في هذ الموضوع بالذات تعودنا الكذب أو بالدقة التكاذب المتبادل. تتفجر تلك التي أسميناها اسم دلع هو الفتنة الطائفية, ثم ننفخ فيها معا فتنطفئ ثم ننفخ مرة أخري فيتطاير رماد الفتنة ليعمي عيوننا وتلتهب من جديد, وإذا كنا نكرر الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها فنحن جميعا نستحق اللعنة لأننا شركاء في التباطؤ والتواطؤ والصمت علي التكاذب. الاحتقان الطائفي موجود, وترسخ في نفوس الكثيرين, البعض لأنه تعلم في المدرسة وفي الإعلام وفي الممارسات الرسمية اليومية وعبر التحريض المتأسلم ان اضطهاد المسيحي سوف يقتاده إلي الجنة, بينما الحقيقة انه تدمير للوطن وأنه مخالفة لصحيح الدين تقود صاحبها إلي جهنم, والبعض الآخر المسيحي يمتللك في أعماقه مخزونا من الاحساس بالاضطهاد الرسمي وغير الرسمي بما يدفعه إلي نسيان أحبوا مبغضيكم وباركوا لاعنيكم ولست أطالبهم بذلك, وإنما بالتمسك بالحقوق دون كراهية ودون تكاذب, ويبقي الاحتقان كامنا حتي يخدشه دبوس متطرف فينفجر بركانه في حين أن الحل سهل للغاية ويمكنه أن يفرغ كل التطرف وكل الكراهية وكل التواطؤ والتباطؤ والتكاذب المتبادل. وأعتقد ان الحل يمكن في مرسومين يمكنهما أن يصدرا اليوم, أو بالدقة كان يجب أن يصدرا منذ سنين. الأول ينظم وبعدالة ووضع دستوري صحيح عملية بناء الكنائس. والثاني يفرض عقوبة رادعة علي كل من يمارس أي عمل لايلتزم بالنص الدستوري والقانوني باحترام المواطنة والمساواة التامة بين المصريين في كل مجال بغض النظر عن الدين وأصل الحكاية أنه فيما كان لهيب ثورة1919 يشتعل, انطفأ مد التأسلم, اختفت النزعات الطائفية ورصاص الاحتلال لم يفرق بين مسلم ومسيحي, سالت دماؤهما معا لتروي زهور الوطنية الخالية من أي تعصب ديني ومن أي تمييز علي أساس الدين لكن الاحتلال ظل يواصل لعبة التفريق, وعندما كان سعد يستعد للسفر إلي لندن لمفاوضة الاحتلال صرح متحدث باسم الخارجية البريطانية بأن المفاوض البريطاني سوف يصمم علي وجود احتلالي يحمي مصالح الأجانب, واستكمالا للمؤامرة أطلق مجهولون النيران من مسكن في عابدين تقيم فيه أسر أرمنية علي إحدي مظاهرات الثورة, وأسرع عملاء الاحتلال ليشعلوا نيران الفتنة وليؤكدوا أن أرواح الأجانب في خطر, لكن حكمة قادة الثورة وقادة الطائفة الأرمنية أطفأت الفتنة, وأعلن الأرمن أنهم مع المصريين وضد الاحتلال, وعاد المتحدث باسم الخارجية البريطانية ليحاول إشعال فتنة أخري معلنا أن وجودا احتلاليا يبقي ضرورة لحماية مصالح الأقباط, وثار الأقباط قبل المسلمين معلنين في كنائسهم وتجمعاتهم ورسائلهم للصحف أنهم ضد الاحتلال ولايطلبون منه حماية, فهم والمسلمون أصحاب لهذا الوطن ويريدون له الاستقلال, وفي خطوة حاسمة اقترح عبد العزيز فهمي باشا أن يكتب شاعر مصر أحمد شوقي نصا لصلاة مصرية يشدون بها كل المصريين في وقت واحد معلنين وحدتهم ضد الاحتلال ويدعون لسعد بالتوفيق, وفي اليوم الموعود دقت كل الكنائس أجراسها وارتفع أذان المآذن واحتشد المصريون في المساجد والكنائس دون تفريق, مسلمون في الكنائس وأقباط في المساجد والجميع يرددون في وقت واحد وصوت واحد صلاة لمصر. اللهم ياقاهر القياصر ومذل الجبابر ومن لايحكم بين عباده سواه هذه كنانتك نزع إليك بنوها وهرع إليك ساكنوها هلالا وصليبا بعيدا وقريبا مستبقين كنائسك المكرمة التي رفعتها لقدسك أعتابا ميممين مساجدك المعظمة التي شرعتها لكرمك أبوابا نسألك فيها بعيسي روح الحق ومحمد نبي الصدق وموسي الهارب من الرق كما نسألك بالشهر الأبر والصائميه وليلة الأغر والقائميه وبهذه الصلاة العامة من أقباط الوادي ومسلميه أن تعزنا بالعتق إلا من ولائك ولاتنزلنا بالرق لغير آلائك فآتنا اللهم حقوقنا كاملة وتجعل وفدنا في دراهم هو وفدك وجندنا الأعزل إلا من الحق جندك وقلدنا زماننا وولنا أحكامنا واجعل الحق أمامنا وإذ توحدت مصر نجحت الثورة فمتي ننجح؟ والآن هل سأحتاج أن أعيد نشر نص هذه الصلاة مرة أخري؟! المزيد من مقالات د. رفعت السعيد