الشيء الواضح للعيان أنه في السنوات الماضية قفز علي شعبنا العظيم عدد من الطغاة والمخربين وشاعت الذاتية والأنانية حتي في كنف الأسرة الواحدة فضلا عن الأخلاق والعلاقات المتدنية بين الجيران والزملاء في العمل والدراسة. وأصبح الإهمال هو الثقافة السائدة في المجتمع, والكلمة التي تتردد علي الألسنة هي علي قد فلوسهم!! وأصبحت قيم الأنامالية من الأمور المقبولة في المجتمع حيث يري المواطن الفاسد الاعتداء علي النفس والعرض ولا يحرك فيه ساكنا. تبقي المشكلة الأهم وهي فقدان الولاء والانتماء الحقيقي للوطن, ونسي الكل أو تناسي أن مصر هي أعظم بلاد العالم.. وأصبحت الألفاظ الرديئة والشتائم المخزية هي القاسم المشترك لأحاديث الشارع وفجأة اندلعت ثورة52 يناير التي انضمت إليها كل فئات الشعب وقد كانت منظمة إلي أبعد حد, ونجحت الثورة وبدأت جني ثمارها وتحقيق مأربها المشروعة, ورأينا شباب الثورة يقومون بتنظيف الشوارع وإعادة ترتيب كل شيء, مما جعل أنظار العالم تتجه إلي مصر لتري نوعا فريدا من الثورات التي سوف يكتب عنها التاريخ بأحرف من نور. وهذا ما دفعنا جميعا إلي استشراف جديد لآمال كل من يحب هذا البلد الأمين بأن تتغير سلوكيات وممارسات جميع المصريين.. علينا أن ننظر إلي دول العالم التي باركت هذه الثورة وانبهرت بها, ونؤكد للعالم أننا سوف نتحول إلي مجتمع مختلف تماما.. مجتمع يحترم قيمة العمل والحرص علي عدم إضاعة الوقت واحترام عمل الإنسان البسيط, ويسهم في ذلك تحقيق عدل اجتماعي, الأمر الذي سيضاعف بالضرورة من الشعور بالولاء والانتماء, بعد أن كان الشباب المصري في عمر الزهور يلقي حتفه في قوارب الهجرة غير الشرعية بعيدا عن الوطن. علينا أن ننمي الشعور بأهمية العمل الجماعي وروح المحبة التي سوف تسود جميع أرجاء الوطن.. أيضا ينبغي أن نكرس مبدأ المواطنة, وقبول الآخر وحقه الطبيعي واعتماد مبدأ المحبة بين عنصري الأمة. علينا أن نمحو آثار السلبية والعمل علي إقامة مجتمع يحترم أخلاقيات الصدق مع النفس ومع الآخرين والوفاء والإخلاص مع الارتفاع بالوعي المجتمعي والاهتمام بالتثقيف السياسي والاجتماعي والصحي, وتنمية ثقافة الحوار التي تفتقدها شرائح كبيرة في المجتمع. وعلينا أن نعيد تأهيل الناس نفسيا لاستيعاب هذه القيم, ويسهم في ذلك المعلم في مدرسته والأستاذ في الجامعة والشيخ في المسجد, والقس في الكنيسة, بالإضافة إلي دور الإعلام من ناحية والأسرة من أم وأب وأخ أكبر يحنو علي أخيه الأصغر ويكون نموذجا يحتذي به. وعندما يجد المواطن خير بلده يعود عليه وعلي أسرته, وعندما نجد أن القائمين علي الحكم علي درجة رفيعة من النزاهة والإخلاص فسوف تتحول مصر إلي مجتمع جميل كنا نحلم به. د. حسين زهدي الشافعي