تسود الأسواق المالية العالمية موجة قلق جديدة حيث شهدت البورصات العالمية تراجعا ملحوظا خلال الفترة الماضية, ومازالت ضغوط التراجع تسيطر علي أداء أغلب أسواق الأسهم. فقد اسهمت المخاوف من عدم قدرة الاقتصاديات علي تخطي أعنف ازمة أصابت العالم في تراجع أداء الأسواق التي تخشي من تحرك الحكومات في المرحلة المقبلة نحو إلغاء إجراءات التحفيز الاقتصادي التي تمثل المحفز الرئيسي لتزايد الثقة, اضافة إلي حال الأوضاع المالية العالمية التي لاتزال تعاني من خلل في الأنظمة المالية. هذا فضلا عما حذر منه بعض الخبراء بشأن بعض الديون السيادية ومواجهة مفاجآت غير محمودة في هيكل الوظائف, التي ستكون من الاهتمامات الأولي للمتعاملين في البورصات العالمية. برغم التفاوت بين اوساط المحللين والخبراء فان اغلبهم أجمعوا علي إيجابية سوق الأسهم مع التوقعات بتفوق أدائها علي السندات الحكومية وسندات الشركات, وان تستفيد الأسهم من النمو المتسارع للأسواق الآسيوية بصفة خاصة, وان منطقة آسيا ودول حوض المحيط الهادي هي الوجهة المفضلة للتوجهات الاستثمارية, تليها الولاياتالمتحدةالأمريكية. هذا في الوقت الذي طغت فيه الأزمة علي الكثير من الاقتصاديات خاصة أوروبا التي من المتوقع ان تشهد تراجعا شديدا متأثرا بالمخاوف حيال تدهور إقتصاد اليونان الذي يعاني عجزا بالميزانية يفوق12% وتشير معلومات أخري إلي ان بلجيكا وايطاليا وايرلندا وإسبانيا في طريقهما إلي نفس دائرة الخطر. ويبقي اليورو متأثرا بالمخاوف حيال تدهور الأموال العامة في منطقة اليورو مالم تتحد دول أوروبا للحفاظ علي منظومتها المالية, وقد يحظي الدولار بدعم مع الانتعاش الاقتصادي العالمي ويبقي ملاذا للمستثمرين. ويري المحللون ان هناك عدة عوامل تضافرت مع بعضها البعض لتسهم في حالة التوتر والتباين في وجهات النظر بين المراقبين والتي تعيشها الأسواق العالمية حاليا. فعلي مستوي أسواق الأسهم في دول غرب أوروبا بلغت انخفاضات مؤشر( داو جونز ستوكس600) المعني برصد اداء تلك الأسواق حوالي2.4% وذلك منذ بداية العام الحالي, كما تأثرت أغلب أسواق الأسهم العالمية كرد فعل للخطة الأمريكية التي تدعو لتقييد تعاملات البنوك الاستثمارية في الأصول أو التعامل بحساباتها المصرفية في أسواق المال لتقليص احتمالات المخاطرة. كما تأثر اداء الأسواق في شرق آسيا بالتوقعات التي ترجح إمكانية إقدام الصين علي اتخاذ خطوات جديدة للحد من سرعة نمو اقتصادها بعد تجاوز تداعيات الأزمة العالمية. وقد تتأثر أوروبا عموما بذلك, وبدا ذلك واضحا من خلال انكماش الفجوة بين المانيا والصين حيث أصبحت الأخيرة علي رأس قائمة المصدرين عالميا. من ناحية أخري اعلن البنك المركزي الأوروبي عن انهاء بعض العمليات غير التقليدية خصوصا وقف عمليات التمويل طويلة الأجل والتي تمتد لفترة12 شهرا, وايضا العمليات لأجل متوسط ستة أشهر ابتداء من شهر مارس المقبل. ويري الاقتصاديون ان تقليص السيولة الزائدة سيصبح مع مرور هذا العام عاملا مؤثرا في تطور الأسواق, وان اسواق السندات ستتأزم اعتبارا من منتصف2010 بعد أن يتم العمل بوقف السياسات النقدية غير التقليدية. وتتمثل أكثر القطاعات تأثيرا وتأثرا بالأسواق المالية قطاعات التكنولوجيا والصحة, وان يتفوق اداء الأسهم في قطاعات النفط والغاز والمواد الأساسية والصناعة عن اداء الأسهم في القطاعات الأخري. ويرجح الخبراء ان الاهتمام بالصكوك وأدوات التمويل الاسلامية في الدول الغربية سيزداد في وقت تقيد فيه الأزمة العالمية وسائل التمويل التقليدية, وقد توقع تقرير مالي تسجيل هذه الصكوك في البورصات الرئيسية مثل بورصة لندن ويور ونكست خلال العام الحالي. وتوقعت الدراسات أن يصل حجم الودائع والأصول المالية لهذه الصكوك في نهاية العام الي حوالي500 مليار دولار يستثمر منها25% في منطقة الشرق الأوسط و75%, في جميع انحاء العالم. وعلي الجانب الأخر فقد أسهمت عودة الأسواق العالمية إلي التحسن مجددا بعد موجة التراجعات والتقلبات السعرية التي شهدتها مؤخرا, إلي ان تحسن الاقتصاد العالمي يمكن تحقيقه الا ان اتجاهات الأسواق سوف تفرض وبشكل متزايد قواعد اللعبة الاقتصادية خلال الفترة المقبلة.