مسئولية الشعوب لا خير فيكم ان لم تقولوها ولا خير فينا ان لم نسمعها..حكمة قالها الخليفة عمر بن الخطاب عندما نهض رجل مهددا: والله ان رأينا فيك اعوجاجا لقومناك بسيوفنا, ردا علي قوله: ان رأيتم في اعوجاجا فقوموني. فلا خير يرجي فعلا من أناس لا يتصدون لانحراف حاكم عن مباديء العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان والحفاظ علي ممتلكات ومقدرات شعبه, ولا خير أيضا في حاكم اذا لم يستمع للآخرين ويعرف رأيهم ويتحمل نقدهم ويؤمن بالقول المأثور: ما خاب من استشار. ما قاله عمر قبل نحو14 قرنا من عصر الحرية والديمقراطية الذي نتغني به حاليا يلقي بمسئولية كبيرة علي الشعوب, خاصة النخبة من المثقفين ورجال الإعلام والسياسيين, في كبح جماح الحكام قبل أن يفلت تماما ولا يستطيعون له بعد ذلك دفعا. فكلما تنازلوا وتساهلوا في حقوقهم زاد الحكام طغيانا وظلما وعاثوا في البلاد فسادا وهضما. والمثل العربي يقول: لا يستطيع أحد أن يعتلي كتفيك إلا اذا أحنيت له ظهرك. هذا ما قاله الرجل الشجاع للخليفة ليردعه عن مجرد التفكير في الانحراف عن مباديء الشرع فحماه من نفسه وحما شعبه من شرقد يحيط بهم, ولم يقل مثلما يقول بعضهم اليوم للحاكم: شلوت سيادتك دفعة للأمام.هذا ما حدث في مصر وتتكشف مساوئه تباعا, وحدث مثله أكثر أو أقل في دول عربية وافريقية عديدة حتي انتفضت شعوبها وأطاحت برءوس الطغيان والفساد واستعادت كثيرا من حقوقها المنهوبة وكرامتها المهضومة ولكن بثمن غال, دماء كثيرين من خيرة شبابها. لو تصدت الشعوب من البداية لانحرافات حكامها لما طغي موجابي في زيمبابوي وأذاق شعبه صنوف القهر والعذاب والجوع, ولما قتل منجيستو في اثيوبيا وسجن الآلاف من معارضيه وسامهم سوء العذاب ودفن الإمبراطور هيلا سيلاسي تحت قدميه في حجرة مكتبه قبل أن يطاح به عام.1991 ومثله فعل حبري في تشاد وأزهق أرواح40 ألف معارض ومأخوذ بالشبهات قبل إزاحته عن الحكم عام.1990 ولم يكن بونجو الأب في الجابون ولا أوبيانج في غينيا الاستوائية أو موبوتو في الكونغو أقل طغيانا وظلما لشعبه. و ستكشف الأيام ما فعله القذافي و الأسد الأب والابن ومبارك وغيرهم من طغاة العالم العربي بشعوبهم عما قريب بعد أن تستكمل الثورات الشعبية مهمتها بإلقائهم في مزبلة التاريخ. المزيد من أعمدة عطيه عيسوى