الكهرباء تكشف سبب انقطاع التيار ل أكثر من ساعتين على بعض المناطق (فيديو)    بايدن يتجاهل مرة أخرى دور الاتحاد السوفيتي في هزيمة ألمانيا النازية    إسرائيل تستهدف المشرعين الأمريكيين سرًا بحملة تأثير بشأن الحرب على غزة    إجراءات مشددة بالخط الثالث للمترو لخدمة مشجعي المنتخب المصري    "تعليم الشيوخ" تقر مقترح نقل عرض محتويات متحف وزارة التربية والتعليم (تفاصيل)    بالصور .. شاهد غرفة ملابس الفراعنة قبل مباراة بوركينا فاسو    الأرصاد: نسجل أعلى درجات حرارة على مدار العام.. وانخفاض مؤقت الأحد والاثنين    مفاجأة غير متوقعة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2024 للحكومة والقطاع الخاص    خبير تربوى يوجه نصائح قبل امتحانات الثانوية العامة ويحذر من السوشيال ميديا    "هجبلك شقة".. ضبط سيدة استولت على 27 ألف جنيه من اُخري بسوهاج    مفاجأة جديدة في واقعة سفاح التجمع.. سر وجود نجله أثناء تنفيذ الجرائم    السبت، المجلس القومي يكرم الأعمال الدرامية الداعمة لحقوق الإنسان لعام 2024    الخارجية الأمريكية: يجب العمل على تنفيذ وقف فورى لإطلاق النار فى قطاع غزة    أسامة كمال بعد الهجوم على الإعلام المصري: إعلامنا يعمل بشكل مهنى    هانى تمام ب"لعلهم يفقهون": لا تجوز الأضحية من مال الزكاة على الإطلاق    10 ذو الحجة كم يوافق ميلادي 2024؟.. صيام العشر الأوائل يبدأ من الغد    أبو اليزيد سلامة: المشروع القرآني الصيفي لا يقتصر على الأزهريين    رئيس جامعة بنها يفتتح المؤتمر العلمي السنوي لأمراض الباطنة    التشيك: فتح تحقيق بعد مقتل 4 أشخاص وإصابة 27 جراء تصادم قطارين    الفريق أسامة عسكر يشهد تنفيذ البيان العملي لإجراءات التأمين التخصصي بالجيش الثالث    5 أبراج فلكية تعشق تربية الحيوانات الأليفة (تعرف عليهم)    للمرة الثانية... BMW تقدم تجدد الفئة الثالثة    القباج وجندي تناقشان آلية إنشاء صندوق «حماية وتأمين المصريين بالخارج»    إسعاف الفيوم توفر 81 سيارة بالمناطق السياحية خلال أيام عيد الأضحى    رئيس جامعة الأزهر يبحث مع وزير الشئون الدينية الصيني سبل التعاون العلمي    البنك الأهلي يطلق حملة ترويجية لاستقبال الحوالات الخارجية على بطاقة ميزة    اعتماد مخططات مدينتى أجا والجمالية بالدقهلية    أشرف زكي محذرًا الشباب: نقابة المهن التمثيلية لا تعترف ب ورش التمثيل    الفريق أول محمد زكى يلتقى منسق مجلس الأمن القومى الأمريكى    تكريم أبطال نادى ذوى الاحتياجات الخاصة بأسوان    نقيب معلمي الإسماعيلية يناقش مع البحيري الملفات التي تهم المدرسين    على من يكون الحج فريضة كما أمرنا الدين؟    رئيس هيئة الدواء يستقبل وزير الصحة الناميبى    «تنمية المشروعات»: تطوير البنية الأساسية ب105 ملايين جنيه بالإسكندرية    غرامة تصل إلى 10 ملايين جنيه في قانون الملكية الفكرية.. تعرف عليها    ياسمين رئيس بطلة الجزء الثاني ل مسلسل صوت وصورة بدلًا من حنان مطاوع    ماذا قال الشيخ الشعراوي عن العشر من ذي الحجة؟.. «اكتمل فيها الإسلام»    لاعب الإسماعيلي: هناك مفاوضات من سالزبورج للتعاقد معي وأحلم بالاحتراف    هيئة الدواء تستعرض تجربتها الرائدة في مجال النشرات الإلكترونية    سوسن بدر تكشف أحداث مسلسل «أم الدنيا» الحلقة 1 و 2    وزير الخارجية يلتقى منسق البيت الأبيض لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    "مكنتش مصدق".. إبراهيم سعيد يكشف حقيقة طرده من النادي الأهلي وما فعله الأمن (فيديو)    " ثقافة سوهاج" يناقش تعزيز الهوية في الجمهورية الجديدة    نمو الناتج الصناعي الإسباني بواقع 0.8% في أبريل    التحقيق مع عاطل هتك عرض طفل في الهرم    فحص 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجاني بمركز بني مزار في المنيا    للمساعدة في أداء المناسك.. نصائح هامة للحجاج لتناول وجبة غذائية صحية متكاملة    رئيس الوفد فى ذكرى دخول العائلة المقدسة: مصر مهبط الديانات    عضو بالبرلمان.. من هو وزير الزراعة في تشكيل الحكومة الجديد؟    إسبانيا تبدي رغبتها في الانضمام لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    أبوالغيط يتسلم أوراق اعتماد مندوب الصومال الجديد لدى جامعة الدول العربية    رئيس وزراء الهند للسيسي: نتطلع للعمل معكم لتحقيق مستويات غير مسبوقة في العلاقات    توزيع درجات منهج الفيزياء للصف الثالث الثانوي 2024.. إليك أسئلة مهمة    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتابع سير العمل بمشروعات مدينة أخميم الجديدة    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. أولى صفقات الزمالك وحسام حسن ينفي خلافه مع نجم الأهلي وكونتي مدربًا ل نابولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلاديمير بوتين‏..‏ الروس قادمون
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 02 - 2010

دار ابني علي مقاعد الأوتوبيس السياحي يجمع ما اتفق عليه من روبلات كمنحة اعتراف بجميل المرشدة الروسية الحسناء التي ترجمت لنا المشاهد عبر رحلتنا الثرية في العاصمة موسكو في أوائل الثمانينيات أيام كان هناك الاتحاد السوفيتي‏..‏ هنا مبني الكرملين مقر الحكم‏..‏ وهنا الميدان الأحمر وقبر لينين زعيم الثورة البلشفية‏,‏ وتلك كنيسة القديس بازل بأبراجها المخروطية و‏..‏ما إن بلغ الابن مقعد المفكر اليساري الراحل الدكتور عبدالعظيم رمضان قطب الرحلة اللامع حتي تابعت بلهفة من بعيد مظاهر خذلانه ومعاناته في ضبط أعصابه احتراما لمن هو في مثل سن والده‏,‏ فالدكتور ما إن أنصت للطلب الإنساني الهامس حتي استشاط غضبا ليهب واقفا مستديرا للمقاعد المنكمشة مغلظا القول بأننا بفعلتنا الشنعاء هذه التي نقدم عليها بجهجون إنما نقوم بجهالة بعملية تخريبية لدولة عظيمة‏,‏ ونهد بضحالة عواطف الدهماء دعائم نظام عالمي مستتب‏,‏ ونلعب بغباء في أساس نظرية لينين المترسخة في وجدان الشعب العملاق الذي نزوره‏,‏ فمعني أن تحصل مجرد عاملة ليست سوي ترس في آلة العمل الجبارة للاتحاد السوفيتي في بضع ساعات علي ما يوازي دخلها لمدة عام كامل إنما هو إفساد وتخريب وعدم شعور بالمسئولية من جانبنا نحن المتسيبين فاقدي الأيديولوجية‏..‏ و‏..‏لم يجد الابن المزبهل أمام ثورة دكتور رمضان سوي الرد المهذب المتربي الكابح جماحه‏:‏ خلاص حضرتك إن ماكنتش حضرتك عايز تشارك حضرتك في مكافأة البنت الغلبانة فإنت حر حضرتك في الاحتفاظ بوجهة نظر حضرتك وأيديولوجية حضرتك وقناعة توجهات حضرتك‏,‏ لكن اعذرنا حضرتك في أننا من الأحرار حضرتك ومن حقنا تنفيذ ما وصلت إليه قناعتنا في سلوك الاتجاه المضاد لفكر حضرتك‏..‏ وأيما كانت سعادة البنت التي ارتسمت علي وجهها عندما لاشت معنا سقم نظرية لينين وحوارييه وأتباعه‏..‏ وكنا قد عشنا أياما داخل الستار الحديدي عندما سمح بأولي الرحلات السياحية إلي بلاده فلمسنا مدي ما وصل إليه الشعب السوفيتي من ضني حال عندما كانت موسكو تعني لأهلها وزوارها أجهزة التليفونات المراقبة وعملاء مخابرات الكي جي بي وسياراتهم السوداء التي تجوب الميادين كالشياطين المطلوقة لردع أية هفوة ضد النظام‏..‏
موسكو التي أسسها الأمير يوري دولو جوركي كعاصمة للبلاد في حكم القياصرة وجدناها باردة باهتة بلا حياة‏,‏ حيث الطوابير الطويلة انتظارا لدخول المتاجر الشاغرة بلا بضائع‏..‏ طابور الرصيف الممتد لآخر الشارع أمله ومني عينه حصول المنتظر فيه علي خياراية أو كوساية دبلانة أو حتي طمطماية ممهمطة من البياعة الهجمة الفارشة بصندوقها المتواضع هناك‏,‏ وبضاعتها كلها علي بعضها لا تتعدي بحال من الأحوال طبق سلاطة للأستاذ جنب الأكل علي سبيل فتح الشهية‏,‏ ولأن فلوسنا أيامها كانت ياما هنا ياما هناك بالمقارنة بفلوسهم‏,‏ أضف إليها ما تم تحصيله من السوق السوداء المؤهلة تحت الطلب وعلي كل ناصية أصبح لدينا فجأة ثروة لا بأس بها مما دفعني للمرة الأولي والأخيرة للجنوح والتهور في دفع ابني لشراء كل ما يخطر وما لا يخطر له علي بال‏:‏ يا ابني يا حبيبي عايزاك تتعلم الصرف‏..‏ عايزة أشوفك سفيه يا ضنايا‏..‏ خليلي إيدك مخرومة‏..‏ بعزق يا روح أمك‏..‏ ماتعملشي حساب ليوم أسود ولا أبيض‏..‏ خير ربنا كتير والروبلات علي قفا من يشيل‏..‏ بلاش كسل وفز قوم وانزل الله يرضي عليك يا ابني فرتك لك قرشين‏,‏ وإلا قلبي حيكون غضبان عليك ليوم القيامة‏..‏ ويعود الغالي من مشاويره المكوكية إيد هنا وإيد هناك محتفظا بثروتنا كاملة لم تنقص روبلا واحدا‏,‏ وذلك لأن أسواق موسكو المهانة في الاتحاد السوفيتي التعس كانت كلها خرابا ويبابا‏,‏ وليس معروضا للبيع اللهم إلا فصوص الكهرمان المعتمة التي وضعنا فيها همنا واشترينا منها مثقالا في حقيبة سفر لصنع قطع من الإكسسوار كنت أعلم مسبقا أنها لن تخرج إلي النور لشبهة زيفها وزهدا في ثقل دمها‏..‏ ويا غلبي أيامها علي محلات الجاهز بفساتينها الكالحة الشبيهة بمعروضات سوق الكانتو عندنا ومصلوبة فوق الجدران المهترئة‏,‏ وعندما قادنا الحظ أخيرا إلي محل حلواني لنغير من طعم الكرنب اليومي وقفنا نزحف في طابور الصبر حتي بلغنا فاترينة العرض لنجد ثلاث قطع جاتوه لا غير فأبدينا للبائعة رغبتنا في شرائها كلها‏,‏ فظهرت علي الفور علامات الامتعاض علي وجهها ولم تقبل سوي ببيع واحدة فقط قد تكلست فوق سطحها طبقة الكريمة لتبدو كطفح المرض الجلدي الذي أصابه الضر‏..‏ وأعطتنا بنت مالينكوف درسا اشتراكيا في حق الجماعة وأنانية نظام الفرد‏..‏ وحدث ولا حرج عن فرحة عائلة سوفيتية جلست في المقاعد المجاورة لنا في السيرك وتشكراتها وتعظيماتها وعظيم امتنانها طوال فترة العرض وفي الاستراحة ولحظات الخروج في الطابور وذلك لأن ابني عزم علي عيالها المبحلقين بعلبة اللبان كاملة‏,‏ ولن أنسي فرحة عاملة نظافة الغرف عندما خلعت عليها بقية زجاجة البارفان وتكرارها إلي ما لا نهاية لفظة سباسيبا بمعني شكرا‏,‏ وذلك في بلوك الفندق الأخطبوطي الضخم الذي نزلنا فيه وسط موسكو ويحتل حيا كاملا بعدة نواص‏,‏ والتي لابد لأي نزيل من التوهان داخل دروبه وطوابقه ولافتاته الروسية المتشابهة‏,‏ وفي المرة التي تركت فيها الأصدقاء وسط وجبة إفطار الكرنب في المطعم الاشتراكي الفسيح بالدور الأرضي لأسارع إلي غرفتي قبل الانتهاء من الأكل لإحضار كوبونات الطعام الموزعة علينا داخل الطائرة مع برنامج الرحلة وإقرار بأننا لا نحمل أي ممنوعات‏,‏ ووجوب تسجيل أي قطع من الحلي نحملها مع الساعة بماركتها في بنود الإقرار‏..‏ خرجت مندفعة لعودة خاطفة ألحق فيها طبقا لن أجد غيره طول النهار فضللت الطريق‏,‏ ولا من مرشد ولا دليل بأية لغة كانت‏,‏ ومكثت للمساء ألف وأدور في بيت جحا السوفيتي حتي التقيت مع دوران أحد الحوائط صدفة الزميل الراحل عبدالملك خليل مراسل الأهرام المخضرم في موسكو لينتشلني من المتاهة السوفيتية‏,‏ ومن فاترينة البريستورويكا في اللوكاندة بعد الاطلاع علي جوازات سفرنا استطعنا شراء ديك من الخزف الملون وكاسيت لتشايكوفسكي والعروس الروسية المتداخلة ماتروشكا لأحرص علي قسيمة الشراء زي عيني لإبرازها في المطار المتعسف الذي يفتش تحت الجلد ويوقفك للنظر في أمرك تحت المرايا الفوقية والتحتية والجانبية إذ ربما‏..‏ وأتارينا أنا وابني كنا نايمين في العسل‏,‏ فغالبية أفراد الوفد المصاحب الذين كانوا يتسللون دواليك من سلك الرحلات الجماعية بطريقة مريبة في صحبة سيدة دبلوماسية مقيمة وذلك لشراء قطع الماس في السر بأسعار زهيدة للغاية‏,‏ وبالاطلاع صدفة علي ما يجري تحت الستار استعطفني الابن لأشتري له خاتم خطبة لم تزل في عالم الغيب‏,‏ فرفضت بإباء وشمم فالضبط في حالة التلبس مصيره النفي إلي سيبيريا وفضيحة بجلاجل هنا وهناك‏:‏ وترضي لي يا ابني؟‏!..‏ أبدا يا أمي‏!!..‏ وتبادلنا بعدها النظرات المستريحة والابتسام الملائكي الطاهر الذيل علي أرض مطار المغادرة ونحن نرقب من حولنا وجوها من خوفها كما البفتة البيضاء‏,‏ فما خفي في الأماكن السرية كان باهظ القيمة اشتروه بأبخس الأسعار لكنه ليس أغلي من السمعة الطيبة‏,‏ وفضلت أقول لابني عمال علي بطال وبدون لازمة‏:‏ مش كده أحسن يا حبيبي؟‏!!..‏ ورجعت قاهرتي لألتقي بمرعوبات المطار السوفيتي اللاتي يتهادين أمامي بفراء الاستراكان المبرقش والبوكليت ويلوحن بأصابع قراريط البرلنت النقي المطعم بالزفير‏,‏ لكني أبدا لم أندم علي مظهري التريكو وغوايشي الفضة وخواتمي الزركون وجهد ابني في عمله ليشتري شبكته من عرق الجبين‏!‏
تلك حال الاتحاد السوفيتي قبل عام‏1991‏ الذي اختفت معه في ظروف غامضة واحدة من أهم ركائز منظومة العلاقات الدولية كانت تسمي باتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية‏..‏ المرة الأولي منذ العصور الوسطي التي تنهار فيها قوة عظمي دون أن تهزم في حرب‏,‏ وبعد أن كانت مساحة الاتحاد السوفيتي أكثر من‏22‏ مليون كيلومترا مربع أصبح‏17‏ مليونا فقط‏,‏ وبعد أن كانت دولة تطل علي بحر البلطيق وتتحكم فيه أصبحت لا تملك روسيا فيه إلا مساحة ضيقة هي محافظة كالينجراد وذلك بعدما استقلت الجمهوريات السوفيتية الثلاث ليتوانيا ولاتانيا واستونيا ضمن عقد الجمهوريات المنفرط‏,‏ حيث اختفت الأغنية الروسية الشهيرة‏:‏ عنواني ليس بيتا ولا شارعا عنواني هو الاتحاد السوفيتي الممتد من مشارف المحيط الأطلسي حتي شواطئ المحيط الهادي وهي الأغنية ذات الإيقاع السريع التي تشبه أغنية مصرية قديمة عندنا عن الوحدة المصرية السورية التي لم تكتمل للمطرب محمد قنديل‏:‏ بلادي يا محلا بلادي‏..‏ أنا واقف فوق الأهرام وقدامي بساتين الشام‏..‏ مصر بلادي وسوريا بلادي‏!!!..‏ سقطت أوراق الشجرة التي تعدي عمرها حاجز السبعين عاما‏..‏ وقد أدي انهيار الاتحاد السوفيتي إلي انتحار‏56‏ ألف روسي أي أكثر من‏4‏ مرات ممن قتل في الحرب الأفغانية‏,‏ وبلغ عدد قتلي المخدرات في عام‏1993‏ وحده‏40‏ ألفا‏..‏ وحقيقة أن هناك روسيا جديدة ولكن في حدود معينة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بما كان عليه الاتحاد السوفيتي وقد استوعب فلاديمير بوتين رئيس وزرائها الحالي ورئيسها السابق لفترتين المعادلة وفهمها جيدا لتكشف التوجهات الجديدة للسياسة الروسية أن في روسيا قيصرا جديدا‏,‏ إنه الرجل الآمر الناهي في موسكو علي الرغم من أنه رئيس للوزراء وأن رئيس الجمهورية ديمتري ميدفيديف يمتلك بموجب الدستور صلاحيات الرجل الأول في البلد‏..‏ يعرف بوتين جيدا ماذا يريد وقد عرف ساركوزي رئيس فرنسا أخيرا ماذا أراد بوتين وذلك عندما ذهب لزيارة روسيا واستفسر من رئيسها ميدفيديف عن بوتين الذي لم يحضر المقابلة‏,‏ ويسألون بوتين عن السبب في عدم حضوره المقابلة فيجيب أن رئيس دولة أتي للقاء رئيس دولة وتم له ما أراد‏,‏ وعاد ساركوزي لفرنسا ليطلب من هناك لقاء بوتين فأذن له ليعود ساركوزي ثانية لمربط الفرس‏..‏ لمن له الثقل‏..‏ لمن يستعد لترشيح نفسه لمنصب الرئيس عام‏2012‏ بعدما اختار للمنصب الرئاسي الحالي حتي لا يتعدي علي أحكام الدستور صفيه ديمتري المحامي المغمور الذي استعان به ليكون استمرارا لنهجه في الحكم خاصة أنه بلا خلفية أمنية أو سياسية مما يسهل علي جهاز بوتين استقطابه بعد عامين‏.‏
فلاديمير وفييتشي بوتين‏..‏ شكله ما بيقولشي أيتها حاجة ومثله كمثل أي خواجة تلقاه بالجينز في روما‏,‏ أو واقف بمريلة جزارة بباريس‏,‏ أو أحد رهبان طابور الدير في هضبة التبت أو البتلر في خدمة جناب اللورد بعاصمة الضباب‏..‏ ولكن عندما تدقق في ملامح الوجه فهناك حاجة ماتريحشي‏..‏ حاجة كده غامضة‏..‏ كسرة في عينه الشمال لا تضاهيها في مكرها سوي عيون الثعالب تتركك للفكر فيما إذا كان الرجل مطلعا علي أسرارك الخفية أم أنه لم يزل في مرحلة الشك التي ستوقع بك بلاشك‏..‏ شخصية تقلبك وتلعب في ماضيك وحاضرك ومستقبلك وعلي شفتيها شبح ابتسامة مختنقة داخل شريط الشفاه لا تشفي غليلك‏,‏ فهي الخلطة السرية ما بين السخرية والشروع في الضحك‏,‏ وذلك الشنب بجذوره المنبتة دوما الذي يعكس مدلول البين بين فلا تعرف منه إذا ما كان الجدع في طريقه إلي سهرة تعزف موسيقي البوب التي يعشقها‏,‏ أم عائد توا من ماتش جودو استعرض فيه عضلات صدره‏,‏ أم أنه عائد يادوب من خطبة تحدث فيها خمس ساعات دون مستشارين ولا ملاحظات مدونة ولا استراحة‏..‏ وأتاري توجسنا في محله من صاحب العينين الزرقاوين الباردتين والذي يعد ثالث رؤساء العالم من حيث قلة الأناقة من بعد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد صاحب المرتبة الأولي‏,‏ يليه الرئيس الكوري الشمالي كيم جونج إيل‏..‏ واتاري بوتين راضع مخابرات وكان قائدا لأعتي أجهزتها التي يقف شعر الرأس لمجرد ذكر اسمها‏,‏ ولم تسلم إمراته ذات نفسها من وضعها تحت طائلة المراقبة‏..‏ بوتين الذي ولد في ليننجراد يوم‏7‏ أكتوبر‏1952‏ ليختار له أبوه فلاديمير اسم فلاديمير أيضا تيمنا بزعيم ثورة أكتوبر البلشفية‏,‏ فيما ساقه القدر بعدها للدراسة في كلية الحقوق بجامعة المدينة نفس الكلية التي درس بها لينين‏,‏ وتخرج بوتين عام‏1975‏ لتظل طفولته خلف ستار حديدي لا يعرف عنها سوي أنه ولد في عائلة تعاني من الفقر المدقع تعيش في أوضع أحياء المدينة‏,‏ وتعمد بوتين ممارسة رياضة الجودو للدفاع عن النفس تعويضا عن القامة القصيرة والجسد النحيل حتي حاز علي الحزام الأسود وصارع بطل العالم الياباني‏,‏ والتحق بالعمل في جهاز المخابرات وهو لم ينه بعد دراسته المتوسطة متأثرا بأفلام البطولات والروايات البوليسية‏,‏ وطوال فترة المخابرات الأولي كان تحت المجهر لالتقاطه فيما بعد لإعداده إلي غد سيصبح له فيه شأن كبير‏,‏ فأبدا في السياسة ليست هناك صدف وإنما يصعد البعض استجابة للظرف التاريخي‏,‏ والبلاد القوية تعرف كيف تصنع الحدث والرجل المناسب لهذا الحدث وهكذا ظهر أوباما في أمريكا وبوتين في روسيا ومع آخر سنوات دراسته في كلية الحقوق عام‏1975‏ انضم رسميا إلي جهاز الكي جي بي تحت الاسم الحركي الذي اختاروه له الملازم بلاتوف‏,‏ وحين سقط حائط برلين وهاجمت الجماهير الثائرة مبني المخابرات السوفيتية لم يجد بوتين من يلوذ به فقد كانت موسكو غارقة في تصفية حسابات رفاق الأمس ميخائيل جورباتشوف وبوريس يلتسين فعاد للعمل في الجامعة لينال الدكتوراة في فلسفة الاقتصاد‏,‏ ومن يوليو‏1989‏ حتي أغسطس‏1999‏ أي علي مدي عشر سنوات كان رئيسا لجهاز المخابرات إف إس بي الذي قام علي أكتاف الكي جي بي بعد سقوط الاتحاد السوفيتي‏..‏ وفجأة وبلا سابق إنذار يلمع نجم بوتين عندما يعينه الرئيس يلتسين رئيسا لوزراء روسيا الفيدرالية‏,‏ وقبيل استقالة يلتسين في نفس العام عين بوتين نائبا ثانيا للرئيس حتي الانتخابات الرئاسية التي فاز بها بوتين في الجولة الأولي‏,‏ وتدريجيا تخلص بوتين من وصاية الحرس القديم ورموزه ومعتقداته‏,‏ وحين حاول يلتسين انتقاده في العودة إلي موسيقي النشيد القومي السوفيتي قالها بوتين بحسم‏:‏ يلتسين له رأيه ولي رأيي ونفذ ما أراده هو‏,‏ وفي عقيدته أن تفسخ الاتحاد السوفيتي كان خطأ فادحا ولهذا يسعي بكل الوسائل للبحث عن صيغ توفيقية تظل تربط دول الاتحاد‏..‏ ومن هنا استعادت البلاد عددا من الرموز السوفيتية القديمة مثل العلم ذي اللون الأحمر والنجمة السوفيتية والنشيد الوطني بعد تعديله‏,‏ ورصد هذا العام‏2010‏ نحو‏67‏ مليون دولار لترميم المشاريع المعمارية التي تعود إلي الكنيسة الأرثوذكسية الروسية‏,‏ واحتفظ بقبر لينين وسط موسكو‏,‏ ويشيد الآن أكبر مقبرة رئاسية مذهبة تحكي تاريخ روسيا ينقل إليها جسد ستالين‏.‏
ورغم مرور عشرين عاما علي سقوط الستار الحديدي مازالت الآمال في ديمقراطية حقيقية في روسيا لم تتحقق بعد كما يقول كوامي أنتوني أبياه رئيس مجلس أمناء منظمة حقوق الإنسان‏,‏ فقد كان عام‏2009‏ وحده عاما مفزعا بالنسبة للصحفيين أصحاب الرأي‏,‏ ففي يوليو الماضي اختطفت الصحفية ناتاليا استميروفا من أمام منزلها وعثر علي جثتها التي أطلق عليها الرصاص في إحدي مناطق الصراع بروسيا‏,‏ وعندما كشفت الصحفية أنا بولتكوفسكايا الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان التي تمت في الشيشان تلقت خمس رصاصات أثناء دخولها منزلها في موسكو منذ ثلاثة أعوام‏,‏ وفي يناير من العام الماضي أطلق الرصاص علي ستانيسكلاف ماركيلوف رئيس معهد القانون الروسي في موسكو أثناء مغادرته لمؤتمر صحفي احتجاجا علي العنف والوحشية خلال حرب الشيشان‏,‏ كما أطلق الرصاص علي الصحفية أنا ستاشيا بابوروفا العاملة بصحيفة نوفايا غازيتا لنفس النشاط‏..‏ وليس من كانوا يغطون أحداث الشيشان هم فقط الذين واجهوا الخطر فقد تعرض الصحفي ميخائيل بكيتوف رئيس تحرير جريدة خيمكي في نوفمبر الماضي للعدوان ثم ترك في البرد القارس مما تسبب في فقده إحدي ساقيه وبعض أصابعه لأنه كتب عدة تحقيقات حول الفساد الحكومي المحلي‏,‏ وفي فبراير الماضي عثر علي رئيس تحرير إحدي المجلات الأسبوعية في سولنتشنوجورسك أقصي الشمال الغربي لموسكو فاقدا الوعي وينزف لأنه كان ينشر سلسلة موضوعات تنتقد السياسيين المحليين‏,‏ واغتيال الكسندر ليتيفينكو المعروف بانتقاداته لبوتين في لندن عن طريق التسميم بمواد مشعة‏,‏ وجميعها جرائم قتل لها دوافع سياسية يقوم بها أو يتستر عليها أعضاء في وكالة الاستخبارات الروسية وتغض الحكومة الطرف عنها وينطبق علي تلك الجرائم قول رئيس مجلس أمناء منظمة حقوق الإنسان‏:‏ وحتي إذا اكتشفنا من الذي جذب الزناد فسوف يظل الشخص الذي أصدر الأمر مجهولا‏!..‏
بوتين مايسترو الحرب الباردة الجديدة الذي أصبح بعضا من أسطوله مقيما في المياه الدافئة بميناء طرطوس بسوريا‏..‏ الذي قام بإنفاق‏189‏ مليار دولار في خطة لجعل البحرية الروسية أقوي مما كانت عليه في عهد الاتحاد السوفيتي‏,‏ فروسيا تتحكم اليوم في احتياجات أوروبا من الغاز والبترول مما يمنحها ميزة قد لا تتوافر لها فيما بعد إذا ما حاولت أوروبا أن تؤمن البديل لاحتياجاتها من الطاقة‏..‏ بوتين الغواص إلي مسافة‏1400‏ مترا تحت سطح بحيرة ياكال في أقصي شمال روسيا أعمق بحيرة في العالم ليستعرض أمام العالم قدر قوته ونفسه الطويل‏..‏ فلاديمير ذو القبضة الحديدية في قفاز من حرير بلاده تطارد منتقديها في العواصم العربية والغربية‏..‏ رئيس الانفصاليين في الشيشان الهارب يتم تصفيته مع نجله داخل عربة مفخخة في قطر‏..‏ بلاده لها أواصر نسب ممتدة مع ليبرمان وزير خارجية إسرائيل الذي هدد يوما بضرب السد العالي وهو واحد من مئات الألوف من اليهود الروس المهاجرين إلي إسرائيل‏..‏ ريسيفرات قناة روسيا اليوم الناطقة بالعربية والإنجليزية توزع مجانا علي الفنادق التي ينتقد فيها مراسلوها الروس الأوضاع الأمريكية من قلب العاصمة واشنطن‏..‏ روسيا تساعد إيران في التكنولوجيا النووية ويسافر إليها بوتين كأول رئيس روسي يزورها منذ‏64‏ عاما‏..‏ بلاده تعقد صفقة بالملايين مع ليبيا‏,‏ وترفع العلم الروسي فوق القطب الشمالي ليغدو جزءا من أراضيها‏,‏ وتشهر سيفها في وجه الغرب في جورجيا‏,‏ ويرقص بوتين رئيس وزرائها بالسيف في السعودية علي إيقاع‏:‏ نحمد الله جت علي ما نتمني من ولي العرش جزلي الوهايب‏...‏ بوتين المتفرج علي الأمريكيين الذين يجدون أنفسهم في أفغانستان يحاربون أبناء الأشخاص الذين سلحوهم في السابق‏..‏ فلاديمير بوتين الذي تنبئ روسيا في عهده بترساناتها النووية وانتعاشها الاقتصادي وجولات رئيسها في الشرق الأوسط عن قدرة كبيرة في إعادة التوازن الدولي‏,‏ وفي تقرير دولي أخير أن روسيا ستصبح أكبر قوة اقتصادية في أوروبا بحلول عام‏2030‏ والخامسة علي العالم وبعدها ألمانيا ثم فرنسا‏.‏
رئيس وزراء روسيا الرسام الذي بيعت لوحته أوزو بمليون و‏153‏ ألف دولار بألوان الباستيل لمنظر نافذة في الريف بستارة أوكرانية مطرزة ولم تستغرق منه أكثر من خمس عشرة دقيقة‏..‏ بوتين الذي لا يصل أبدا في موعده حتي إن اليزابيث ملكة إنجلترا انتظرته طوال‏12‏ دقيقة‏,‏ واضطر ملك إسبانيا خوان كارلوس وزوجته صوفيا لانتظاره في البرد القارس مدة عشرين دقيقة‏,‏ وانتظرته رئيسة هلسنكي تاريا هالونين ساعتين‏,‏ ولم تعد زوجته تشكو تأخره بعد أن أصبح أمرا عاديا حيث يصغي للناس دون مقاطعة فيضيع الوقت‏,‏ والمثل الشعبي الروسي يقول‏:‏ الروساء لايتأخرون‏,‏ بل يؤخرون‏..‏ بوتين الذي اختارته مجلة التايمز نموذجا لأهم الشخصيات التي تؤثر في العالم سلبا أو إيجابا لأنه قام بدور قيادي متميز وحقق الاستقرار في بلد نادرا ما عرفه وأعاد روسيا إلي منضدة القوي العالمية‏..‏ قيصر روسيا الجديد الذي قال‏:‏ لقد حاولنا في السنوات الخمس عشرة الأخيرة أن نكون أصدقاء للولايات المتحدة ولكن انطباعنا هو أنها لا تحتاج إلي أصدقاء وإنما إلي تابعين يتلقون الأوامر‏..‏ وبسؤال بوتين الذي أهداه رئيس دولة قيرغيستان أحد جبال بلده عن مقدار ثروته نفي بقوة ما يقال إن ثروته قد بلغت أربعين بليون دولار قائلا‏:‏ إنني أغني رجل في روسيا بل العالم كله بحب الشعب الذي منحني ثقته‏..‏ وتسأله قناة الجزيرة عن تعليقه حول رؤيته لمشهد إعدام صدام حسين فيجيب بأنه‏:‏ همجي وبربري‏,‏ وفي اتهامات الغرب لموسكو حول استخدامها سلاح الطاقة في ابتزازها جاراتها قال‏:‏ لقد اعتبروا يوما ما ياسر عرفات إرهابيا‏,‏ ثم منحوه في النهاية جائزة نوبل للسلام‏!‏ معني ذلك أن كل شيء ممكن‏,‏ وعلينا التحلي بالصبر‏!!‏
وإذا ما كانت نسبة الطلاق في روسيا في عام‏1999‏ نحو‏58%‏ فقد بلغت في عام‏2006‏ ما يقرب من‏83%‏ وكما تقول المؤشرات إنها تفوقت هذا العام علي هذا الرقم بكثير حتي إن الشائعات طاردت بوتين شخصيا بعنوان صحفي يقول إنه طلق زوجته ليودميلا التي تعيش في الظل‏,‏ وكانت تعمل كأستاذة جامعية وتصغره وهو البالغ الآن‏57‏ عاما بحوالي خمس سنوات‏,‏ وكان زواجهما في يوليو عام‏1983‏ لتنجب له ابنتين ماريا في عام‏1985‏ وكاترينا في‏1986..‏ الزوجة التي كتب عنها في بيان إقرار الذمة المالية للجهات المختصة بأن آخر وظيفة شغلتها كانت منصبا إداريا بسيطا في شركة تلغراف كانت تحصل علي راتب منه قدره‏19‏ جنيها استرلينيا في الأسبوع‏..‏ ليودميلا التي قالت عنه بدورها إنه إنسان منطو ولم يكن يوما ذا نزعات قيادية‏,‏ وأنه زوج قاس وأب رقيق‏,‏ ولم تكن تعرف أنه يعمل ضابطا في جهاز أمن الدولة كي جي بي إلا بعد مضي عام ونصف العام علي الزواج عن طريق زوجة أحد المعارف وليس عن طريقه‏..‏ إشاعة الطلاق في بيت رئيس الوزراء ربطت بينه وبين لاعبة الجمباز الشابة الحسناء إلينا كابايفا التي اعتزلت الرياضة وتفرغت للسياسة وتبعا لأقوال صحيفة موسكوفسكي كوريسبوندنت إن اللاعبة الفاتنة قد دخلت ميدان السياسة من بوابة مجلس الدوما بعد وضعها علي لائحة مرشحي الحزب الحاكم‏,‏ ونقلت الديلي ميل البريطانية أن إلينا 24‏ سنة تعد واحدة من الرياضيات الراقصات الروسيات الشابات اللاتي يطلق عليهن لقب جميلات بوتين وتم وضعهن في إطار خطة لتمكين ترشيحهن في الانتخابات لتعزيز جاذبية حزب السلطة‏..‏ وقد فازت كابافيا وهي في الخامسة عشرة بالميدالية الذهبية في بطولة أوروبا للجمباز لتمضي قدما في تفوقها للحصول علي بطولة العالم‏,‏ إلا أن إصابة ركبتها أرغمتها علي اعتزال الرياضة والتفرغ لدعم الرئيس‏,‏ والجدير بالذكر أن إشاعة زواج بوتين بكابايفا ليست الأولي من نوعها‏,‏ فقد ورد في مسلسل فاتنات بوتين أيضا اسم مذيعة القناة الأولي بالتليفزيون يكاتيرنيا أندرييفا‏,‏ والصحفية يلينا ترجوبوفايا التي كتبت في مذكراتها تفاصيل عملية انجذاب الرئيس إليها‏..‏ و‏..‏لم يمر نشر خبر الخطبة دون عقاب يقطع الخميرة من البيت‏,‏ فقد تم تسريح كل من أريتوم ارتيوموف مدير التحرير وجريجوري نخو روتشيف رئيس التحرير في جريدة موسكوفسكي مع غلق ضلف الصحيفة ليعملا في الهواء الطلق بميدان الإسكان والطوب بعيدا عن مجالات السياسة وقوانينها المحسوبة‏.‏
فلاديمير الذي أكد في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الإيطالي بيرلسكوني إعجابه بنساء روسيا الجميلات شغوف أيضا بموسيقي البوب وبالتحديد تراث فريق أبا السويدي الذي تشتت أعضاؤه لتعيده إحدي الفرق الاسترالية التي تم في الشهر الماضي استدعاؤها بدعوة خاصة من الكرملين لأداء الأغاني في مكان سري حضره تسعة أشخاص فقط من بينهم فلاديمير وامرأة مجهولة‏,‏ وتبعا لأقوال صحيفة الديلي تلجراف البريطانية اليومية أن الفرقة قد تقاضت‏20‏ ألف دولار مقابل ساعة من الغناء‏,‏ وكانت الفرقة قد سافرت إلي موسكو‏,‏ حيث تم نقل أفرادها بأوتوبيس خاص إلي مكان سري يقع علي إحدي البحيرات بعد تسع ساعات سفر‏,‏ وتقول مغنية الفرقة الأولي‏:‏ وصلنا أخيرا إلي بناية مدخلها أبواب حديدية هائلة عليها مراقبة أمنية‏,‏ وعندما خرجت أشم الهواء سارع نحوي شخص يحمل رشاشا يخاطبني بالروسية التي أعتقد أنه كان يطلب مني العودة للداخل‏..‏ وفي الحفل رأيت رئيس الوزراء مع سيدة بجانبه يجلسان علي إحدي كنبات ثلاث في المكان تفصلها عن منصة الغناء ستارة بيضاء‏,‏ وكان بوتين يرتدي بدلة سهرة سوداء مثل أصدقائه‏,‏ وكانت السيدة ترتدي فستان سواريه من اللون البيج وشعرها قصير أشقر‏..‏ وقد رقص بعض الضيوف‏,‏ أما رئيس الوزراء فكان يتمايل في مكانه ويردد كلمات الأغاني بصوت عال مثل هني هني هني أي عسل عسل عسل وبعدما انتهي الغناء صرخ بوتين بأعلي صوته ليدوي في القاعة‏:‏ برافو‏..‏ برافو‏..‏
وبعد‏..‏ لقد كانت روسيا عام‏1998‏ منبطحة علي وجهها علي الأرض‏,‏ وفي عام‏2010‏ تقف الآن علي قدميها شامخة‏..‏ والفعل لفيلاديمير بوتين‏..‏ برافو‏..‏ برافو‏..‏ برافو‏!!‏
[email protected]

المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.