مع التسليم بأن اختلاف الرؤي ليس فقط أبرز علامات الديمقراطية في أي مجتمع وإنما هو إحدي سنن الحياة منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها, فإن ثمة إشارات غير مريحة تلوح في الأفق هذه الأيام تستدعي التنبه مبكرا لتجنيب المناخ السياسي خطر الانزلاق نحو أجواء من الخصام والتنابذ وتبادل الاتهامات وعدم احتمال الرأي الآخر. لقد أنجز الشعب بتدفقه الهائل علي صناديق الاستفتاء حول التعديلات الدستورية روحا جديدة ينبغي الحفاظ عليها من أجل بناء مصر الجديدة بعيدا عن كل ما يعطل دوران عجلة البناء والإنتاج بأقصي سرعة دوران ممكنة وبما يجعل من الصحوة السياسية دافعا لتوحيد الأمة حول القواسم المشتركة علي طريق نداءات الحرية والتغيير والعدالة الاجتماعية! إن دقة المرحلة التي تمر بها البلاد تتطلب توافقا وطنيا حول الأهداف المشتركة من خلال القدرة علي تحويل أية خلافات في الرؤي إلي قوة دافعة للأمام وذلك يتطلب الانتصار لقيم التنوير والحداثة وإعمال العقل ومقارعة الحجة بالحجة بروح الرغبة في قهر تحديات الحاضر والتطلع بالأمل نحو المستقبل! وليس معني ذلك أنني أدعو لكي نحتشد جميعا في تيار سياسي وفكري واحد وإنما أدعو للاحتشاد من أجل صنع مناخ سياسي جديد يجمع كل القوي السياسية تحت مظلته بحيث لا يسمح بأي نوع من الإقصاء أو التهميش... فالخطر كل الخطر أن يتوهم أي فصيل سياسي أنه يملك الحكمة أو أنه يحتكر الحقيقة وحده, فنحن بحاجة إلي كسر حالة الجمود السياسي بفتح كل الأبواب والنوافذ وسماع كل الآراء والأفكار والاتجاهات المتباينة باحترام وتواضع وبما يسمح بتقويم عادل ونزيه لكل جوانب المشهد الوطني. والأمم الحية هي التي تجعل من الديمقراطية مدخلا للتقارب والتوحيد بين شرائح المجتمع من خلال مناخ سياسي نظيف يخلو من السموم والأحقاد الشخصية ويساعد علي بذر بذور الأمل بدلا من اللقاحات المثبطة للهمم! خير الكلام: من السهل أن تخاصم الناس... من الصعب أن تحبهم وأن تجعلهم يحبوك! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله