تحت عنوان فتنة القضاء ومعارك محاكمات الفساد شن المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة هجوما علي كل من الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية والكاتب الصحفي فهمي هويدي بسبب ما كتباه عن المستشار عادل عبدالسلام جمعة فوجه الزند حديثه للدكتور حسن نافعة في اجتماع الجمعية العمومية للقضاة قائلا له: كل كلامك في الهواء وكل اخطائك فيما تكتبه يمكن أن تغتفر إلا ما تكتبه لاسقاط قاض وهدم منصة ووجه حديثه للاستاذ فهمي هويدي قائلا: مالك وشئون القضاء إن لم تكن تعلمت فنحن نعلمك ان مبدأ استقلال القضاء يحول بينك وبين أمثالك من التدخل في شئون السلطة القضائية ثم استطرد قائلا: إن المستشار جمعة سيظل في موقعه لأن الحديث عن فساد قاض دون تقديم دليل يعتبر وكمال قال كلام قهاوي. وفي المقابل فضل الكاتب فهمي هويدي عدم التعليق علي ما قاله المستشار رئيس النادي مضيفا في تصريح له بالمصري اليوم لا أستطيع أخلاقيا الرد عليه). وقد وقعت مشادات بين القضاه أثناء انعقاد الجمعية العمومية الخاصة بهم إذ طالب أحد القضاه بتشكيل لجنة تحقيق تجاه أي واقعة فساد أو تعامل مع جهاز أمن الدولة المنحل بدلا مما سماه( صمم الاذان, كما طالب القضاة بأن تكون هناك لجنة تقصي حقائق تبحث الاعتداء المنظم علي عدد من المحاكم وكذلك مخاطبة المجلس الأعلي للقضاء لمناقشة مشروع تعديل قانون السلطة القضائية الذي كان نادي القضاة قد تقدم به في السابق وذلك لمواجهة الضغط الشعبي وتأثيره علي استقلال القضاء وقد حذر رئيس مجلس إدارة نادي قضاء الإسكندرية من الانفلات الأمني في المحاكم واعتداء البلطجية علي القضاة في ساحات المحاكم مشيرا إلي أن الانفلات الأمني يؤثر بالسلب علي القضاة قائلا: القاضي المرتعش الخائف لا يستطيع أن يحكم بين الناس بالعدل. وكان كل من الدكتور حسن نافعة والكاتب فهمي هويدي قد وجها نقدا للقاضي بسبب اسناد النظر في محاكمة العادلي للدائرة التي يرأسها القاضي وذلك لما ذكراه من أن جهة الأمن في عهد العادلي قد خصصت له سيارة يقودها سائق كما خصصت له أحد عشر حارسا وبأن ذلك ينال من حياده كقاض وينال من صلاحيته للحكم في هذه القضية وطالباه بالتنحي عن نظرها. وفي ظل وجهات النظر المختلفة تثور قضية اساسية حول ما وجهه الكاتبان من اتهامات لرئيس الدائرة التي تحاكم وزير الداخلية السابق وهل تكفي هذه الاتهامات ليقال بضرورة تصدي مجلس القضاء الأعلي لهذه الاتهامات أم انها غير كافية كما يري رئيس نادي القضاة وبمعني آخر فهل يحول استقلال القضاء كما يقول رئيس النادي دون القيام باجراء تحقيق أم أن اثارة وقائع حقيقية تقتضي كما قال بعض القضاه في الجمعية العمومية ضرورة اجراء هذا التحقيق ما إذا ثبتت هذه الوقائع المثارة في حق القاضي رئيس الدائرة يكون عليه التنحي عن نظر الدعوي. هذه الوقائع المثارة تقتضي منا أن نوضح ما يعنيه استقلال القضاء في هذا الخصوص. لقد تحدثنا ومن مدة طويلة عما يعنيه استقلال القضاء فأوضحنا أن هذا الاستقلال لا يتحقق إلا في مناخ للحكم تتبني فيه هذه النظم مبدأ الحكومة المقيدة التي تتبني بدورها مبدأ الفصل بين السلطات وعدم تدخل السلطة التنفيذية بصفة خاصة في أعمال القضاة وذلك بحسب ما يقول به العلامة الفرنسي( مونتسكييه) و من أن استغلال القضاء يقوم علي مفهوم أساسي هو الفصل بين السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية. ومن أجل ذلك فلابد لنا من الإشارة إلي المبادئ القانونية التي كان يتضمنها الدستور السابق الذي تم الغاؤه ونعني به دستور سنة1971 التي يتضمنها ايضا الإعلان الدستوري الصادر أخيرا عن المجلس الأعلي للقوات المسلحة. فتقول هذه المبادئ إن مبادئ القانون أساس الحكم في الدولة وأن الدولة تخضع للقانون واستقلال القضاء وخصائصه ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات وأن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن الحق في الالتجاء إلي قاضيه الطبيعي. وقد حاول نادي القضاه بعد انتخابات مجلس الشعب في سنة2005 التي ثارت فيها اتهامات للحكومة القائمة علي إجراء هذه الانتخابات بالتزوير في بعض الدوائر حاول النادي تقديم مشروع قانون جديد للسلطة القضائية بدعم من قانون السلطة القضائية الذي كان قد صدر في سنة1942 والذي يؤكد سلطة المجلس الأعلي للقضاء في تعيين القضاه وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وقد هدف المشروع الجديد إلي استكمال هذا الاستقلال بان يجعل إرادة القاضي مستقلة تماما لا يحكمها سوي ضميره واشراف المجلس الأعلي للقضاء وحده علي القضاء وذلك بتفعيل قرارات الجمعيات العمومية في توزيع العمل علي الدوائر المختلفة وإلغاء التفويض الذي كانت تصدره الجمعيات العمومية لرؤساء المحاكم المعنيين اصلا من قبل وزير العدل والغاء سلطة الوزير في هذا الشأن إلا أن طبيعة نظام الحكم كانت تأبي هذه الإصلاحات لأنها تريد أن تستبقي سلطتها علي القضاء لأن هذه الإصلاحات تصطدم مع شمولية الحكم الذي كان يتبعها هذا النظام ولذلك تعطل مشروع نادي القضاه الذي كان يهدف اساسا إلي تعزيز استقلال القضاء. وأصبح بذلك استقلال القضاء كلمات مصاغة في الدساتير لاتجد مصداقية لها في التطبيق العملي وذلك عكس ما هو سائد في الدول الغربية لأن هذا الاستقلال يجد هناك مجتمعات حرة ونظما حرة وأفرادا أحرارا قادرين علي الدفاع عن هذا الاستقلال. فهذا الاستقلال نشأ وتطور في الديمقراطيات الحديثة نتيجة للحريات التي حصلت عليها هذه الشعوب. نقول بصراحة إن نظام الحكم في مصر وحتي ثور25 يناير كان لا يسمح باستقلال حقيقي للقضاء. والأمل كبير بعد تفجر الثورة أن يكون هناك نظام للحكم يأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات وعدم تدخل السلطة التنفيذية في أعمال القضاة عندئذ فقط يمكن لنا أن نقول ان هناك استقلالا للقضاء مع ملاحظة ما هو قائم في هذه الفترة الانتقالية من اعتداء للبلطجية علي دور المحاكم وهو ما يؤثر تماما بالسلب علي استقلال القضاء ذلك لأن اليد المرتعشة الخائفة لا تستطيع أن تحكم بالعدل بين الناس. إن استقلال القضاء يقتضي في الاساس وكما قلنا نظام حكم حر أساسي يأخذ بمبدأ الحكومة المقيدة وصيانة حقوق الإنسان وحرياته.