توريد 67 ألف طن قمح إلى شون وصوامع الوادي الجديد منذ بداية الموسم    اندلاع اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل أبيب    عمرو أديب: فرق الدوري الإنجليزي مبترحمش.. الصناعة بتجيب فلوس مش عزبة زي عندنا    حبس موظف بمحكمة أسيوط لحيازته كنزا أثريا في شقته    المخرج حسام جمال: "إلى ريما" مأخوذ عن رواية في قلبي انثي عبرية"    محافظ كفر الشيخ: تقديم خدمات طبية ل645 مواطنا بالقافلة العلاجية المجانية بمطوبس    مصر تواصل الجسر الجوى لإسقاط المساعدات على شمال غزة    تعليق ناري من أحمد موسى على مشاهد اعتقالات الطلاب في أمريكا    شرايين الحياة إلى سيناء    لميس الحديدي: رئيسة جامعة كولومبيا المصرية تواجه مصيرا صعبا    "مستحملش كلام أبوه".. تفاصيل سقوط شاب من أعلى منزل بالطالبية    جريمة طفل شبرا تكشف المسكوت عنه في الدارك ويب الجزء المظلم من الإنترنت    قطارات السكة الحديد تغطي سيناء من القنطرة إلى بئر العبد.. خريطة المحطات    رامي جمال يحتفل بتصدر أغنية «بيكلموني» التريند في 3 دول عربية    عزيز الشافعي عن «أنا غلطان»: قصتها مبنية على تجربتي الشخصية (فيديو)    حزب أبناء مصر يدشن الجمعية العمومية.. ويجدد الثقة للمهندس مدحت بركات    "اشتغلت مديرة أعمالي لمدة 24 ساعة".. تامر حسني يتحدث عن تجربة ابنته تاليا    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    افتتاح المدينة الطبية بجامعة عين شمس 2025    غدا.. إعادة إجراءات محاكمة متهم في قضية "رشوة آثار إمبابة"    80 شاحنة من المساعدات الإنسانية تعبر من رفح إلى فلسطين (فيديو)    ما هي مواعيد غلق المحال والكافيهات بعد تطبيق التوقيت الصيفي؟    صور.. إعلان نتائج مهرجان سيناء أولا لجامعات القناة    سمير فرج: مصر خاضت 4 معارك لتحرير سيناء.. آخرها من عامين    حبست زوجها وقدّمت تنازلات للفن وتصدرت التريند.. ما لا تعرفة عن ميار الببلاوي    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    «الحياة اليوم» يرصد حفل «حياة كريمة» لدعم الأسر الأولى بالرعاية في الغربية    أمل السيد.. حكاية مؤسِّسة أول مبادرة نسائية لتمكين المرأة البدوية في مطروح    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    وكيل صحة الشرقية يتابع عمل اللجان بمستشفى صدر الزقازيق لاعتمادها بالتأمين الصحي    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    طاقة نارية.. خبيرة أبراج تحذر أصحاب برج الأسد من هذا القرار    أنس جابر تواصل تألقها وتتأهل لثمن نهائي بطولة مدريد للتنس    بالصور.. مجموعة لأبرز السيارات النادرة بمئوية نادى السيارات والرحلات المصري    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    عاجل.. وزير الخارجية الأميركي يتوجه إلى السعودية والأردن وإسرائيل مطلع الأسبوع    بطولة إفريقيا للكرة الطائرة| الأنابيب الكيني يفوز على مايو كاني الكاميروني    ليفربول يُعوّض فينورد الهولندي 11 مليون يورو بعد اتفاقه مع المدرب الجديد    النيابة تطلب تحريات إصابة سيدة إثر احتراق مسكنها في الإسكندرية    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    بلينكن في الصين.. ملفات شائكة تعكر صفو العلاقات بين واشنطن وبكين    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    ضبط عاطل يُنقب عن الآثار في الزيتون    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    عمرو صبحي يكتب: نصائح لتفادي خوف المطبات الجوية اثناء السفر    أستاذ «اقتصاديات الصحة»: مصر خالية من شلل الأطفال بفضل حملات التطعيمات المستمرة    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هو وهى
لا يا دكتور فاروق‏..‏ لسنا بالجيل الفاشل

دأب الدكتور العالم المصري فاروق الباز منذ قامت ثورة شباب‏25‏ يناير المعجزة علي اتهامنا نحن جيل ما قبلها وما قبل قبلها بالفشل‏,‏ ووصمنا سامحه الله بالكسل والخنوع والاستسلام والتحرك في دروب مصر كالقطيع لطاعة الفرعون‏. وأيضا بما معناه أننا الجيل الذي أخذ علي دماغه فقال هل من مزيد وسمعا وطاعة يا مولاي وكل شيء تمام.. وربما نكون في المرة الأولي قد تغاضينا عن قوله المجحف من باب أنه صادر من رجل كباره له وزنه منفعل بحدث الثورة الجلل.. وفي المرة الثانية سكتنا علي عالم عالمي كتبوا اسمه علي رمل القمر.. وفي الثالثة عفونا عنه لانبهاره ونحن معه بما حققه الشباب في أيام من منجزات لم يستطع جيلنا ولا الجيل الذي سبقنا إلا أن يظل حالما بها عقودا وسنين.. لكن.. لكن تكرار قول الباز المتجني الذي أصبح لغوا علي لسانه, وردا جاهزا في ثنايا الحوارات معه, وافتتاحية مشرعة لشرح مشروعه الأفلاطوني ممر التنمية تجاه النيل وواديه القشيب..
القول الذي يدين حياتنا وجهدنا وعملنا وكفاحنا وحروبنا وصمودنا ونجاحاتنا علي مدي أعمارنا.. القول الذي يحكم علينا نحن الآباء والأجداد بخيبة الأمل, وينحينا نحن الأمهات والجدات الصابرات دهرا الحافظات سكنا واحتضانا من الساحة, ويتركنا نجرجر أذيال الفشل والهوان لا نعرف إذا ما كانت سكتنا يمين أم علي الشمال.. هذا ما لم نعد نطيق سماعه ولا قراءته ولا السكوت عليه, خاصة أن مثل الدكتور فاروق لا يستهان بقوله فهو الخبير صاحب القامة الذي يرمق الأرض عن بعد, ويرصد الطبقات الجيولوجية وترسبات الأزمان المتراكمة والتفاعلات المناخية والمياه الجوفية والأنهار المستخبية, ومن هنا ومن خطورة تأثير تداعيات قوله السلبية, وغرسها في النفوس الشرقانة المتلقية, وجب التصدي لرأيه الشخصي الظالم هذا, حتي لا يداوم علي إقصائنا إلي الهوامش تاركين الساحة براء منا حتي لا نلوثها بآثام فشلنا, بينما نحن الجيل الذي قام بوضع اللبنات الأولي, وأقام دعامات الأساس علي أكتاف السنين السود..
الثورة يا دكتور وانت سيد العارفين في أمور الجيولوجيا فعل تراكمي وآخر نقطة تسقط فوق الصخر هي التي تفلقه, لكن تلك النتيجة المدهشة التي لا تصدقها العين المجردة تأتي نتاج ملايين النقط المسبقة التي مهدت للحدث الكبير لتأتي كلمة النهاية مع النقطة الأخيرة الفارقة.. لقد حفر جيلنا وأجيال سبقتنا في الصخر في زمن لم يعرف سلاح التكنولوجيا ولا الرسالة الإلكترونية التي تجمع المليونية في لحظات, وكانت أيام الجمع بمثابة الاجازة الأسبوعية وخطبة إمام المنبر وصلاة الجماعة وليس جمعة الرحيل, وجمعة التحدي, وجمعة النصر, وجمعة الغضب ولم تكن هناك مواقع الفيس بوك الذي حطم حواجز حرية التعبير حتي وصلت أعداد مستخدميه هذا الأسبوع إلي250 مليون مستخدم.. جيل كانت أية بادرة تصدر منه تطالب بالحرية تقمع في مهدها, وأية معلومة عن خلية كفاح وطني يتم اغتيالها لحظة ميلادها لتساق لعذاب المعتقل مهما اختبأت خلف شواهد المقابر ودهاليز البادرونات, وكتبت منشوراتها السرية علي مطبعة بالوظة لتوزع تحت الهدوم في الخفاء, لكنه جيل حفر تاريخه المجيد بالدماء علي جدران الزنازين, فأين بالله يا دكتور فاروق تضع كمثال نضال من ذاقوا مرارة في السجن في عصر عبدالناصر, وأين قصص الذين ذوبوا بحمص الكبريتيك في المعتقلات؟!.. وأين نضال شهدي عطية أحد كبار مثقفي مصر مدرس اللغة الإنجليزية الذي كان ذنبه أنه وقف معارضا فغاب عن الوجود.. أين نضال زملائه من اليسار أمثال محمد سيد أحمد بن الباشاوات الذي ترك أرضه الشاسعة والملايين واختار طريق النضال؟!.. أين كفاح المثقفين أمثال محمود أمين العالم, وعبدالرحمن الخميسي, وحسن فؤاد وصلاح حافظ وعشرات الذين عاشوا سنين في سجن الواحات مصابون بالدرن مع العقارب والثعابين.. هل كان هؤلاء كلهم فاشلون؟!.. والإخوان مهما اختلفنا معهم في الرأي الذين اعدموا في عام65 ودفعوا حياتهم ثمنا لآرائهم ومنهم المفكر الإسلامي الكبير سيد قطب أول من قدم نجيب محفوظ علي الساحة الأدبية, ورفض الاعتذار لعبدالناصر كي يصفح عنه.. وعشرات حتي وصلنا إلي أحمد عبدالله خطيب ثورة شباب السبعينيات الذي حرم من التعيين أستاذا في كلية السياسة والاقتصاد فذهب لإنجلترا لغسل الصحون حتي يوفر مصاريف الدكتوراه, وعاد إلي مصر يناضل ويؤسس مركز دراسات سياسية واجتماعية, ويهتم بأطفال المدابغ الفقراء إلي أن مات في ريعان الشباب.. هل هذا فاشل؟!.. أين دفاع الكاتب الإعصار الثقافي الثوري خالد محمد خالد لاستنهاض همة المسلمين ليهبوا ويصنعوا فجرهم المشرق الذي كفله لهم الإسلام الصحيح وينبههم إليه.. خالد الذي وقف يجادل عبدالناصر في اللجنة التحضيرية لمؤتمر قوي الشعب علي مدي ثلاث ساعات في قضية العزل السياسي الذي ارتأي ناصر أن يطبقه علي من يقفون بأفكارهم ضد ثورة يوليو, وكان خالد يري أن عفو الثورة عن هؤلاء أجدي لها ولمسيرتها من كل عقاب, وعزل خالد سياسيا لكنه ظل مدافعا عن الديمقراطية بقوله: الديمقراطية لن تصبح حقيقية وصادقة إلا عندما تسلح شعبها بحق التظاهر وحق الإضراب, وتبقي مبتورة وناقصة إذا لم توفر هذين الحقين للمواطنين, وحيث توجد الديمقراطية يوجد الشعب, وحين تختفي وتغيب يوجد القطيع, وفي ربيع الديمقراطية يكون الحكم سلطة للشعب, وفي لظي الاستبداد يصير الحكم تسلطا علي الشعب. ويرحل خالد محمد خالد الذي تجاوزت مؤلفاته ستين كتابا أبرزها من هنا نبدأ ومواطنون لا رعايا ولا تحرثوا البحر وفي البدء كان الكلمة وأزمة الحرية في عالمنا والديمقراطية أبدا قائلا: كلنا حطب جهنم التي نوقدها بأيدينا ثم نقول في بلاهة: كوني بردا وسلاما كما كنت علي إبراهيم.. لقد كنت فقيرا وراتبي لا يكفيني وأعول ثلاثة أطفال وأعاون اخوتي, ولكني عندما كنت أمسك بالقلم كنت أشعر بأنني ملك لأنني جزء من حضور شعبي.. هل كان خالد محمدخالد يا دكتور فاروق فاشلا؟!..
الشيخ محمد الغزالي صاحب ال57 مؤلفا من كان له اشتباكاته المشهودة مع غلاة الإسلاميين, وأغلب كتبه الأخيرة جاءت ناقدة وبحدة لأفكارهم حتي شن عليه نفر من غلاة السلفيين حملة تشهير واسعة النطاق أصدروا في سياقها أحد عشر كتابا تهاجمه وتجرحه أحدها اتهمه بأنه علماني من أتباع أتاتورك.. الغزالي سيد الدعاة الذي رأي أن الداعية المسلم في هذا العصر لابد وأن يظل قارئا ما عاش, ولا يجوز الخلط بين تعاليم الإسلام والتقاليد التي تسود بلدا ما, فللناس تقاليد ألبسوها الزي الإسلامي وهي من عند أنفسهم وليست من عند الله, والرجوع إلي هذه التقاليد علي أنها المنهج الإسلامي جهل قبيح, فمصادر الإسلام معروفة وميزانه في الحلال والحرام حساس, والأمم التي دخلت فيه كثيرة, وتاريخه تقلب بين مد وجزر, وفقهاؤه المجتهدون تعرضوا للصواب والخطأ, وحكامه علي اختلاف الأيام والدول فيهم من أحسن ومن أساء, ومن هنا علينا التحري في ميدان الدعوة فلا نحد عن سبيل الله بأمر نحسبه من مسلمات الدين وليس كذلك.. الغزالي الذي كان يجتهد في التفسير ويقول عن الأئمةالعربية مالك وابن حنبل وأبوحنيفة والشافعي وغيرهم: هم رجال ونحن رجال.. الغزالي الذي قضي عاما في كل من معتقل الطور وسجن طرة عندما أعيد إلي عمله وكيلا لوزارة الأوقاف اعتبر المنصب نوعا من رد الاعتبار بعد الإبعاد والإقصاء, ولم يوافق علي شكر السادات مستغنيا عن الوظيفة: لا أريد وكالة ولا وزارة, وعاد الثائر لكرامته إلي بيته مستريح الضمير وهو يعلم أن راتبه وهو دخله الوحيد قد انقطع.. بذمتك يا دكتور فاروق وأنا راضية ذمتك هل يحسب الشيخ محمد الغزالي في عداد الفاشلين؟!!
الدكتور فؤاد زكريا رائد العقلانية والاستنارة المعاصر من كان يمثل الطاقة الجبارة في مجال الدفاع عن كل ما هو علمي, صاحب الكتب والمؤلفات والمترجمات التي يعد كل منها فتحا جديدا في عالم الفكر والفلسفة والموسيقي والإصلاح الفكري والاجتماعي والسياسي, وكان يرجع انتشار التعصب إلي أن الإنسان لديه دائما حاجة إلي رأي يحتمي به, ويعفي نفسه من تشغيل عقله والتفكير تحت ظله, وكان مفكرنا العظيم يري أن هذه حماية خادعة ومضللة لأنها ترتكز أساسا علي تخدير الفكر وإبطاله, وتضع أمامنا صورة مغايرة للواقع لا ترتكز علي المنطق, وهذا ينطبق علي جميع أشكال التعصب ومنها التعصب الديني, والمتعصب عادة ينظر إلي الآخرين في حقد أو حسد أو احتقار ويميل إلي إلحاق الضرر بهم أكثر مما يميل إلي كسب المنافع لنفسه, ومن أشكال التعصب والتحامل علي الآخر اتهام الأقليات بالتقوقع والتساند والتكاتف فيما بينها علي حساب تعاونها مع الأغلبية, ومن هنا تأتي ممارسة الأغلبية لاضطهادها, مما يأتي برد الفعل لدي الأقلية يتمثل في مزيد من الانطواء والحرص الشديد علي مصالح أفرادها, وهذا الانطواء يدفع الأغلبية إلي مزيد من الاضطهاد فتقابلها الأقلية بمزيد من الأفعال الدفاعية التي تزيد من كراهية الأغلبية, وهكذا حتي يصل الأمر إلي التضاد بين قطبين لا سبيل إلي توفيق بينهما داخل الحلقة المفرغة.. ويأتي حل مشكلة التعصب لدي فؤاد زكريا باللجوء إلي الأغلبية لا لأنها الأفضل بل لأنها المسيطرة التي تملك زمام المبادرة, فإذا ما خطت خطوة تقربها من الأقلية وتعيد إليها ثقتها بنفسها يحق لها توقع خطوة مماثلة, ويستمر التقارب ليسحق في طريقه بذور التعصب.. هذا هو أحد آراء الدكتور فؤاد زكريا رائد التنوير والعقلانية يا دكتور فاروق, فهل تقرأ في ثناياه ظلالا من فشل؟!
د. محمد السيد سعيد راهب وقديس الفكر السياسي المصري الذي وقف واعترض علي مبارك في آخر لقاء مفتوح له مع الكتاب في معرض الكتاب فحلت عليه اللعنة من زبانية النظام, وطورد في مرضه إلي أن مات بسرطان الجلد والحساسية.. هل كان هو الآخر فاشلا؟!
هل كان صلاح جاهين عندما يقول قلبي المليان لهؤلاء اللي في البيت الصفيح فاشلا؟..
افتحوا
صاحبكم الغايب.. رجع صحصحوا
صاحبكم اتلطم كثير,
اصفحوا
يا ساكنين الصفيح.
استبشروا وافرحوا
أنا مانيش المسيح
عشان أقول لكم
طوبي لكم غلبكم
لكني باحلف لكم
الدنيا كدب في كدب
وانتو بصحيح
شباب محاكمة ضباط الطيران بعد هزيمة1967 هل هم الفاشلون؟!
هل انتفاضة الحرامية وكانت ضد ارتفاع الأسعار أيام وزارة القيسوني التي حركت الوعي المصري قد قام بها الفاشلون؟!
وعندما نصل إلي مشارف ثورة25 يناير هل ننكر جهود جورج اسحق وحركة كفاية, وحركة9 مارس من أساتذة الجامعات والدكتور محمد أبوالغار, والمهندس القدير ممدوح حمزة الذي تعرض للاضطهاد والسجن بسبب وشاية من الوزير السابق إبراهيم سليمان.. هؤلاء وغيرهم عشرات ومئات هل نطردهم من جنة الثورة المباركة لأنهم تجاوزوا سن المعاش؟! وكي أؤكد لك أن الجيل السابق ليس جيلا فاشلا يا دكتور فاروق فإن الأغنية إزاي التي خلدت ثورة يناير كانت للمطرب محمد منير الذي شارف علي الستين.. وزغردت في الميدان قصيدة الميدان التي وجهها عبدالرحمن الأبنودي المغادر للستين بسنوات تحية للثوار الشباب الذين نهضوا لإسقاط دولة العواجيز:
أيادي مصرية سمرا ليها في التمييز
ممدودة وسط الزئير بتكسر البراويز
سطوع لصوت الجموع: شوف مصر تحت الشمس
آن الأوان ترحلي يا دولة العواجيز
ولم يعد الشاعر فاروق جويدة تحت الستين عندما كتب لثوار يناير قصيدته الموجهة إلي الفرعون الغارق في نشوة السلطة بينما شعبه غارق في الهوان:
يا سيدي الفرعون..
شعبك ضائع في الليل
يخشي أن ينام
في الجوع لا أحد ينام
في الخوف لا أحد ينام
في الحزن لا أحد ينام
من لم يمت في السجن قهرا
مات في صخب الزحام!
واستحضر الثوار التراث الشعري الثوري القديم والجديد لتردد حناجرهم إلي جانب إبداعاتهم بنت اللحظة الثورية أبيات نجم وبيرم وفؤاد قاعود, وشوقي وحافظ وأغاني أم كلثوم وحليم ومصر هي أمي ونيلها هو دمي, ويا حبيبتي يا مصر للحبيبة شادية وقصيدة شاعر تونس الكبير أبوالقاسم الشابي:
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
دكتور فاروق الباز.. هالنا ما سمعناه منك وقرأناه عنك أنت وبعض من في سنك الوقور ومنزلتك الرفيعة بثنائك المفرط علي دور الشباب بكلام يأتي في صيغة الاعتراف كقولك عبارة إننا فاشلون ومن نحن بالمقارنة بهم فنحن لم نفعل شيئا وكل المفردات التي تعكس تحجيم دور الخبرة المكتسبة بمضي التجارب والسنين بدعوي التجرد والموضوعية.. الموضوعية التي تحتم علينا الآن أن نلفت نظر هؤلاء الكبار الذين يفرطون في ادعاء نكران الذات, ونفي أنفسهم خارج الحياة, واعترافهم المهين بهذا الشكل غير المستساغ الذي ينهي صلاحيتهم للمشاركة فكريا وإبداعيا في صناعة المستقبل, ولو بالمشورة, حيث يدينون ماضيهم, ويعترفون بعدم جدوي خبراتهم وتجاربهم.. لا يادكتور!!.. وإلا كيف بالله سيمضي مشروعك ممر التنمية قدما وأنت قد حكمت عليه باعترافك المعلن بالفشل من قبل الشروع فيه فهو آت من أحد أفراد الجيل الفاشل.. سامحك الله.
يا كاشفا بالعلم والمعرفة والتفوق مسار الأقمار والنيازك والمجرات.. نحن معا جيل الثورة وجيل سبقه ليس فاشلا سوف يسيران معا في طريق الحلم والأمل, وفي الغد سوف تستقر الأمور شيئا فشيئا ويسترد الوطن عافيته تدريجيا, ولكن في مناخ جديد سمته الحرية والكرامة والمشاركة السياسية, وسوف نقول وداعا للوضع الأمني غير المستقر الذي نشاهده في الصباح التالي لأي ثورة متمثلا في انهيار الأجهزة الأمنية والبوليسية التي كان يرتكز عليها النظام المنهار, وصحيح أن هناك مرارة فوضي ما بعد الثورة, لكن علي المدي المتوسط والطويل هناك هواء الحرية والكرامة واحترام الذات والانخراط مع دوران عجلة المستقبل لابد قادم لا محالة.. ونجاح ثورة الشباب من أسبابه الحاسمة التفاف الشعب حولها, حول الأبناء, وجيلنا كان ضمن الشعب الذي صنع الالتفاف, أما عن إزاحة الأجيال السابقة تماما من المشهد الثوري واتهامها بالفشل فمعناه الوحيد حرمان الثورة من خبرائها, فإذا ما كان الشباب هو القلب فأجيال الخبرة هي الشرايين, وإذا ما كان الشباب عقل الثورة الآن فجيل الآباء هو الأعصاب, ولا يأتي تصور ثورة تحارب الفساد بلا خبرة الأجيال, ومن يتردي بوصف جيلنا بالفشل فكأنه يطالب بإبادتنا وكأننا خيل الحكومة الخارج من الخدمة المحكوم عليه إعداما بالرصاص, وكأننا جراد أو باعوض أو ذباب ذو طنين لابد من هشه بعيدا عن الوجه الصبوح.. والثورة لكي تستمر نابضة ناصعة مكتسحة لابد وأن تمضي بنا جميعا ليقول كل ما عنده, ولنكن صادقين مع أنفسنا ومع بعضنا البعض بهدف أن يعود المصري يحيا, وأن يعود يريد, ومن أجل أن تصبح إرادته في النهاية واقعا من صنعه هو, ومن كده, ومن عرقه, وبإرادته الحرة المطلقة, وفي النهاية بقراره.
وتأكد يا سيدي الدكتور بأن نعتك لجيلنا بالفشل لن يستميل الثائر الشاب الواقف في مليونية الميدان, فقد غاب عنك وأنت العالم العلامة والحبر البحر الفهامة العالمي أن ذلك الشاب إبني الذي لن يقبل بحال أن توصف أم الشهداء أمه بالفشل. أمه التي احتضنته رضيعا, ورعته نبتة صغيرة حتي غدا ماردا عملاقا يطالب برحيل الفساد في جمع التحدي والصمود وستظل أبدا, لكن لهفة الأم عليه ستظل ترتع في شغاف القلب خوفا عليه من طول انكبابه فوق جهازه الذي صنع به ثورة أشاد بها العالم, ومن غدر طلقة طائشة قد يطيش معها لبها.. ولست أري لك يا سيدي الدكتور بدا من الاعتذار.. اعتذر لجيلك الذي تربي علي مقومات ثقافة الاعتذار.. واقرأ معي قصيدة الشاعر أمل دنقل التي يحذر فيها من التصالح ولكن مع أعداء الوطن وليس أبناء جيل واحد:
لا تصالح
ولو منحوك الذهب
أتري حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل تري..؟
هي أشياء لا تشتري
......
لا تصالح علي الدم.. حتي بدم
لا تصالح! ولو قيل رأس برأس
أكل الرؤوس سواء؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟
أعيناه عينا أخيك؟
وهل تتساوي يد.. سيفها كان لك
بيد سيفها أثكلك؟
وفي السبعينيات حيا أمل دنقل الشباب الثائر المرابط في ميدان التحرير بقصيدة أطلق عليها اسم الكعكة الحجرية وكأن الأمس هو اليوم, وكأنها المعركة بين الأمن المركزي وثوار25 يناير:
أيها الواقفون علي حافة المذبحة
أشهروا الأسلحة
سقط الموت وانفرط القلب كالمسبحة
والدم انساب فوق الوشاح
المنازل أضرحة والزنازن أضرحة والمدي.. أضرحة
فارفعوا الأسلحة
واتبعوني..
......
دقت الساعة القاسية
كان مذياع مقهي يذيع أحاديثه
البالية:
عن دعاة الشغب
وهم يستديرون يشتعلون علي الكعكة الحجرية حول النصب
شمعدان غضب
يتوهج في الليل
والصوت يكتسح العتمة الباقية
يتغني لليلة ميلاد مصر الجديدة
......
دقت الساعة الخامسة
ظهر الجند دائرة من دروع وخوذات حرب
ها هم الآن يقتربون رويدا رويدا
يجيئون من كل صوب
والمغنون في الكعكة الحجرية ينقبضون
وينفرجون
كنبضة قلب
يشعلون الحناجر
يستدفئون من البرد والظلمة القارصة
يرفعون الأناشيد في أوجه الحرس المقترب
يشبكون أياديهم الغضة البائسة
لتصير سياجا يصد الرصاص
....
وآه..
يغنون نحن فداؤك يا مصر
نحن فداؤ........
ومن بعد.. ومن قبل.. ومن قمة الغيظ.. يادكتور فاروق.. عندي سؤال أقدر أقوله لك وجاوبني عليه في الحال الله لايسيئك ويحقق لك مشاريعك علي جميع الساحات والممرات: هل اتي الدكتور أحمد زويل صاحب نوبل هو الاخر من صفوف الجيل الفاشل.. ؟!!!
[email protected]

المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.