اقتصر تشكيل اللجنة العليا للإشراف علي الاستفتاء والانتخابات التشريعية, فيما تم, وما هو مطروح الآن, علي القضاة فقط, دون تمثيل باقي أعضاء الهيئات القضائية, سواء بمجلس الدولة, أو النيابتين العامة والإدارية, وهيئة قضايا الدولة. , برغم أن قرارات تلك اللجنة قرارات إدارية, يتم الطعن عليها أمام محاكم القضاء الإداري, وبالتالي يفتقر هذا القصر وذلك الاستبعاد إلي عنصر السبب المشروع الذي يبرره, بما يصم هذا التشكيل بعيب البطلان. وحتي لا نلقي بالهيئات القضائية في دائرة تنازع غير لائق, أرجو أن نتدبر جميعا هذا الأمر بكل الموضوعية والحيدة والتجرد, في ضوء الاجتهادات الآتية: { الحصانة القضائية وعدم القابلية للعزل, ضمانة أساسية للهيئات القضائية جميعا, باعتبارهم شركاء في مراحل التحقيق, وتحريك الدعاوي القضائية, والتمثيل فيها حتي صدور الحكم. { إنهاء التفرقة بين الهيئات القضائية, والتمييز في الصلاحيات بين أعضائها, الذين يتبادلون مواقعها, ويمارسون شعبها المتعددة, ليكون معيار الصلاحية في عضو الهيئة, وليس في الموقع الذي يشغله داخل الدائرة القضائية. { الضمانات القضائية ركيزة ممارسة العمل القضائي في كل مجالاته, دون اختزال تلك الضمانات في إطار الإشراف القضائي علي الانتخابات التي تتم كل بضع سنين, بغير حرص علي ضمانات العمل القضائي اليومي بين مختلف الأطراف والسلطات. { الخروج بأعضاء الهيئات القضائية جميعا من نفق التمايز, وإحساس البعض بالعلو علي الآخرين, وتجاوز قواعد الأقدمية بين درجاتهم, وترسيخ أساليب الانتقاء والاستبعاد, والاستئثار بالأدوار, بغير أسباب موضوعية عادلة بين أهل العدل والحيدة, تبرر إضفاء الشرعية الدستورية والقانونية علي التمييز القضائي. { كان الأحري والأجدر بجميع الأطياف والسلطات معالجة أي عوار في استقلال أي هيئة قضائية, لضمان صلاحيتها لأداء دورها القضائي الدائم, دون استبعادها من دور عارض, خاصة أن صوت القضاة مسموع مع غيرهم, بالمطالبة باستكمال استقلالهم, كضمانة لأداء دورهم مجتمعين. ونأمل في أن تكون وحدة الضمانات القضائية هي الخطوة الأولي في استكمال استقلال القضاء المصري بكل هيئاته, باعتبارها ركيزة الإصلاح القضائي الشامل, تجاوزا لخطر التفرقة والتحصن في كيانات متخالفة, وانطلاقا لخطوات دعم سلطاته, لتكون له كلمة فاصلة, نافذة, للذين يحرقهم الشوق إلي العدل, دون تأثير من الذين يؤرقهم الخوف منه. المستشار سعد النزهي