لا نبالغ إذا قلنا إن السياحة المصرية تحتاج إلي خطة إنقاذ! فما إن هدأت الأوضاع نسبيا بعد نجاح ثورة25 يناير, احتي بدأت الثورة المضادة في تنفيذ مخططاتها الرامية الي اشاعة أجواء من الفوضي, وعدم الاستقرار الأمني. لأمر الذي لا يزال يلقي بظلاله علي الحركة السياحية المصرية, لدرجة أن العديد من المنشئات السياحية في شرم الشيخ, ونويبع, أغلقت ابوابها لحين تحسن الحركة السياحية, ومن ثم تراجعت معدلات الاشغال إلي المربع صفر, بينما وصلت نسبة الاشغال في بعض الفنادق والقري الي20% في أحسن الحالات, في حين قامت العديد منها بمنح اجازات مفتوحة للعاملين, كما تراجعت الحجوزات السياحية, بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية, الأمر الذي يستلزم وضع حلول عاجلة لكي تعود الحركة السياحية الي نشاطها المعهود قبل الثورة, وحتي لا تتدهور الأوضاع أكثر مما هي عليه الآن. وانقاذ السياحة من كبوتها الحالية, يجب أن يكون الملف العاجل الذي تتضمنه أجندة العديد من الوزراء الجدد, بدءا من اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية لاستعادة الأمن, والهدوء للشارع المصري, ومن ثم يشعر السائحون بالأمان, فيقبلون علي زيارة مصر, وكذلك السيد منير فخري عبدالنور وزير السياحة الجديد, الذي تقع علي كاهله مهمة التسويق الجاد للمناطق السياحية المصرية, التي تمتلك مقومات جاذبة للغاية, ولا أحد يستثمرها بالشكل المطلوب. وبشكل عام, فأن الظروف التي أعقبت ثورة25 يناير كما يقول نجيب العيسوي المستثمر السياحي في شرم الشيخ وما تلاها من مخططات الثورة المضادة, قد ألقت بظلالها علي الحركة السياحية في مختلف الفنادق, والقري السياحية بالمدينة, حيث أغلقت بعض المنشئات ابوابها, بسبب تراجع معدلات الاشغال بشكل كبير, مما جعلها غير قادرة علي الوفاء بالتزاماتها المادية, بينما قام البعض الآخر بتسريح العمالة لتخفيض النفقات, في حين احتفظت بعض الفنادق والقري بنحو20% من العمالة, املا في تحسن الأوضاع خلال الفترة القادمة. ولاشك, ان الانفلات الأمني, وعدم الشعور بالأمان, المصاحبان للثورة المضادة, قد أديا إلي عزوف السائحين عن البرامج السياحية المصرية, كما أن بعض شركات الطيران, قد أوقفت رحلاتها الي المناطق السياحية المصرية, وبالتالي تراجعت الحركة السياحية بشكل كبير, فعندي مثلا تراجعت نسبة الاشغال إلي20% في حين بلغت صفرا في معظم المنشئات, والقري السياحية وبرغم هذه الظروف الصعبة, فاننا نتوقع ان يسود الاستقرار السياسي بشكل أسرع, وأن تنتظم الأوضاع في مصر, ومن ثم تبدأ برامج التسويق السياحي فورا, لانقاذ هذا القطاع الحيوي من كبوته الحالية وتعود السياحة إلي حالتها الطبيعية. والجميع هنا في شرم الشيخ والكلام مازال للمستثمر السياحي نجيب العيسوي في انتظار عودة الانتعاش السياحي في أسرع وقت, فالأوضاع هنا مستقرة, والطريق الي المناطق السياحية في سيناء آمن, وأن هناك جهود من القطاع الخاص السياحي لاقامة حفلات غنائية مفتوحة, تضم كبار المطربين, وقد تم بالفعل تنظيم3 حفلات في خليج نعمة دون أية إجراءات أمنية مشددة كما كان يحدث من قبل وكان آخر هذه الحفلات الأسبوع الماضي, وقد لاقت هذه الحفلات إقبالا كبيرا, وسوف يتم تنظيم حفل غنائي خلال الأيام القليلة القادمة, بمجهودات فردية أيضا لتحقيق الانتعاش السياحي الذي نطمح إليه, ونأمل أن تعود الحركة السياحية علي سابق عهدها, لما لهذا القطاع من أهمية كبيرة للدخل القومي المصري. وفي نويبع, الصورة لا تختلف كثيرا, فالركود مازال يخيم علي المنشئات, والقري السياحية هناك, وهنا تقول صفاء الحلواني صاحبة إحدي القري السياحية, أنها تعمل في هذا المجال منذ16 عاما, فلديها نحو69 غرفة, ولديها خطة للتوسع, لا يمكن أن تنفذها في ظل أزمة السياحة الراهنة, حيث تراجعت نسبة الإشغال إلي المربع صفر, ولاتزال القرية متوقفة عن العمل منذ فترة, بعد أن كانت تستقبل العديد من الأفواج السياحية من سويسرا, وألمانيا, وانجلترا. والحقيقة أن المشكلة الرئيسية في نويبع, أنها لم تلق الاهتمام اللازم كمنطقة سياحية, وفي الماضي كانت نويبع معروفة, ولكن الإهمال قد قلل من شهرتها السياحية, كما أن القطاع الخاص وحده لا يستطيع أن يقوم بمهمة التنشيط السياحي للمدينة بشكل كامل, وهو ما يستلزم تدخل الدولة خلال المرحلة القادمة, لوضع هذه المدينة الساحرة علي الخريطة السياحية, صحيح أن مصر تعيش الآن ظروفا صعبة, لكننا نأمل في أن يكون لمدينة نويبع نصيب من التنمية السياحية عند استقرار الأوضاع.. ولكي تنتعش الحركة السياحية في مدينة نويبع كما تقول صفاء الحلواني لابد أن يتم وضع اسم نويبع علي مطار طابا بحيث يحمل اسم مطار طابا نويبع, الأمر الذي سوف يساهم في زيادة شهرة هذه المدينة, وتعريف الوافدين علي المطار أو المغادرين منه بأن هناك مدينة سياحية اسمها نويبع, وبالتالي تضعها الشركات السياحية علي قوائم برامجها التسويقية السياحية, كما أنه من الضروري تطوير ميناء نويبع بحيث يكون لائقا لاستقبال السائحين, خاصة أن الميناء بوضعها الحالي لا تصلح للاستخدام الآدمي. ولدينا طموحات في أن يكون هناك أكثر من شرم الشيخ في سيناء, فنويبع لا ينقصها شئ من حيث المقومات السياحية الجاذبة للسائحين, فهناك البحر, والجبال, والهدوء, والطبيعة الساحرة, لكن التسويق يكاد يكون منعدما, الأمر الذي يجعل المنشئات, والقري السياحية في نويبع تدبر مصر وفاتها بالكاد, كما أن العديد من المشروعات السياحية توقفت, كما توقفت خطط التوسعات التي كانت بعض القري تنفيذها خلال الفترة القادمة, في المقابل انتشر البناء العشوائي, وأنا هنا لا ألوم البدو في هذه المناطق, وإنما يكفينا أنهم هم الذين يعرفون الطرق, والجبال, والوديان, وهم يتمتعون بكرم الضيافة التي تجذب السائحين, وتبدو التنمية هي الحل لجميع المشاكل التي يعنينها الناس أو تعانيها الحركة السياحية في نويبع. وبشكل عام, فإن الأوضاع في المنشئات السياحية في نويبع مؤسفة, فمعدل الإشغال يساوي صفر, بعد أن كانت هذه المعدلات تصل إلي90% في بعض الفترات, ثم تراجعت قبل حدوث ثورة25 يناير علي60%, حتي وصلت إلي المربع صفر في الوقت الحالي, ولذلك حققت المنشآت السياحية في المدينة خسائر كبيرة, حيث انهارت الحركة السياحية تماما بعد ثورة25 يناير, ويحدونا الأمل في أن تنتعش الحركة السياحية خلال الفترة القادة بعد استقرار الأوضاع, لاسيما أن نويبع تحتوي علي جميع المقومات التي تجعلها جاذبة للسائحين, ففيها خليج يضم العديد من الأعشاب المرجانية البكر, والجو الجميل, ومنظر الجبال المبدع, والطبيعة الساحرة, فضلا عن لمسات الهدوء التي يطلبها السائحون ويستمتعون بها. ومشكلة نويبع كما يقول المستثمر السياحي هاني جاويش أنها ليست في الأساس مدينة سياحية, مع أنها تضم بنية أساسية هائلة منذ5 سنوات, ففيها مثلا شبكة الكهرباء, والمياه, الصرف الصحي, والاتصالات, ومع ذلك لم تستغل المدينة سياحيا بالشكل المطلوب, وعندما حدثت العمليات الإرهابية في شرم الشيخ, وطابا, توقفت عمليات التنمية السياحية بشكل ملحوظ, ولم تحصل نويبع علي نفس الاهتمام الذي حصلت عليه شرم الشيخ. في المقابل, إذا نظرنا إلي مدينة طابا, فسوف نجد أنها شهدت عمليات تسويق سياحية كبيرة, كما أن العديد من الشركات الأجنبية دخلت في مجال إدارة الفنادق, مما ساهم في تنشيط الحركة السياحية بها. وإذا كنا جادين في النهوض بالحركة السياحية في نويبع, فإنه من الضروري العمل علي تنفيذ برامج للتنمية المتكاملة من حيث توفير الخدمات السياحية المميزة, فضلا عن إقامة مناطق ترفيهية, لتكون نويبع منطقة جذب سياحي, ولابد أن تتظافر جهود شركات السياحة لتسويق المدينة سياحيا, بحيث لا يكون الاعتماد علي شركات تريد فقط أن تملأ مقاعد طائرات الشارتر ويبدوا أن قضية الركود السياحي ليست هذه المشكلة الوحيد التي يعانيها هذا القطاع الحيوي, فثمة مشاكل كثيرة, منها كما يقول عمر أبو شادي العمالة الأجنبية التي تغزو شرم الشيخ,الغردقة, والتي تعمل في نفس المجالات التي تعمل بها العمالة المصرية, كما أنهم يعملون علي إشاعة أجواء من عدم الثقة بين السائحين الاجانب تجاه المصريين, وأيهامهم بأن مصر بها أعداد كبيرة من اللصوص, والغريب أنه يتم منح هذه العمالة الأجنبية مميزات كثيرة لا يحصل عليها العامل المصري كأن تتحمل شركة السياحة نفقات إقامته, وإعاشته, وتنقلاته, وبالتالي يتمكن من توفير راتبه بالكامل, بعكس العامل المصري الذي يتحمل كل شئ, وذلك وصلت نسبة العمالة الأجنبية في الشركات السياحية في شرم الشيخ علي70% مع أن قانون العمل ينص علي ألا تتجاوز نسبة الأجانب في هذه المنشأت10%.. والخطير كما يقول أبو شادي هو قيام العمالة الأجنبية بالتسويق لرحلات لمدة يوم واحد أو يومين لإسرائيل, للاستفادة من مكاسب تنظيم هذه الرحلات, الأمر الذي يضر بشكل أو بأخر بالسياحة المصرية.