فيه كانت الحياة, وحياته كانت نور الناس, والنور يشرق في الظلمة, والظلمة لا تقوي عليه( يوحنا1:4 5) أولا: القيامة انتصار الحياة نحتفل هذا المساء المبارك بعيد القيامة المجيدة: قام المسيح, حقا قام. وتأتي هذه المناسبة السعيدة ونحن مازلنا نعيش في إجواء وآمال وتطلعات ثورة52/ يناير/.1102. إنها ثورة مصرية أصيلة. انبثقت من قلوب شبابها, من رغبتهم العميقة للتغيير والتقدم والرقي. في فجر احد القيامة, ظهر الملاك للمريمات اللواتي جئن إلي قبر المسيح فوجدنه فارغا, وقال لهن: لماذا تطلبن الحي بين الأموات. ما هو هنا, بل قام( لوقا42:5 6) هذا الحدث هو ثورة حقيقية غيرت مسيرة التاريخ انه الحدث الأعظم منذ خلق الله آدم. وها هي الطبيعة تشترك فيه لتعلن انتصار الحياة علي الموت. يقول إنجيل القديس متي: وفجأة وقع زلزال عظيم, حين نزل ملاك الرب من السماء, ودحرج الحجر عن باب القبر وجلس عليه. وكان منظره كالبرق, وثوبه أبيض كالثلج. فارتعب الحراس لما رأوه, وصاروا مثل الأموات. فقال الملاك للمرأتين: لا تخافا, أنا أعرف أنكما تطلبان يسوع المصلوب. ما هو هنا. لانه قام كما قال(82:2). قيامة المسيح ثورة حقيقية. ثورة انتصرت فيها الحياة علي الموت, والروح علي المادة, والخلود والأبدية علي الزوال والفناء. ثورة انتصر فيها النور علي الظلام, والرجاء علي اليأس, والخير علي الشر, والحق علي الباطل. في نورها أدركنا أن الالم له معني وله قيمة, فهو مرحلة عابرة في المسيرة نحو القيامة للحياة الأبدية. اختفي جبروت الموت ورعبه, وتأكدنا أن الإنسان لم يخلق للموت بل للحياة. وتحقق ما أعلنه المسيح: أنا هو القيامة والحياة( يوحنا11:52) ومن فجر القيامة انطلق نور المسيحية, وصارت قيامة المسيح عربون قيامة الموتي جميعا( رومية1:4). ثانيا: القيامة انتصار النور والحق والحرية قام المسيح من الموت, بعد أن قدم ذاته ذبيحة أبدية عن الإنسان ونسله, وبعد أن أكمل سر الفداء فلا قيامة إلا بعد الجهاد والتضحية بتفان وإخلاص وهذا قانون في الكون والوجود: لا تقدم بدون تعب, ولا رقي بدون عطاء, ولا نجاح بدون سهر. وكل الحضارات التي ظهرت إنما أتت ثمارا لجهود أبناء البشر المخلصين. والأوطان لا تبني إلا بالقلوب النقية والضمائر اليقظة, والمصلحين المخلصين في كل موقع ومسئولية. إن أهداف الثورة التي اطلقها الشباب في مصر, مثل كل حركة تغيير للأفضل, لاتتحقق إلا بالعمل البناء الجاد, بالتضامن وروح الجماعة, بالبعد عن الفكر الضيق المتعصب والمتطرف, بالعقول المستنيرة والعزيمة الجادة. وبالوجدان المخلص للوطن. ختاما: إننا اليوم, في اتحاد مع قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر, وجميع البطاركة والأساقفة والشعوب, نحتفل بعيد القيامة لأول مرة بعد الثورة المصرية النبيلة. وقد سبق أن احتفلنا في هذه الكنيسة بإقامة قداس الشكر والرحمة لأرواح شهداء الثورة, مسلمين ومسيحيين. فدماء الشهداء في كل زمان ومكان هي بذور التقدم. فالأمم لاترتقي إلا إذا روتها دماء وتضحيات الفداء. فليتقبل الله سبحانه وتعالي أرواح شهدائنا في مركب الأبرار. ونرفع صلواتنا من أجل المجلس الأعلي للقوات المسلحة, وجميع الذين يحملون أمانة مسئولية بلدنا الحبيب, في هذه الفترة التاريخية الدقيقة والحاسمة. نتضرع إلي الرب أن ينيرهم ويساندهم ليقودوا مسيرة البناء الجديد إلي ميناء الأمن والأمان, والاستقرار والتقدم. ونصلي أيضا من أجل كل البلاد التي تجاهد في منطقتنا العربية, وفي بلاد إفريقيا وآسيا, من أجل أن تتمتع شعوبها بحياة كريمة, قائمة علي الحرية والعدالة, والمساواة والإخاء والتضامن, ليعم الأمن والأمان, والسلام والحب. المسيح قام حقا قام