الأجواء في مصر تخيف أي مستثمر من القدوم إلينا, وتفزع أصحاب رؤوس الأموال من ضخ أي مليم في تأسيس مصنع أو بناء مزرعة أو إقامة مشروع ولو حتي ورشة صغيرة, وكيف يفعلون ذلك وقد أصبحنا عاطلين بالثورة. مثل العاطلين بالوراثة الذين ظهروا في الخمسينيات من القرن الماضي. كنا نعمل27 دقيقة في اليوم حسب تقارير قديمة, فصرنا لا نعمل البتة, كما لو أننا شعب يكره العمل ويكتفي بالكلام وتبادل الاتهامات والصراخ في وجوه بعضنا البعض. كلنا يريد تغيير أي مدير أو رئيس قطاع أو رئيس قسم أو رئيس مجلس إدارة أو عميد في كلية أو محافظ أو سكرتير عام أو رئيس مدينة, وربما عمد القري أيضا! قطعا لا ننكر فساد النظام الذي كان يدير حياتنا, ومازالت بقاياه موجودة وتتربص بنا, ولا ننكر أن قيادات كثيرة قفزت إلي مناصبها لأسباب لا علاقة لها بالمهنة والكفاءة والمثابرة والاجتهاد, ولكن بالعلاقات والشلة والتربيطات والولاءات الخاصة والدوران في فلك شخصيات لها حيثيات..الخ, لكن تغيير كل هؤلاء دفعة واحدة أمر صعب, يكاد يكون نوعا من إحداث فوضي مقصودة, فاختيار أشخاص مناسبين من ذوي الكفاءات يحتاج بعض الوقت, وأسلوب اختيار مختلف عما اعتدنا عليه وهو: ما تعرفش مين يصلح لكذا أو كذا! لكن الأغرب ما نسمعه عن الاختيار بالانتخابات, وهو أمر غريب لا مثيل له في أي مكان في العالم إلا في الحياة العامة, فالوظائف المهنية لها معايير مهنية صارمة إلي جانب الصفات الشخصية, ولذلك لا أتصور علي سبيل المثال أن يكون رؤساء الجامعات أو عمداء الكليات, ولا أعرف جامعة من التي تأتي في قائمة أحسن500 جامعة في العالم يختار الطلبة أو الأساتذة من يصلح للوظائف القيادية بالانتخاب الحر أو غير الحر. ومن غير المعقول أن تتوقف مصر عن العمل وتخرج للتظاهر لتغيير فلان أو علان أو ترفع لافتات من المطالب الفئوية في أشد لحظات مصر حرجا وهي تحاول بناء نظام جديد لإدارة حياتها بطريقة أفضل, فمن أين نأكل ونشرب ونلبس ونعيش؟! ألا ينفع أن نعمل ونتظاهر وأن نعمل ونعتصم وأن نعمل ونهتف؟, إذا كان لا ينفع فليجهز كل منا شنطة قماش علي كتفه ونقف أمام سفارات الدول الأجنبية نستجديهم حاجة لله! [email protected] المزيد من أعمدة نبيل عمر