هكذا تكون الديمقراطية..فقد استطاع المطرب الشعبي ميشال مارتيلي الفوز في انتخابات هاييتي ليصبح رئيسا للبلاد بحصوله علي%67 من مجموع الأصوات في جولة الإعادة التي.جمعت بينه وبين منافسته السيدة الأولي السابقة للبلاد ميرلاند مانيجا والتي حصلت علي حوالي%31 فقط من الأصوات. ليواجه بذلك مارتيلي تحديا كبيرا لخمس سنوات هي مدة ولايته يتمثل في النهوض بأفقر دولة في الامريكتين. لم يأت فوز مارتيلي الذي كان مرشحا عن حزب ريبوس بيزان( اجابة الفلاحين) مفاجئا للكثيرين, وذلك لكونه رجلا درس في الولاياتالمتحدة ويتمتع بشعبية كبيرة في الشارع سواء في العاصمة بور أو برنس أو في الأرياف بين المزارعين الذي تعمد مارتيلي مغازلتهم ببرنامجه الخاص عن التنمية الزراعية, وكذلك اعتماده علي شعبيته في عالم الغناء وتوظيفها سياسيا, فقد استخدم كل الحيل التي عرفها بصفته فنانا وأخذ يحشد الناخبين دون كلل مثل نجوم موسيقي الروك أثناء جولاتهم, وكان الكثير من تجمعاته تشبه الحفلات الموسيقية التي تقام في الهواء الطلق, منفردا بأداء موسيقاه الشعبية المعروفة باسم' كونبا' إلا ان المفاجأة الحقيقية في فوزه تشكلت في انه في البدء لم يتأهل للدورة الثانية ولكن بعد الكشف عن عمليات التزوير التي جرت لصالح مرشح السلطة جود سيليستين الغي تأهل الأخير وحل محله المغني الشعبي. شعبية ومصداقية مارتيلي أو الجمجمة الصلعاء, كما يطلق عليه جمهوره لم تستند علي شهرته الغنائية فقط ولكن اعتمدت بدرجة كبيرة علي عمل مؤسسة' بينك آند وايت' التي أطلقها عام2008 مع زوجته صوفيا سان ريمي, والتي تهدف إلي تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والرعاية الصحية لمواطني هاييتي من خلال تقديم المساعدات الغذائية والأدوات والتدريب. الرسالة الانتخابية التي اعتمدها مارتيلي ركزت علي التعليم وإيجاد فرص عمل وإعادة إعمار هاييتي بعد الزلزال المدمر أوائل عام2010 الذي أودي بحياة ما لا يقل عن220 ألف شخص, كما أكد مارتيلي علي ان المشكلة المبدئية في هاييتي هي اقتصادها المتواضع وتعهد بتعزيز سيادة القانون في البلاد في حال فوزه وذلك من اجل جذب المزيد من الاستثمارات. ورغم الفرحة العارمة التي بدت علي مارتيلي(50 عاما) بعد إعلان فوزه, إلا ان صحيفة نيويورك تايمز أوضحت أن فوز مارتيلي بالرئاسة ما هو إلا حمل ثقيل وتركة كبيرة ستقع علي عاتقه في الأيام القادمة, هذه التركة متمثلة في كيفية الخروج ببلاده من الفقر المدقع, وتفشي وباء الكوليرا في هذه الدولة الكاريبية الذي حصد العديد من الأرواح تخطي عددهم الخمسة آلاف حتي الآن, كل هذا إلي جانب المشاكل الناجمة عن عودة رئيسين سابقين من المنفي, فمع الدورة الثانية للانتخابات عاد رئيس هاييتي السابق جان برتران أريستيد بعدما أمضي سبع سنوات في المنفي إثر طرده من السلطة وقبل شهرين من ذلك عاد الدكتاتور السابق جان كلود دوفالييه إلي البلاد بعد25 عاما أمضاها في منفاه في فرنسا. تري هل يستطيع المغني الشعبي العزف علي أوتار الاقتصاد والسياسة للنهوض ببلد يعيش80% من سكانه تحت خط الفقر وتبلغ نسبة البطالة به حوالي65% ويعاني ربع سكانه من سوء التغذية, لينشد لحنا جميلا عن المستقبل المبهر؟