التبشير السياسي والإعلامي! بعض الذي يكتب ويقال هذه الأيام تحت رايات تدعي انتسابها للثورة يحوي من الشطط بأكثر مما يتضمنه من أفكار ورؤي, وذلك أمر لايساعد علي ترسيخ مناخ الديمقراطية. إن المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر الآن تحتاج من النخب السياسية والحزبية أن تحسب وأن تزن كل كلمة لكي تكون نموذجا يحتذي به في الفهم والإدراك لمتطلبات هذه المرحلة الدقيقة. إن بعض ما يكتب ويقال هذه الأيام يبدو بعيدا وبعيدا جدا عن الرؤية الصحيحة لحجم التحديات والمخاطر, وما تتطلبه هذه التحديات والمخاطر من تفعيل لمنهج الحوار واحترام الرأي الآخر بدلا من التفرغ لمساجلات هزلية ومجادلات عقيمة, تغلب علي معظمها لغة الصراخ والسب, وتستخدم فيها مفردات التجريس والتشهير, ومن ثم تؤدي لتغليب أجواء التعصب والجمود الفكري وزرع بذور التشكيك في مرحلة تحتاج فيها مصر إلي التكاتف والتآزر والتلاحم. إن تحديات المرحلة الراهنة- والمقبلة- لا تخفي علي أحد, ومن ثم فإنه يفترض أن تمثل تحديا للجميع من أجل حشد وتجييش الرأي العام في الاتجاه الصحيح من خلال برامج حقيقية تؤدي إلي تعميق التواصل بين جميع القوي السياسية لكي يكون العمل الوطني في الإنتاج والخدمات عند مستوي الحلم والطموح لدي شباب أطهار فجروا الثورة بعيدا عن أية انتماءات حزبية أو دينية. إن الرأي العام يريد أن يري حياة سياسية تنعكس انعكاسا مباشرا علي حياته اليومية وطموحاته المستقبلية, بحيث تتسابق القوي الفاعلة في المجتمع علي عرض برامجها الواقعية القابلة للتنفيذ علي أرض الواقع بدلا من استمرار إضاعة الوقت والجهد في معارك جدلية لا طائل من ورائها, فالمطلوب علي وجه السرعة استراتيجية للتبشير في صورة عمل وإنجاز وليس في صورة غضب ومزايدات, خصوصا في ظل أوضاع صعبة تتطلب الاقتراب الصحيح من مشكلات الجماهير وإثبات الجدية علي الإسهام في حلها بآراء ومقترحات سديدة. وأيضا فإن الرأي العام يحلم باليوم الذي تصبح فيه الساحة الإعلامية والسياسية بمثابة نافذة تطل علي المستقبل وتستشرف كيفية التعامل مع الغد بأكثر من كونها ساحة يجري استثمارها للتقليب في دفاتر الماضي وفتح المعارك لتصفية الحسابات... والمسألة ليست صعبة ولا هي مستحيلة إذا أيقن الجميع أن الخيار الوحيد هو خيار المصلحة الوطنية العليا فقط! خير الكلام: إذا كانت الطباع طباع سوء فلا أدب يفيد ولا أديب! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله