هو ابن جعفر أحمد بن أبي خالد القيرواني والذي أصبح مشهورا لكتاباته في الطب الاسلامي, ولد في قيروان( تونس اليوم) في عام 895 م وتوفي عام979 م عن84 عاما, وفي شبابه درس الفقه والحديث والتاريخ في جامع عقبة بن نافع ولكنه تعلم الطب علي يد والده وخاله حيث كانا طبيبين مشهورين في ذلك الوقت وأيضا علي يد اسحق بن سليمان الذي ترك مصر وذهب إلي القيروان وهو ايضا كان طبيبا مشهورا في القيروان, وكان لا يوجد هناك مستشفي للتعليم وكان التعليم يتم في منزل الأطباء كما ذكر ابن الجزار في كتابه زاد المسافر علي أنه يرحب بطلبة الطب في منزله بعد الانتهاء من عمله مع مرضاه. ولقد تزوج ابن الجزار ولم ينجب أولادا وتفرغ لمهنة الطب وأصبح داره مقصدا للمرضي وطلبة الطب, ويحكي عنه أنه كان هادئ الطبع لا يحب حضور المناسبات الاجتماعية ولا يقبل الهدايا, وعندما عالج ابن القاضي النعماني رفض أخذ هدية ذهبية قيمة تبلغ 300 مثقال من الذهب وكان مقربا للأسرة الحاكمة بالقيروان وصديقا لخال المعز لدين الله الفاطمي. ومن المشهور عنه أنه أقام أمام منزله صيدلية لتوزيع الدواء, وفي عيادته الخاصة كان يكشف علي المرضي ويحضر الدواء بنفسه ويساعده خادمه في جمع قيمة الكشف من المرضي ولقد قيل أنه عند وفاته كانت ثروته تقدر بأربعة وعشرين ألف دينار ذهب. أما عن مؤلفاته فقد كتب كتابه الطبي المشهور زاد المسافر الذي ترجم إلي اللاتينية واليونانية والعبرية ونسخ وطبع في فرنسا وايطاليا عدة مرات في القرن السادس عشر واعتبر مرجعا مهما في تعليم الطب في جامعات أوروبا, ومن هذه الترجمات مخطوطات أقدمها في الفاتيكان, فالكتاب يحتوي علي فن الطب الأكلينيكي وكيفية الكشف والتشخيص للأمراض والأصابات من الرأس إلي القدم في أسلوب سهل الفهم ومشوق مع ذكر الأعراض والتشخيص والعلاج ومدة شفاء المرضي وما يترتب علي المرض من مضاعفات وذلك في سبع مقالات. ومن الجدير بالذكر أن كتاب زاد المسافر مازال مخطوطا وهو في مجلدين وتوجد منه نسخ في مكتبة الشعب بباريس, ودرسدن بألمانيا ورنبور بالهند وهافانا بهولندا وفي المغرب وخزانة الرباط, وكتاب زاد المسافر قد ألف ليكون دليلا طبيا للمسافر إلي البلدان البعيدة التي لا يوجد بها طبيب.كما أهتم ابن الجزار بأن يصنف للفقراء والمساكين دليلا علاجيا فصنف لهم كتاب( طب الفقراء والمساكين) حتي يستطيعوا بما يملكون من الأموال القليلة أن يهتدوا إلي الدواء المناسب لكل حالة بما يحفظ صحتهم دون أن يكلفهم ما لا يملكون. وله كتاب أخري في طب المسنين ويعتبر أبو طب المسنين وهو كتاب( طب المشايخ وحفظ صحتهم) وهو أول من وصف مرض الزهايمر وله كتاب عن اضطرابات النوم وعلاجها وكتاب آخر عن( النسيان وطرق تقوية الذاكرة) وله كتب في علم الأطفال والحمي والأضطرابات الجنسية واضطرابات المعدة وكتب في الأدوية المفرده والمركبه. نال ابن الجزار شهرة تجاوزت حدود بلاده فكان طلاب الأندلس يتوافدون إلي القيروان لدراسة الطب علي يديه, وقام قسطنطين الأفريقي بترجمة كتبه إلي اللاتينية وهو أشهر من نقل الطب الإسلامي إلي أوروبا وبذلك نقلت اعماله الي جامعات ساليرنو ومونبيليه وأصبح كتاب ابن الجزار مرجعا مهما لتدريس الطب بأوروبا لعدة قرون, وبذلك نري تأثيره علي الطب الاسلامي والأوروبي والطب الحديث, ويذكر أن نابليون بونابرت كان يحمل معه كتاب زاد المسافر أثناء الحملة الفرنسية علي مصر. أستاذ الروماتيزم والطب الطبيعي بالأزهر [email protected]