مصر تتعرض هذه الأيام لثورة مضادة, لا صلة لها بثورة25 يناير سنة.2011 وهي الثورة التي اعتمدت في بريقها ونجاحها علي السلمية وعدم العدوان علي الأشخاص أو الاموال. الثورة المضادة تتمثل في عصابات البلطجية التي تقتل وتسرق وتنتهك الاعراض, وتتمثل كذلك في تحركات عنيفة ومخالفة للقانون تتم في الاماكن والمؤسسات التي يتواجد فيها تجمعات بشرية كثيفة في مواجهة ادارة محدودة العدد. ومن أمثلة ذلك تجمعات فئوية في شركات ومرافق يتجمع فيها عدد كبير يقدمون مطالبهم المالية وينتهون بمطالبة المسئول أن يرحل, وهذه التجمعات تتخلي عن مبدأ الثورة الذي اعتمد علي سلمية التحرك فانصار الثورة المضادة لايتورعون عن الالتجاء الي العنف أو الي التهديد به. هذه الثورة المضادة هي طابور خامس يتم تمويله من مصادر مجهولة, ويسيطر عليه قلة مغرضة تسعي الي تخريب المؤسسات والي تجريفها من قياداتها الادارية. فتتعرض مصر الي فراغ إداري ومؤسسي مثل الذي تعرضت له العراق, حيث اقتحمت القوات الامريكية بغداد ذاتها بغير طلقة رصاص واحدة, وحيث نشب الصراع بين طوائف واعراق عاشت منسجمة آلاف السنين علي أرض العراق, وحيث تستمر المصادمات الدموية البشعة بغير انقطاع. ان قيادات الطابور الخامس يعتمدون لتحقيق مآربهم علي التجمعات البشرية في هذه المؤسسات وهذه التجمعات مختلفة النوعيات فبعضها مضلل وبعضها مغرض ومستفيد, والكارثة أن هذه الثورة المضادة تجد في الاعلام من يساندها ويدعمها, والدعم يتم بحرفية عالية بحيث يظهر الاعلامي والحاقد بمظهر المثالي صاحب المباديء, ويتناسي الإعلامي ان الشرف يفرض عليه عرض الصورة كاملة وعرض الاحداث بأمانة وليس كما يصورها المغرضون الذين يستغلون ثورة25 يناير لاغراض شخصية ومصالح صغيرة أو مصالح كبيرة ان كانوا يتعاملون مع الماسونية الكبري التي تدير الطابور الخامس في مصر. إن أخطر ماتتعرض له مصر ليس فقط تحرك المغرضين وإنما كذلك تحرك المراهقين سياسيا والذين يتوسمون في انفسهم الزعامة وهو وهم لانهم لايقرأون المشهد بوضوح لما يعترض أعينهم من غشاوة ومن ضباب. يجب علي الجميع أن يعلم أن الموقف جد خطير ولايحتمل الهزل ولا العبث, والقوات المسلحة والداخلية يلتزمان بانضباط الشارع المصري, وتحقيق الامن للوطن وللمواطن وتحريك عجلة الانتاج ويتعارض مع دوران حركة المجتمع النزول الي الشارع والتظاهر بغير ضرورة, وكذلك منع العمل والدراسة وحركة التجارة وحركة السياحة وكل ذلك يقتضي الرجوع الي الحياة الطبيعية للمجتمع. ومن له مطالب قانونية مشروعة يقدمها الي المسئولين قبل الانفعال والالتجاء الي العنف, وعلي الجميع ان يعلم ان المركب لو أصابها الضر فانه سيلحق بنا جميعا وحينئذ لن يفلت احد من القارعة. المزيد من مقالات د.نعمان جمعة