رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    «الاتصالات»: تنمية التعاون بين مصر والأردن بمجالات الكابلات البحرية والذكاء الاصطناعى والألعاب الرقمية    السعودية تحذر من الدخول لهذه الأماكن بدون تصريح    برلمانى: التحالف الوطنى نجح فى وضع أموال التبرعات فى المكان الصحيح    نادر نسيم: مصر حاضرة في المشهد الفلسطيني بقوة وجهودها متواصلة لوقف إطلاق النار    حزب الغد: نؤيد الموقف الرسمى للدولة الفلسطينية الداعم للقضية الفلسطينية    إدارة مودرن فيوتشر في الإمارات للتفاوض على شراء ناد جديد    حالة وفاة و13 مصابًا الحصيلة النهائية لحادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    مركز السينما العربية يكشف عن أسماء المشاركين في فعالياته خلال مهرجان كان    الرئيس الكازاخستاني: الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يمكنه توفير الغذاء لنحو 600 مليون شخص    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    مواصفات سيارة تويوتا كامري ال اي ستاندر 2024    عزت إبراهيم: اقتحام إسرائيل لرفح الفلسطينية ليس بسبب استهداف معبر كرم أبو سالم    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    متحدث الصحة: لم ترد إلينا معلومات حول سحب لقاح أسترازينيكا من الأسواق العالمية    كوارث خلفتها الأمطار الغزيرة بكينيا ووفاة 238 شخصا في أسبوعين.. ماذا حدث؟    مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يكشف عن توصيات منتدى «اسمع واتكلم»    «لا نعرف شيئًا عنها».. أول رد من «تكوين» على «زجاجة البيرة» في مؤتمرها التأسيسي    سلمى الشماع: مهرجان بردية للسينما الومضة يحمل اسم عاطف الطيب    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    وزير التعليم يُناقش رسالة ماجستير عن المواطنة الرقمية في جامعة الزقازيق - صور    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    عام المليار جنيه.. مكافآت كأس العالم للأندية تحفز الأهلي في 2025    «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    توت عنخ آمون يتوج ب كأس مصر للسيدات    «اسمع واتكلم».. المحاضرون بمنتدى الأزهر يحذرون الشباب من الاستخدام العشوائي للذكاء الاصطناعي    حسن الرداد يكشف عن انجازات مسيرته الفنية    «فلسطين» تثني على اعتراف جزر البهاما بها كدولة    .. ومن الحب ما قتل| يطعن خطيبته ويلقى بنفسه من الرابع فى أسيوط    محافظ أسوان: مشروع متكامل للصرف الصحي ب«عزبة الفرن» بتكلفة 30 مليون جنيه    السنباطى رئيسًا ل «القومى للطفولة» وهيام كمال نائبًا    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    مناقشة تحديات المرأة العاملة في محاضرة لقصور الثقافة بالغربية    رئيسة المنظمة الدولية للهجرة: اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش بحاجة إلى ملاجئ آمنة    «تويوتا» تخفض توقعات أرباحها خلال العام المالي الحالي    كريستيانو رونالدو يأمر بضم نجم مانشستر يونايتد لصفوف النصر.. والهلال يترقب    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    عامود إنارة ينهي حياة ميكانيكي أمام ورشته بمنطقة البدرشين    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الجو اليوم.. فيديو    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخارجية المصرية.. ودبلوماسية الحرير

مع بداية تسلم حكومة الثورة مقاليد العمل برئاسة الدكتور عصام شرف التي حازت ثقة وقبول الشارع المصري بكافة طوائفه وانتماءاته استعادت الدبلوماسية المصرية كثيرا من وهجها وبريقها الذي خفت خلال عقود ثلاثة مضت، فقدت فيه دورها السياسي المحوري أو تراجع إلى الحد الذي وصل إلى تعطيل هذا الدور، وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير بدأت في العودة إلى مجالها الحيوي على المستوى العربي والإسلامي والإفريقي والعالمي، عقب تحرر السياسة الخارجية المصرية واستعادة مصر مكانتها السياسية، فتم لها إحراز تقدم كبير ومؤثر في ملفات اكتنفها الجمود والثبات في المكان لسنوات طوال لعل أبرزها ملفان، الأول ملف حوض النيل وتداعياته في قضية أمن قومي تمثل عنق الزجاجة لمصر وهي قضية المياه، أما الملف الثاني الشائك فكان اتفاق المصالحة التاريخي بين كافة الفصائل الفلسطينية الذي تم على الأرض المصرية وبوساطة مصرية كاملة وفي وقت عصيب بالنسبة للظروف التي تمر بها البلاد.
وبالتوازي مع الدبلوماسية الرسمية تحركت دبلوماسية أخرى هي دبلوماسية الحرير أو الدبلوماسية الشعبية، وهي قوى ذات ثقل كبير وتعد من أبرز الدبلوماسيات أثرا في العصر الحديث، حيث استطاعت وفود هذه الدبلوماسية تحريك المياه الآسنة في علاقات مصر بمحيطها الإفريقي، وأعادت الزيارات المتتالية للدول الإفريقية مصر إلى مكانتها وعرشها المفقود في القارة السمراء، حتى إن الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني قال لدى استقباله الوفد الشعبي المصري: "مصر لم تزرنا منذ أربعين عاما" وهي عبارة على قدر ما تحمل من الترحيب والسعادة بالعودة المصرية إلى أحضان قارتها فإنها تحمل أيضا نوعا من العتاب لسياسة مصر الخارجية خلال تلك الفترة التي اتسمت فيها بالبعد والعزلة عن إفريقيا.
وكانت أوغندا أولى المحطات التي انطلق إليها وفد الدبلوماسية الشعبية الذي ضم 35 شخصية من الرموز السياسية والعامة وشباب الثورة، والتقى الوفد الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني الذي استقبل الوفد استقبالا حارا، وأكد لهم أن أوغندا لا يمكن أن تكون شريكا في أي عمل يضر بمصر، وأن الاتفاقية الإطارية لم يتم التصديق عليها من البرلمان الأوغندي حتى تصبح سارية المفعول وأن ذلك يستغرق عدة شهور، مع وعده بأن يحاول إقناع بقية دول حوض النيل بوقف التصديق على الاتفاقية حتى تستقر الأوضاع في مصر بانتخاب البرلمان ورئيس الجمهورية، وأن أي قرار لن ينفذ إلا ومصر شريكة فيه.
وخلال زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية – الذي ضم عددا كبيرا من الشخصيات المصرية البارزة من بينهم مرشحان للرئاسة – إثيوبيا على مدى أربعة أيام التقى الوفد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا رئيس إثيوبيا جيرما ولد جيورجس ورئيس الوزراء ميليس زيناوي ، كما التقى أيضا رئيس البرلمان ورئيس الاتحادية الكونفيدرالية ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ، وناقش الوفد مع المسئولين الإثيوبيين مشكلة مياه النيل ومشروع سد الألفية الذي ثار حوله اللغط الكثير وإعادة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها ، وأتت الزيارة ثمارها المرجوة التي تمثلت في إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي تأجيل توقيع الاتفاقية الإطارية لحين انتخاب برلمان ورئيس لمصر، وتأكيده أن سد الألفية لن يستخدم منه لتر واحد في ري الأراضي الزراعية الإثيوبية، وبالتالي لن يؤثر على حصة مصر من مياه النيل، ولإثبات حسن النوايا قرر رئيس الوزراء الإثيوبي أنه سيتم تشكيل لجنة من الخبراء المصريين والسودانيين والأجانب للتأكد أن مشروع سد الألفية لن يؤثر على مصر والسودان، وإذا ثبت للجنة الخبراء عكس ذلك فسيتم تصحيح الأمر فورا، هذه النتائج والتصريحات من الجانب الإثيوبي جاءت على عكس المواقف الإثيوبية المتشددة من الحكومات المصرية السابقة مما يمثل انتصارا للدبلوماسية المصرية بعد ثورة 25 يناير.
أما المحطة الأهم في قطار الدبلوماسية الشعبية المصرية فكانت إلى السودان ذلك الامتداد الطبيعي والتاريخي والسياسي والاقتصادي لمصر، وأعادت تلك الزيارة الحديث السوداني المصري عن علاقات استراتيجية وتكاملية يمكن أن تؤدي إلى بناء محور الارتكاز والتوازن لمصر والسودان في ظروف سياسية واقتصادية تدعو إلى مزيد من التنسيق والتعاون، فكما تأثرت مصر من سياسة الابتعاد عن إفريقيا خاصة فيما يتعلق بالأمن المائي تأثر السودان أيضا بتلك السياسة لهذا كانت زيارة وفد الدبلوماسية السودان ذات بعد تكاملي، وقد طالب السودان بضرورة إنفاذ اتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين البلدين منذ فترة والتي تقضي لمواطني البلدين بحرية التملك والعمل والتنقل والإقامة والتي تجسد معالم التكامل الاقتصادي والسياسي، وأعلن الوفد المصري عن مشروعات زراعية وصناعية في السودان تعود بالنفع على الأسر المصرية والسودانية، وأبدى الوفد رغبته في أن تكون الحدود مفتوحة بين البلدين وإلغاء اشتراطات حصول السودانيين على تأشيرة دخول مصر، وقد حظيت تلك الزيارة باهتمام لافت من الحكومة السودانية والقوى السياسية كونها تعزز الترابط التاريخي والحيوي والعلاقات الأخوية وتتجاوز مرحلة من العلاقات القلقة بين البلدين.
وجاءت زيارة الدكتور عصام شرف رئيس وزراء مصر إلى السودان في أول زيارة خارجية له لتؤكد عمق العلاقة التاريخية بين مصر والسودان، ومتسقة مع الدبلوماسية الشعبية في أن السودان يمثل العمق الاستراتيجي لمصر، ولتبعث برسالة تطمين إلى الحكومة السودانية بأن مصر على استعداد للتعامل بإيجابية أكثر مع السودان، واعتبر بعض المحللين السياسيين هذه الزيارة انطلاقة لعلاقات متميزة ووثيقة وبداية صحفة جديدة في العلاقات بين الخرطوم والقاهرة، وقد شهدت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات بين الجانبين في مجالات الأمن الغذائي والضمان الاجتماعي وصندوق الزكاة وترقية الاستثمارات والتعليم العالي، وتم الاتفاق على عودة جامعة القاهرة، كما شملت الزيارة بحث ملف مياه حوض النيل.
وعلى الدرب نفسه سارت الدبلوماسية الرسمية في زياراتها إلى البلدان العربية التي شملت السعودية والكويت وقطر لتدعيم أواصر التعاون مع تلك الدول الشقيقة وكسب تأييدها في تلك المرحلة الفارقة من تاريخ مصر، وكان لها ما أرادت بأن باركت تلك الدول الثورة المصرية وأعلنت وقوفها إلى جانب الشعب المصري.
وفي خضم تلك الأحداث الجسام التي تمر بها مصر لم تنس مصر قضيتها وقضية العرب الأولى فلسطين، بل سعت بدأب لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وقادت الخارجية المصرية وفي القلب منها الدكتور نبيل العربي وزير الخارجية – الذي سوف تفتقده الدبلوماسية المصرية في هذه المرحلة بالذات وتكسبه الجامعة العربية - المصالحة بحنكة واقتدار بالغين، حتى أعلن عن توقيع ممثلي فتح وحماس على وثيقة المصالحة الوطنية، وفي الرابع من مايو الحالي تم التوقيع بشكل نهائي من جانب الفصائل الفلسطينية المختلفة، وبمجرد إعلان التوقيع بدأت الاحتفالات في الضفة وقطاع غزة، هذه المصالحة أقضت مضاجع تل أبيب وبدأت تتصاعد التهديدات باتجاه السلطة الفلسطينية، لكن الأطراف الفلسطينية أصبحت لديها قناعة بضرورة الحفاظ على المصالحة وتوحيد الصف الفلسطيني.
وعلى مستوى العالم الإسلامي نشطت الدبلوماسية المصرية باتجاه التقارب مع جميع الدول خاصة الدول ذات الثقل الإقليمي كإيران، والتي كان من الصعب بل المستحيل حدوث تقارب معها في ظل النظام السابق، وبدأت العلاقات المصرية الإيرانية تدخل منطقة الدفء باقتراب ارتفاع مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى فتح السفارة.
ربما يظن البعض أن هذا كان حصادا دبلوماسيا لسنوات عدة، لكن المدهش والغريب أنه كان حصاد فترة قصيرة تقارب أربعة أشهر نجحت في تحقيقه دبلوماسية الثورة فيما فشلت دبلوماسية النظام السابق في تحقيق أي نجاح يذكر على مدى سنوات طوال، فكانت الثورة بوابة العبور لاستعادة دور مصر الإقليمي وانطلقت الخارجية المصرية لتعبر عن سياسة دولة إقليمية رئيسية تحركت لدفع القوى التي تمدد دورها الإقليمي واقتربت من ساحتنا كي تعود إلى حدودها تاركة ما شغلته من مساحة الدور لمصر من جديد، وبناء على هذا التوجه الجديد للدبلوماسية المصرية بدأت العلاقات مع إسرائيل تسير باتجاه الفتور الحذر من الجانبين .
[email protected]
المزيد من مقالات حسام كمال الدين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.