يعد مستشفي الحسين الجامعي واحدا من القلاع الطبية القديمة, لعدة أسباب, الأول أنه الحقل التعليمي لأطباء وخريجي كليات طب الأزهر.. والثاني أنه يعالج يوميا ألف مريض. وتجري به056 عملية جراحية تقريبا, ومئات الحالات من التحاليل والأشعة وغير ذلك.. والسبب الثالث أنه يجب أن يلعب دورا بحثيا علميا ربما لا يقوم به الآن نظرا للظروف المادية وأحوال المستشفي الذي يعاني نقصا في الأجهزة والتمريض والأدوية, فضلا عن تهالك أسرته وبعض أبنيته. باختصار مستشفي الحسين حامي حمي فقراء الحسين وباب الشعرية والجمالية والدراسة يستغيث ويطلب المعونة من المسئولين. لانجد خيوطا في البداية يقول الدكتور حلمي شلبي أستاذ أمراض الباطنة بكلية طب الأزهر: الخدمة التي يقدمها مستشفي الحسين الجامعي تفوق الوصف, والإمكانات الموجودة في مستشفي الحسين الجامعي سيئة جدا, فالمريض الذي تجري له عملية جراحية لا يجد الدم الذي يحتاج إليه, كما لا يجد الطبيب المعالج له الخيط الجراحي ولا الأبرة التي يخيط بها, ويعاني نقصا شديدا في الأدوات الطبية والكثير من الأساتذة يذهبون إلي الجمعيات الخيرية لطلب الدعم والمساعدة, وهذا الوضع كان قائما قبل أحداث ثورة52 يناير. ويستكمل د. حلمي شلبي مؤكدا أن مستوي الحكيمات متدن جدا والكثيرات منهن غير قادرات علي ضرب ابرة في العضل أحيانا. كما أن الأسرة الموجودة في قسم الباطنة لا تصلح للاستخدام ولم توافق الإدارة علي استبدالها برغم ما ينفق من أموال علي تطوير المكاتب, وما تم من تطوير لعشرات الأسرة تم بالجهود الذاتية, ومازال حتي الآن يوجد العشرات من الأسرة المتهالكة تحتاج إلي استبدالها فورا. ويؤكد الدكتور حلمي شلبي أنه علي الرغم من تدني مستوي الإنفاق, فإنه لا يوجد مريض واحد طرق باب المستشفي طلبا للعلاج وطرد أبدا لأن الأساتذة يدركون أن المستشفي يوجد في وسط عدة أحياء شعبية وفقيرة وكلها تحتاج إلي الخدمة الطبية المجانية, ولذا يجب علي المسئولين توجيه الأموال إلي تطوير الخدمة الطبية وزيادة دخل الأطباء الشباب والحكيمات وذلك بنسب بسيطة والباقي من الدخل يوجه للإنفاق العام للمستشفي, ثم يأتي بعد ذلك ضرورة وجود دعم مناسب للمريض الفقير حتي ينام علي سرير آدمي ويحصل علي تغذية جيدة باعتباره المستشفي من أهم مستشفيات الفقراء في مصر لأن المريض الغني لن يدخل المستشفي الجامعي إلا إذا وجد به مكان جيد ينام فيه وخدمات تمريضية تناسبه. أما الدكتور أحمد فاهم نائب المدير العام لمستشفي الحسين فيقول: وظيفة المستشفي الجامعي تنحصر في ثلاثة أدوار هي تعليمي وبحثي وعلاجي. والمستشفي الجامعي المفروض أن يكون لديه نوع من الاختيار, وأن ينتقي الحالات التي تدخل عنده لخدمة العملية التعليمية والبحثية, ذلك لأن دور المستشفي الجامعي بالمقام الأول ليس علاجيا ولكن مع مرور السنين أصبحت المستشفيات الجامعية محلا لثقة المجتمع لما بها من أساتذة أكفاء وعلماء في كل المجالات, وأصبح لدي الناس أفضلية تجاه هذا المستشفي وبالتالي فالمستشفي الجامعي خرج عن دوره الرئيسي, وهذا غير منطقي. ويضيف الدكتور أحمد فاهم الأستاذ بالمستشفي: ليس مطلوبا من المستشفيات الجامعية أن تقوم بإجراء عملية لمريض إلا بهدف من وراء هذه العملية يتمثل في تعليم النائب أو الطبيب وتدريبه خاصة أنه يتقاضي راتبه من الجامعة ودخله العلاجي الذي قام به هو دور غير مدفوع, وهنا يوجد تعارض لأن أستاذ الجامعة جاء إلي المستشفي الجامعي للقيام بدور تعليمي فقط, وليس للدور العلاجي, وكون المستشفي الجامعي يقدم خدمة علاجية مجانية وبلا أجر للأساتذة فيجب علي وزارة الصحة أن تساند هذا الدور العلاجي بزيادة تمويل المستشفيات الجامعية وليس التفكير في الاستحواذ علي هذه المستشفيات أو التفكير في خصخصتها حتي تستمر في أداء دورها. عقد جيد وحول وجهة نظره في الدور الذي يلعبه المستشفي التقينا الدكتور حسين متولي مدير عام مستشفي الحسين الجامعي فقال لنا: إنه تم توقيع عقد بين التأمين الصحي والهيئة العامة للمستشفيات الجامعية, وهو عقد اختياري لكل المستشفيات الجامعية التي تمتلك إمكانات معينة لعلاج مريض التأمين الصحي داخل المستشفي الجامعي, وهذا العقد يعتبر إنجازا لأن مريض التأمين الصحي لا يجد خدمة متميزة في مستشفيات التأمين الصحي, فضلا عن أن عدد هذه المستشفيات محدود وعدد الأفراد المؤمن عليهم كبير جدا, ويوجد لدينا عدد كبير من المستشفيات الجامعية التي تتميز بوجود مستوي مهني عال جدا. وإذا كان الفرد لا يشمله التأمين الصحي فسوف يحصل علي الخدمة العلاجية مجانا, كما هو الحال الآن, أو بقرارات علاج علي نفقة الدولة, وفي النهاية يحصل المستشفي علي قيمة العلاج لمريض التأمين الصحي, والذي كان يحصل عليها مجانا برغم أنه تحت مظلة التأمين الصحي ويستفيد مريض آخر بالعلاج المجاني, وهذا يعني أن التأمين الصحي سوف يتحمل فاتورة العلاج بدلا من أن يتحملها المستشفي مجانا وهذه ميزة بالنسبة للمستشفي الجامعي. ويتضرر الدكتور حسين متولي من النقص الشديد في طاقم التمريض, مشيرا إلي أن النسبة العالمية وجود ممرضة لكل اثنين من المرضي, وفي مستشفي الحسين النسبة ممرضة لكل عشرة من المرضي, وهذه نسبة مرتفعة جدا, وتسبب مشكلة كبيرة لنا خاصة في الأعياد والمناسبات, فضلا عن تدني مستوي الأجور للتمريض بصفة عامة. ويؤكد الدكتور حسين متولي أن المستلزمات الطبية غير متوافرة بالكامل, وكذلك الأدوية لا تكفي حاجة الناس وهو ما يجعلنا نأتي بأدوية رخيصة الثمن وهي تنعكس علي كفاءة العلاج, والغرفة التي تحتاج إلي ثلاثة مرضي نضع فيها خمسة أفراد نتيجة للضغط الشديد علي المستشفي.