قلت بالأمس إننا إذا كنا قد اكتفينا من الثورة بإسقاط النظام ورموزه وبحل المجالس النيابية ثم تقديم من تصدوا لها واستباحوا دماء الابرياء الذين خرجوا منادين بالحرية والكرامة إلي المحاكمة, ثم إحالة رءوس الفساد إلي القضاء فإننا نكون قد ارتكبنا خطأ جسيما, وقلت اننا الآن في حاجة ملحة إلي إعلام ثوري وهادئ يتبني خطة لإعادة ترتيب أولويات اهتمامات الوطن الكبري, ومنها عدم الخلط بين السياسة والدين, والكف عن الأفكار التي تريد العودة بالبلاد إلي الظلام, أو أن تبدأ في تنفيذ مبادئها ورؤيتها بيدها لابيد السلطة والقانون ومنها قضايا الوحدة الوطنية وعدم اللجوء إلي العنف وإثارة الأشقاء ووقف دعاوي الانتقام, وبالتالي فإنه علي مقدمي برامج التوك شو في جميع الفضائيات العامة والخاصة دون المساس بحريتهم وتحديد الهدف وراء القضايا المثارة والمطروحة علي الرأي العام, وعن مدي تأثيرها علي المشاهدين سلبيا أو إيجابيا وهي مسئولية تستدعيها مصلحة البلاد إذا كنا بالفعل نريد لها التقدم والازدهار. ولعل القضية الأكثر الحاحا في زمننا هذا هي قضية العمل والانتاج باعتبارها كلمة سر أو مفتاح الشفرة في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي نواجهها والتي بسببها تخرج المظاهرات والاحتجاجات الفئوية في كل وقت ومكان, فمن غير المعقول أن تستمر حالة عدم إنتظام سير العمل في الوزارات والهيئات والشركات العامة دون مساءلة جدية من الوزراء أو القائمين علي شئون هذه الجهات وكأنه نوع من أنواع المهادنة أرتضيناها هذه الأيام ولا تستوجبها إطلاقا الظروف التي نمر بها خاصة أننا نعلم منذ زمن بعيد ويجب ألا يطول أن إنتاجية الموظفين والعاملين عندنا هي في حدودها الدنيا بكل المقاييس الدولية. وأحسب أن الورقة الاساسية التي ستتم مناقشتها في مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده هذا الاسبوع قد أفردت جانبا مهما منها لهذه القضية الملحة. إن القضايا السياسية والاقتصادية متكاملة بل لعل هذين المجالين وجهان لعملة واحدة, فمع أهمية هذا الحوار الوطني في القضايا السياسية المطروحة الآن بقوة علي الساحة بالنسبة للانتخابات البرلمانية واختيار رئيس الجمهورية وتكوين الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور الجديد.. فإن الجوانب الاقتصادية في رأينا تمثل الحجر الأساسي في كل بنيان مجتمعي, لأنها في النهاية هي العامل الفاعل في رضا الجماهير عن الثورة. بل وهي النتاج العملي الذي يشعر به المواطنون كحصاد عادل لها وتعويض عما تحملوه من تهميش وركود لقضاياهم خلال الفترة الماضية. [email protected]