رئيس جامعة المنيا يشهد حفل ختام الأنشطة الطلابية لكلية التربية الرياضية    غدا.. نقابة الأطباء البيطريين تحتفل بيوم الطبيب بدار الأوبرا المصرية    ماذا قالت إسبانيا بعد قرار إسرائيل تجاه قنصليتها في القدس المحتلة؟    القاهرة الإخبارية: خسائر قطاع غزة تقارب 33 مليار دولار وتهدم 87 ألف وحدة سكنية    وزير الدفاع اللبناني: الدفاع عن الأرض سيبقى خيار الدولة اللبنانية    بوليتيكو: معظم دول الاتحاد الأوروبي لن تقدم على المساس بأصول روسيا المجمدة    الشناوي يثير الجدل قبل نهائي أفريقيا: معندناش مشاكل والصحافة المصرية تصنعها    نجم مانشستر يونايتد يعلن موقفه النهائي من الانتقال إلى السعودية    لاعب ليفربول السابق: صلاح قادر على تكرار إنجاز رونالدو    قرار عاجل من جوميز قبل مواجهة الاتحاد السكندري في الدوري    طلاب الدبلومات الفنية يؤدون امتحاني اللغة العربية والتربية الدينية غدا بدمياط    شقيقة فتاة التجمع: النيابة أحالت القضية لمحكمة الجنايات.. والقرار دليل على إدانة السائق    هل انتهت الموجة الحارة؟.. مفاجآت سارة من الأرصاد للمصريين    الجمعة أم السبت.. متى وقفة عيد الأضحى 2024 وأول أيام العيد الكبير؟    الفيلم المصرى رفعت عيني للسما يحصل على جائزة أفضل فيلم تسجيلي بمهرجان كان بدورته 77    أبرز رسائل التهنئة بعيد الأضحى 2024    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    هيئة الرعاية الصحية تشارك في مبادرة الاتحاد الأوروبي بشأن الأمن الصحي    الأهلى يكشف حقيقة حضور إنفانتينو نهائى أفريقيا أمام الترجى بالقاهرة    مجلس الشيوخ يناقش أموال الوقف ونقص الأئمة والخطباء ومقيمي الشعائر.. الأحد    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    التموين تستعد لعيد الأضحى بضخ كميات من اللحوم والضأن بتخفيضات 30%    مصرع وإصابة 3 أشخاص في الشرقية    بوليتيكو: واشنطن تدرس القيام بدور بارز في غزة بعد الحرب    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    وفاة شقيقة الفنانة لبنى عبد العزيز وتشييع جثمانها اليوم    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    بطولة عمرو يوسف.. فيلم شقو يقفز بإيراداته إلى 72.7 مليون جنيه    هل تراجعت جماهيرية غادة عبدالرازق في شباك تذاكر السينما؟.. شباك التذاكر يجيب    رئيس جامعة المنيا يشهد حفل ختام أنشطة كلية التربية الرياضية    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    قافلة الواعظات بالقليوبية: ديننا الحنيف قائم على التيسير ورفع الحرج    بالفيديو.. متصل: حلفت بالله كذبا للنجاة من مصيبة؟.. وأمين الفتوى يرد    3 وزراء يجتمعون لاستعراض استراتيجيات التوسع في شمول العمالة غير المنتظمة    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    الجيش الأمريكي يعتزم إجراء جزء من تدريبات واسعة النطاق في اليابان لأول مرة    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن منطقة هضبة الأهرام مساء اليوم    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    تعرف على مباريات اليوم في أمم إفريقيا للساق الواحدة بالقاهرة    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق سيوة - مطروح    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    انطلاق امتحانات الدبلومات الفنية غدا.. وكيل تعليم الوادى الجديد يوجه بتوفير أجواء مناسبة للطلاب    أخبار الأهلي : دفعة ثلاثية لكولر قبل مواجهة الترجي بالنهائي الأفريقي    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    «العدل الدولية» تحاصر الاحتلال الإسرائيلي اليوم.. 3 سيناريوهات متوقعة    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    إصابة 5 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة بسور محطة مترو فيصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنبل ما فينا وأسوؤه‏!‏

سنظل مدينين دوما لثورة الخامس والعشرين من يناير لأنها كشفت الغطاء عن أنبل ما في شباب مصر‏,‏ وأنبل ما في شعب مصر كله بعد التفافه من حول هذه الثورة من رصيد العزة والكرامة والكبرياء‏, والقدرة علي كسر حاجز الخوف الذي ران علي النفوس آمادا طويلة وانطلاق الشعور الجسور الفياض بالهوية المصرية والانتماء العميق للوطن.
وكان أنبل ما رأيناه ولمسناه وعشناه, هو أولا هذا الشباب الذي لم نكن نصدق أنه شبابنا, وهذا الوعي الذي لم يتصور أحد منا نحن المحيطين والشكائين الممرورين, الذين بحت أصواتهم وكتاباتهم وإبداعاتهم في الشعر والرواية والقصة والمسرح والسينما وغيرها طيلة عقود من الزمان ولم يتصور أحد منا أن هذا الشباب يمتلكه ويختزنه, ويسلطه علي الأوضاع والأحداث والمواقف,فإذا به يعريها من زيفها وخستها وفسادها وبؤسها, وينفذ إلي قلب النظام الجاثم فيها, وإلي زبانيته ولصوصه وطغاته وخدمه, لنراه جميعا مجللا بالعار والفضيحة والذلة والهوان.
وكان أنبل ما فينا أننا قمنا بعزيمة رجل واحد ونداء واحد متلاصقين متوحدين متجمعين متلاحمين يضمنا هتاف واحد ونداء واحد وتصميم واحد تجسد في هذه الكلمات الأربعة: الشعب يريد إسقاط النظام.
كانت القدر تغلي وتفور علي نار متوهجة, فيصبح القاع سطحا والسطح قاعا, وتحتدم شعلة الوطنية الجارفة في سبيكة فريدة, لم تعرفها ثورات الشعوب من قبل, وهي تقدم هذا النموذج الباهر الذي سرعان ما هز العالم, وجعله يدعو إلي دراسته والاستفادة من آلياته ووسائله وقدرته الفذة المدهشة علي تحقيق أهدافه.
لكن القدر التي تغلي وتفور, تكشفت أيضا يوما بعد يوم, وأسبوعا بعد أسبوع, عن خبث كان يمعن في التخفي والاختباء والتنكر, لا يستطيع المواجهة في النور والعلن, ولا يقوي علي المعارضة الواضحة والصريحة, لكنه كأي خبث يجد فرصته في بث السموم وتعويق الخطي وتلويث الرداء الأبيض النقي للثورة. وسرعان ما تجسد هذا الخبث فيما سمي بالثورة المضادة التي يحركها من تعرضت مصالحهم وأوضاعهم الفاسدة ومكاسبهم غير المشروعة لضربة ساحقة ماحقة, فتجمعوا من كل حدب وصوب, ليدافعوا عن الفرصة الأخيرة والرمق الأخير, وبدأنا نتابع ما يسمي بالبلطجة, وقطع الطرق, وبث الرعب والفزع, ونزع الأمان والطمأنينة من القلوب, وترويع المواطنين, لعلهم يترحمون علي أيام الماضي الأسود, ويقارنون بين الواقع الذي تشظي وتفتت واندلعت حرائقه, والأمس الذي كانوا يلتفون بعباءاته, في حين أنه كان يمتص أرواحهم ويخنق أنفاسهم ويسرق أرزاقهم ومستقبلهم وثروات وطنهم: أرضا وحرية ومالا وسكنا وبترولا وغازا وعناصر حياة.
وكانت الثورة بهذا المعني سببا في الكشف عن أسوأ ما فينا, لدي من أطلق عليهم فلول النظام الذي سقط, وحزبه الذي اندثر وسقط تحت الأقدام, والمتربصين بالوطن في وقت غاب فيه رجل الأمن لأسباب لا تزال غير مقنعة فانقضوا علي الآمنين في أماكن ومواقع شتي, واستغلوا المناطق المكدسة بالعشوائيات, المهيأة للاشتعال والانفجار والهياج والفتنة في كل لحظة, يمارسون من خلال هذا كله أحقادهم ومباذلهم وبلطجتهم, مسلحين بما نهبه المسجونون الهاربون من سجونهم من سلاح, وفي المقابل كان حرص كثيرين علي اقتناء السلاح بأية طريقة, حتي يستشعروا بعض الأمان في غيبة الشرطة والقانون, وأصبح في أيديهم في وقت واحد أسلحة مسروقة من أقسام الشرطة ومتاجر السلاح التي تحطمت, وأسلحة مشتراة بأرخص الأسعار يتاجر فيها المئات من مروجي السوق السوداء استغلالا لخوف الناس وحاجتهم الماسة إلي الأمن.لكن هذين النقيضين المتصارعين اللذين فجرتهما الثورة: النبل والسوء, والوطنية والبلطجة, ورموز الحرية وذيول الفساد, ليسا أسوأ ما نعايشه اليوم. لقد أخذ الصراع بين الثورة وأعدائها منحي أشد وأنكي. فيما تزدحم به صحافة الثرثرة والنمنمة, واختلاق القصص والحكايات الفجة أملا في اقتناص قارئ ساذج ورغبة في زيادة التوزيع, وما تمتلئ به برامج التوك شو في الفضائيات والقنوات التليفزيونية وسهرات الحوار الذي ينقلب كثيرا إلي صراع ديكة, وما ينطلق في المجتمع من شائعات تنمو وتتعاظم وتكتسب حجيتها ومصداقيتها في التنقل من فم إلي فم ومن متشكك إلي آخر, كل ذلك أصبح وجها من وجوه تجليات حالة الفساد والكشف عن أسوأ ما فينا, أقصد ما في هذه الفئة الفاسدة البعيدة عن نبل الشباب ونقائه وطهارته. وأمضي قليلا مع بعض تجليات هذا الفساد الذي يسمي حوارا, لقد أعدنا إنتاج ما كان يسود إعلام مبارك من قصر الرسالة الإعلامية علي أسماء معينة ووجوه معينة تتكسر في كل ليلة وعبر كل البرامج, ولا تزيد علي عشرين اسما كانوا هم خلاصة مصر في كل شيء: السياسة والمجتمع والفن والثقافة. ها نحن الآن نختزل مصر مرة أخري ونفرض علي الناس وجوها لا تقترب من العشرين في العدد, تنتقل بين فضائية وأخري, وبرنامج توك شو وآخر, وينتهي أحدهم من برنامج في قناة ما يلهث مسرعا من أجل الظهور في برنامج آخر في قناة أخري, وبعضهم يعطيك الانطباع بأنه بات مع القناة حتي الصباح ليبدأ يومه الجديد بالوقوف علي أبواب الاستديو من جديد وهكذا. ألا يدرك هؤلاء أن ما يقولونه قد أصبح مكرورا ومقيتا, وأن البضاعة التي يعرضونها نتيجة الإسراف والتكرار قد أصبحت كاسدة وممجوجة, وأن رد الفعل الطبيعي لرؤيتهم في كل ليلة, وفي كل سهرة, أصبح يصيب الناس بالرهق والاختناق, والإحساس بأن الوطن كله قد اختزل في هؤلاء الذين يكافحون فضائيا من أجل مزيد من الشهرة والأضواء ولفت الانتباه.
ومن أسوأ ما فينا ولدي بعضنا ما يسمي بغيبة الوعي فيما يؤمن به البعض ويدعو إليه, وتمسك بفرض رأيه علي كل رأي آخر, وادعاء بأنه رأي الناس والوطن, وأنه وحده الذي يمثل الأغلبية وينوب عنها, وأنه لا استعداد لديه للحد من غلوائه أو التراجع عن حدة رأيه أو تغيير موقفه. والغريب أنه في ظل هذه الأجواء اتسع المجال للرأي والعدول عن الرأي, والتشنج والعصبية, والمناورة والمداورة, وإجادة التكتيك والالتفاف, والكذب والنفاق, ومحاولة التقرب من السلطة طمعا في الحظوة والحماية, مع أن النفاق واضح ومكشوف.
المزيد من مقالات فاروق شوشة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.