إليك هذه القاعدة التي أرستها حكومة د.شرف.. يتم اختيار شخص ما لرئاسة إحدي الهيئات.. لا يحصل هذا المسئول علي أي مساندة. فقط يقولون له. إذهب أنت وربك فقاتلا. يجد المسئول نفسه وحيدا. فيضطر إما إلي أن يتحول إلي قائد شعبوي يدغدغ مشاعر الثوار المنتشرين في كل مؤسسة, فيتخذ القرارات ليس لأنها سليمة, ولكن لأن الثوار مصممون عليها, وإما أن يحاول فعل ما يعتقد أنه صحيح وليلقي ما يلقي.في الحالة الأولي تطول أيام وليس سنوات- المسئول في المنصب, لكن الحال سينتهي به علي طريقة د. سامي الشريف رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق, الذي حاول أن يأتي بلبن العصفور للمحتجين, واجتهد لاستمالة الشامي والمغربي, فمنع مشاهد القبلات وتخلص من الدخلاء الذين كان التليفزيون يتنافس مع الفضائيات الأخري علي استقطابهم, إلا أن ذلك, لم يشفع له ليخرج غير مأسوف علي رحيله وسط لعلعة الزغاريد والأفراح. أما في الحالة الثانية, ستضحي الحكومة بالمسئول, الذي ركب دماغه, عند أقرب منحدر, ليتواري دون أن يشعر به أحد, ودون أن تدافع عنه الحكومة. لا عجب أن يشعر المسئولون في عديد من القطاعات بأنهم مثل تلاميذ صغار يواجهون امتحانات يومية مفاجئة, وعليهم الإجابة طبقا لأهواء المحتجين, وليس كما ينص الكتاب. ولا عجب أيضا أن يشعروا بأن أيامهم معدودة, كما هو حال محافظ القليوبية, الذي تحول مكتبه إلي سوق مليئة بأصحاب المطالب والحاجات, فقال معبرا عن المشهد بأكمله: بهذه الطريقة لن أستطيع إكمال المشوار معكم. لماذا وصلنا إلي هذا الوضع الذي لا مثيل له في العالم ؟ للأسف, الدولة تطلب من المسئول تسيير الأمور, ولا تكلفه بأية أهداف, علي اعتبار أن مصر حاليا تعيش باليومية و تنسي أن هناك شيئا يسمي غدا أو الشهر أو السنة المقبلة, بل كل ما يهم المسئول كبيرا أو صغيرا- هو أن تمر المرحلة الانتقالية علي خير. وبفضل إستراتيجية إذهب أنت وربك فقاتلا, فإن حكومة الثورة توشك أن تنجح في تجفيف منابع القيادات, بحيث لن يجرؤ أي شخص في المستقبل علي تولي منصب تنفيذي. وسوف يصبح ما تحدث عنه الأستاذ حمدي قنديل بشأن الحساسية من تعيين عسكري رئيسا للمجلس الوطني للإعلام أمرا غير مطروح ليس في الإعلام فقط بل في كل المجالات. ولتحيا حكومة الثورة وليحيا الثوار المنتشرون في كل صوب وحدب. المزيد من أعمدة عبدالله عبدالسلام