رغم كل ما في حياتنا من الألم والبؤس والشقاء مازال الشاعر يعزي نفسه مخاطبا قلبه العليل لك الأمان يا شاعري الحزين لا/ لا تبتئس. ولماذا؟ لأن الأرض لم تزل تدور ومادامت الأرض تدور فالأمل لايزال باقيا بيننا.. فكل الألم والحصار والغمائم السود سحاب صيف عن قريب ينقشع. وهي روح مؤمنة بحق تلك التي لا تفقد الأمل ولا تقنط من رحمة الله وتري الشفق نارا علي نسل المماليك الجباة وتري الشهب تجمعت لترجم الطاغوت, وقد يستولي اليأس علي الشاعر بعض الوقت اليوم لا نبي لا ولي لا سلام لكن روح المقاتل فيه لا تستسلم, فالنهر الساجي قد تمرد. في أحدث دواوينه أما النهر الساجي فتمرد يخرج علينا الدكتور حسن فتح الباب شاعرا مناضلا ينضم إلي كتيبة أشقائه الشعراء المقاتلين في فلسطين الذين علي أياديهم ولدت الانتفاضة الفلسطينية وعلي نيران قصائدهم تأججت واستمرت, نذكر منهم هارون هاشم رشيد وابراهيم وفدوي طوقان وتوفيق زياد وكمال ناصر ومعين بسيسو وحنا أبو حنا وعبدالكريم الكرمي ومحمود درويش وسميح القاسم. استمع الي الدكتور حسن فتح الباب يرثي ياسر عرفات فيسميه جيفارا العرب. يقول هل دقت الساعة وانشق القمر/ يوم هوي كالطود جيفارا العرب. ان استشهاد عرفات عند الشاعر هو الموت الحياة, والطعنة النجاة. إنه مولد الفينيق منبعثا من الحريق, ذلك أن الثورة لا تموت وكذلك الشعراءوالثوار. يلجأ فتح الباب إلي أسلوب الثنائيات وعلاقات الأضداد متكئا علي الموروث الديني والثقافي كأنما يهدي إلي وردتين/ من جنة المأوي أو يتلون سورة الصراط المستقيم/ فاتحة اليقين. في قصيدته( مرسي مطروح) نقرأ له لم يبقوا إلا ذكري الفلك المشحون/ والعهد المنفوش علي أطلال البدو. ثم يعود الشاعر الي ثنائيات حوار الأضواء بشكل لا يصدر إلا عن شاعر حقيقي حين يقول مرسي مطروح/ همس صاخب/ صخب هامس وكأنه يؤكد لنا ما قاله يوما شاعرنا الراحل الكبير نجيب سرور حين وصف الشعر بأنه الشعر مش بس شعر/ لو كان مقفي وفصيح/ الشعر لو هز قلبك وقلبي/ شعر بصحيح لأن شعر الدكتور حسن فتح الباب يهز القلب ويوقظ الضمير معا بشعريته المتفوقة وبقضيته التي يحملها ضميره في كل ما يكتب,وهو ملمح لا تخطئه العين في شعره: في قصيدة له بعنوان الشومامي يكلمنا عن ثورة النهر والبحر أيضا فيقول أما النهر الساجي فتمرد/ في وجه الطاغية العاتي. أو الحب الموت/ والموت الحب في قصيدة كليوباترا. وفي رثائه للرنتيسي والشيخ أحمد ياسين, وفي حيرة الشاعر بين ولاءاته لفنه وقيثارته,أم لقضيته وناسه أم للسلطان أم للذكري والمجد الغابر أم لحزنه وقعوده للكلمة أولا وأخيرا. فلا نجاة إلا بها ولأنه لا يملك سلاحا في يده غيرها ذلك أنه يدرك كما يقول كاتبنا محمد سلماوي إن القصيدة حين تموت يموت كل شيء حتي الحجر!