فقهاء الشريعة