الصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص هي بمثابة أوعية موازية تبع الوزارات أو الهيئات وتنشأ بقرارات جمهورية لتستقبل حصيلة الخدمات والدامغات والغرامات وغير ذلك من الموارد لتحسين الخدمات التي تقدمها الهيئات العامة، لكن تلك الحصيلة لا تدخل إلي خزينة الدولة ولا علاقة للموازنة العامة بها رغم خضوعها المفترض لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وتبلغ تريليون و272 مليار جنيه كما أعلن عنها المستشار جودت الملط رئيس الجهاز في مجلس الشعب السابق عند مناقشة الحساب الختامي للموازنة العامة الماضية (والتي لم ترد في تقرير هذه الموازنة) وتجاهل الرد حينها علي رئيس الجهاز وأعضاء مجلس الشعب رئيس لجنة الخطة والموازنة السابق احمد عز. وكان رئيس الجهاز المركزي قد عرض علي المجلس الاعلي للقوات المسلحة وعلي الشعب المصري من خلال الصحف اليومية والقنوات الفضائية في بيانا لعام 2009/2010 البند الثامن عشر عن تلك الحسابات الخاصة أن إيراداتها نحو 21 مليار جنيه ومصروفاتها نحو 15 مليار جنيه وفوائضها في 30/6/2010 نحو 12 مليار جنيه، كما ذكر أن أرصدتها في الحساب الموحد بالبنك المركزي 12 مليار جنيه وبالبنوك التجارية 270 مليون جنيه، وحدد قيمة المخالفات المالية لهذه الحسابات الخاصة عام 2009/2010 بلغت نحو 9 مليار جنيه بنسبة 43% من جملة الإيرادات.. ولا ندري من أين جاء رئيس الجهاز بتلك البيانات.. حيث أن ما أمكن حصره من الحسابات الخاصة لذات العام من الحساب الموحد بالبنك المركزي فقط بلغ جملة إيراداتها نحو 88 مليار جنيه ومصروفاتها نحو 61 مليار جنيه وفوائضها نحو 27 مليار جنيه، بالإضافة إلي أن قيمة الإيرادات والمصروفات وفوائض تلك الحسابات بالبنوك التجارية يصعب حصرها ولا تعلم أي جهة بمصر عددها، وبدليل مثلا الحسابات الخاصة لوزارة الداخلية فقط بالبنوك التجارية تزيد علي ملياري جنيه، وهذا غير بعض هذه الحسابات الخاصة بالعملة الأجنبية والتي أمكن حصرها بنحو 620 صندوقا خلال عام 2009/2010 وهي خارج الموازنة العامة للدولة وتبلغ كمثال 498و2 مليار دولار ومصروفاتها 1.848 مليار دولار، ونحو 90 مليون دينار كويتي ومصروفاتها 68 مليون دينار كويتي، ونحو 99 مليون جنيه إسترليني غير بالإماراتي والدولار الكندي والريال السعودي والفرانك السويسري والين الياباني واليورو والكرارون السويدي والدنمركي، وهي الحسابات لم يذكر عنها رئيس الجهاز شيئا في تقريره المعلن، ولنا هنا ملاحظة أن هناك تقصيرا من جانب رئيس الجهاز متمثل في عدم توجيه الإدارات بجهازه الرقابي بضرورة العناية المهنية لأعمال فحص حسابات هذه الصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص ولكن الاكتفاء بالملاحظة فقط، ومما أهدر الكثير من المال العام باعترافه هو !!! ونجد أيضا أن هذه الصناديق الخاصة تعتبر موازنة خفية تبلغ أربعة أضعاف حجم موازنة الدولة (أكثر من عشرة آلاف صندوق) وتتمثل في جهات سيادية مثل رئاسة الجمهورية ومكتبة الإسكندرية والداخلية وغيرها حتى تصل إلي تذاكر زيارة المريض في مستشفي حكومي ومواقف السيارات التابعة للحي والمحليات والدامغات علي البطاقة ورخص القيادة والبناء والمحلات التجارية والورش، وهي باختصار كل ما تدفعه مؤسسة أو هيئة حكومية خلاف الضرائب والجمارك، والغريب أن قيمة هذه الإيرادات والمصروفات والفوائض لتلك الحسابات بالبنوك التجارية يصعب حصرها ولا تعلم أي جهة بمصر عددها وليس لها لائحة مالية أو إدارية معتمدة من المالية، وذلك بالمخالفة للقانون (139) لسنة 2006 وبتعديل بعض أحكام القانون (127) لسنة1981 بشأن المحاسبة الحكومية والذي تضم المادة (30 مكرر) التي تقضي بأنه لا يجوز لوحدات الجهاز الإداري والإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة التي تعد من الجهات الإدارية فتح حسابات باسمها أو باسم الصناديق الخاصة التابعة لها خارج البنك المركزي إلا بموافقة وزير المالية، وكما انه لا يجوز لوزير المالية الترخيص بفتح حسابات بالبنوك خارج البنك المركزي. وحان الوقت بعد قيام ثورة 25 يناير ونجاحها في كشف المستور ومعرفة الكم الرهيب من هذه المخالفات وإهدار المال العام وتسهيل الاستيلاء عليه عن طريق الصناديق الخاصة أن يتم تشكيل لجنة من الجهاز المركزي للمحاسبات ووزارة المالية والرقابة الإدارية.. للرقابة المالية السابقة واللاحقة علي أعمال تلك الصناديق الخاصة، وبالإضافة إلي قيام البنك المركزي والبنوك التجارية والجهات الإدارية التابعة للجهاز الإداري للدولة وكافة الجهات الأخرى التي تحتفظ بحسابات خاصة عن هذه الصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص بتحويل تلك الحسابات للحساب الموحد بالبنك المركزي مع ضرورة ضمها للموازنة العامة للدولة... مش كده ولا إيه ؟!! المزيد من مقالات محمد مصطفى