يواجه جهاز الشرطة مشكلات عدة أدت إلي تمادي حالة الانفلات الأمني, يكمن اهمها في الموقف الرافض لسلوك الشرطة السابق للثورة من افراد الشعب المصري إثر ما عاناه من انتهاكات جهاز مباحث أمن الدولة. وهذه المجموعة الرافضة تضم بينها من يجد فرصته في استمرار الانفلات الأمني لانها البيئة الملائمة لسلوكياته المتعارضة مع القانون, والمتمثلة في مجموعة البلطجية والخارجين عن القانون التي باتت تأخذ نمطا سائدا في مختلف الاماكن, كما حدث في المنوفية وقنا, إلا ان النسبة الاكبر من هذا الرفض هي من هؤلاء الذين ينتظرون سلوكا متحضرا من جهاز الشرطة دون انتظار, وتجد في تصرفات الدولة عموما بطئا شديدا, ومن هذه المشاكل ايضا تعرض اعداد من ضباط الشرطة للمحاكمات مما شكل لدي البعض منهم شعورا بالظلم باعتبارهم كانوا يدافعون عن ثكناتهم, لذلك كان لابد من طمأنتم بعدالة المحاكمات وبعدها عن التسييس, وهو ما ينعكس علي مدي الثقة بالنفس لدي الشرطة والتطلع لاسترجاع الهيبة والاحترام وهي امور لا تتحقق إلا باستعادة القدرة علي المواجهة والعمل الايجابي. وكان ربط ذلك بواقعة الجلابية باستاد القاهرة والتي يري البعض انها من الثورة المضادة من باب ان مابها من سلوكيات امر يتعارض مع سلوكيات شباب وشعب الثورة التي ظهرت في التحرير, في حين يري البعض الآخر ان هذه الوقائع هي تعبير عن سلوكيات نمطية كانت الشرطة تتولي ضبطها باتباع اساليب التفتيش الوقائي في اثناء دخولها والاستعانة بقوات الأمن المركزي بأعداد تصل في بعض المباريات إلي خمس عدد المتفرجين.. كما تضم ضباطا من مختلف الفروع البحثية والنظامية, لذلك فإن مباريات كرة القدم ولها أهميتها في ظهور استقرار الأوضاع في البلاد تمثل بيئة ومجالا ملاءمين تماما لاثبات عودة الشرطة بقوتها في اعلان واسع المدي بين جمهور هذه اللعبة لما تضمه من عناصر منفلتة السلوك احيانا داخل المدرج وخارجه, فهذا الوضع أو الموقف هو الذي سيؤدي إلي احداث الاحتكاك السريع الآمن مع الجمهور الذي يمثل فئة كبيرة ومنتشرة من الشعب. كما لاتتوقف محاولات العودة علي ذلك المجال فقط انما يجب تكليف وقيام مديريات الأمن باستئناف تنفيذ الاحكام القضائية المؤجلة والقرارات الواجب تنفيذها واشغالات الطريق( وليس فقط المرور) فهي المجالات الملائمة لإعادة السيطرة امام النفوس الضعيفة أو مايطلق عليها الثورة المضادة ولأن يجد الأمن لذاته مجالا ويسترجع تأثيره في المجتمع. ويمثل عامل الزمن نقطة تحد اخيرة امام جهاز الشرطة, حيث يجب ان يسترد كامل عافيته قبل الوصول للانتخابات البرلمانية في سبتمبر المقبل, وخلال ذلك ستقابل تصرفات الشرطة في المجالات السابقة بالنجاح احيانا والفشل في بعضها, إلا ان ذلك لايحول دون ضرورة اقتحام هذه المشكلات. لذلك آري ان افضل سبل تحقيق الوجود الشرطي ليس في انتظار قيام مظاهرات تطالب بعودة الشرطة وتوفير الاحترام المطلوب لرجل الأمن بل إن هذه العودة وهذا الاحترام ينبغي فرضه علي الواقع اليومي بمفهوم مختلف عن فكرة المواطن الذي يفتح ذراعيه في انتظار الامان الذي كان, ولذلك ينبغي استغلال الفرص التي تتوافر لها بطبيعتها الظروف أو البيئة المناسبة لاستعادة توازن واداء جهاز الشرطة.