فتحت ثورة يناير مغارة علي بابا, ووجد المواطن نفسه أمام مليارات ومليارات كأنها أرقام صغيرة تتكرر الآن علي ألسنة الناس كل يوم, وفي كل مكان, وقد ظللنا أعواما وأعواما نعتقد أننا دولة فقيرة نامية. ضاع عمرنا بين جمال عبدالناصر وأنور السادات وحسني مبارك ونحن نقارن بين مصر وغيرها من دول العالم, ونحن نتمني ونحلم إلي أن كشفت الثورة فجأة عن أن مصر بها مليارات الدولارات في البنوك الأجنبية, وأن الضريبة العقارية التي أتحفنا بها وزير المالية الهارب يوسف بطرس غالي واستحوذت علي فكر واهتمام الناس, وأفردت لها الصحف مساحات ومقالات لشرحها وكيفية تطبيقها, وطبعت الاستمارات بكميات هائلة, ووقف الناس طوابير لساعات لتقديمها.. كل ذلك لأن هذه الضريبة ستوفر للدولة نحو مليارين أو ثلاثة مليارات من الجنيهات المصرية فقط كان من الممكن توفيرها من جزء بسيط من الأراضي التي تم بيعها بالملاليم لرجال الأعمال مجرد بقشيش حتي إني أشعر بأن مصر لم تعد بها أرض لتباع. واكتشفنا أرقاما كبيرة لبشر مثلنا جعلت عقولنا تدور ولا تتوقف عن الدوران.. كل هذه المليارات ومصر دولة فقيرة؟ إن أي مطالب فئوية للمعتصمين من الممكن سدادها بجزء يسير من ثروات رموز النظام السابق. إن ديون مصر الداخلية والخارجية يمكن سدادها من كل هذه المليارات المنهوبة, وقد ظللنا نسمع أن زيادة النسل تأكل موارد مصر ولابد من تحديد النسل, ولكن اتضح أنه كان لابد من تحديد إقامة المسئولين عن نهب ثروات مصر. هل يمكن أن نحلم الآن بسداد ديون مصر والنهوض بها إلي مصاف الدول المتقدمة.. مصر بتاريخها العظيم وإمكاناتها المتنوعة والذكاء الحضاري الفطري لدي شعب مصر يدعمنا في التقدم بصورة تفوق انطلاقة النمور الآسيوية.. هل يمكن لنا في ظل الشفافية والإخلاص في إدارة البلاد أن نرفض المساعدات الأمريكية التي لا تتجاوز ثلاثة مليارات دولار تقريبا ونحن لدينا أثرياء يملكون عشرات المليارات؟! فهذه المساعدات المقنعة التي تسمم بدننا كل يوم يقدمونها لنا بيد ويأخذونها مرة أخري بمائة يد, ويرسلونها إلينا ومعها جيش من الخبراء الذين يستردونها في صورة رواتب وغيرها من البنود. فالدول الغربية وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة لا تعرف سوي مصلحتها ولا تجري إلا وراء ما يهمها فقط, ولا تخشي ولا تحترم سوي القوة. فمتي نكون أقوياء ونملي إرادتنا بثقة وقد حبانا الله بالكثير والإمكانات والثروات وفي مقدمتها شباب مصر المشرف الواعي الذي حقق معجزة الثورة التي لم نكن نحلم بها؟ إنتصار بدوي الصحفية بوكالة أنباء الشرق الأوسط