بعدالحمد لله تعالى والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير الذاكرين وامام المرسلين. يقول الحق ((إِنَّ اللَّهَ لايُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))- الرعد فالكلام عن فساد الرأس كثير وليس بجديد ..لكن الحديث عن ضعف الجسد قليل، ذلك الجسد الذي تسبب في استمرارهذا الفساد عقودا طويلة ،فالمتحدث عن فساد الرأس لا يلتفت في أغلب الأحوال الى دورالجسد .... ومن البديهي أن المسئولية مشتركة بين الرأس والجسد . فالمتامل للآية الكريمة يستخلص منها وبدون عناء أن تغيير الحال موكل الي الله تعالى وتغيير النفس موكل الى الناس ، فالعباد عندهم اسباب العمل وعندهم إرادة ومشيئة، فالخالق اعطانا ادوات الفلاح ووهبنا العقل لنعرف الخير والشر ونميز بين الضار والنافع .... وعلية اذا غيرنا انفسنا للأفضل سيتبع ذلك تغيرا للحال كما وعدنا المولى عز وجل. اذا لماذا هذا الإنشغال بالحديث عن الرأس ؟ ...في الوقت الذي اذا صلح فية الجسد سيفرز لنا قيادة حكيمة من انفسنا تتقى الله فينا وتقودنا الى كل خير. نحن لا ننكرتذمر وغضب من تعرض للظلم من العمال أوالفلاحين وغيرهم ولكن السؤال لما الأستعجال و لماذا نغفل عن حقيقة اننا جسد هذا الوطن وأن اصلاح ذات البين هو السبيل لمستقبل افضل ...والسؤال هل الأمر انتهى بقطع الرأس ؟ يقول الحق في الأنفال: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ )
فمن كان مؤمنا بالله حقا ومؤمن بقدرته التي لا ريب فيها فليتيقن أن أحوالنا ستتغير بتغيير أنفسنا وليس بتغيير حكامنا فقط ...لأنهم منا ومن جلدتنا ألم تقرأ قوله تعالى في سورة النحل: ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)) . كان سكان هذه القرية يقولون: هذه ارض وتلك بذور وهناك مياه اذا سينبت الزرع دون شك، وكفروا بقدرة الله عى تغيير الحال من بذر الى نبات وقالوا ان المعطيات ستؤدي الى نتائج معروفه سلفا (بذور ومياه = نبات)....فماذا قال الحق تعالى (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ ) لأنهم لم يسألوا من خلق البذور ومن انزل المياه. كيف نرجو الله أن يعمر بلادنا ويحفظها ونحن لا نتبع الأسباب ؟ وكيف نرضى ان تكون الإنتهازية من صفات البعض منا ؟ وان نعلق اشغالنا واعمالنا ونجعلها رهينة بتنفيذ مطالبنا ؟ وكيف لا يهتم البعض منا إلا بطلب لتحسين دخله الشهري الي الضعف او لثلاثة اضعاف ويقتصر حديثه على ترشيح فلان أوعلان وهذا تربى في الخارج وذاك بالداخل.. والأفضل عسكري أم مدني.. متدين أم علماني .
قيل قديما: ومانيل المطالب بالتمني ولكن ألق دلوك في الدلاء ما نريد ان نقوله أن الخطاب القرآني لنا جميعا وليس لشخص الحاكم .. فالحاكم من أنفسنا التي نظلمها بفعل المعاصي وترك الواجبات ....الخ . وكيف نعول على من ليس منا أن يمد يده بالمساعدة وبالفتات ..هل الفتات يبني أمم ؟ اعتقد ان الجميع يدرك أن اموال الغير لخدمة أهدافه وليست لنا فهي تأتي ملفوفة بالمطالب والتدخلات ..فهل سيكون القادم تكرار للماضي ؟! يقول الشافعي: ماحك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك ويقول آخر: إذا رأيت الهوى في أمة حكما فاحكم هنالك أن العقل قد ذهبا
من هنا عزيزي القارئ جاء ايماننا بالله وبقدرته على تغيير الحال اذا ما التزمنا التقوى واخلصنا النية والعمل لله وانهينا عصر الشيطان الأخرس وانهينا المهارة في تضييع وقت العمل وإلقاء المسئولية على الغير وإشاعة روح الإنكسار والضعف ...وانهينا التفاخر بالقرب من الغرب.... بل نتفاخر بدوام القرب من الله العزيز الحكيم.
هذا والحمدلله رب العالمين... إن أحسنت فمن الله وإن اسأت فمن نفسي. المزيد من مقالات شريف شوقي