كنت قبل ثورة يناير علي الجانب المخطئ الذي يظن أن الشعب المصري يريد الإصلاح لأنه يريد الاستقرار أيضا, ولذا فإنه كان قابلا بإصلاحات تدريجية حتي ولو كانت تحدث علي فترات طويلة. ولكن ثبت مع الثورة أن الشعب يريد إسقاط النظام كله لأنه لم يعد يطيق الانتظار لفترة طويلة بعيدا عن اللحاق بمن سبقنا من الشعوب والأمم. كانت طموحات الشعب أقوي وأكثر اندفاعا وعنفوانا مما قدرت وقدر آخرين, وكان الشباب وحدهم الأقرب إلي النبض في الشارع. ولكن نتائج الاستفتاء الأخير أثبتت أن الشعب لا يزال يريد الاستقرار أيضا, ويرغب أن تستمر عملية إسقاط النظام بطريقة سلسلة وشرعية. هذه المعادلة الصعبة لا يمكن حلها إلا إذا بقي الشعب دائما في الساحة خلال عملية التحول هذه ليس من خلال مظاهرات التحرير, وعمليات الحرق الفئوية, أو التعصب الطائفي أو الديني, وإنما من خلال صناديق الانتخابات التي سيتوالي التصويت فيها خلال الشهور المقبلة في انتخابات تشريعية ودستورية ورئاسية. الحقيقة التي يجب ألا نغفلها هي أن41% فقط من المصريين في سن التصويت هم الذين مارسوا حقهم, وكان ذلك داعيا للاحتفال لان ذلك تجاوز بفارق ملحوظ نسبة ال25% التي سادت في النظام القديم. ولكن الواقع يبقي أن أقلية فقط من الشعب هي التي مارست هذا الحق, وفي اعتقادي أن ذلك لم يكن بسبب عدم الرغبة في المشاركة ولكن لأن44 ألف لجنة انتخابية لم تكن كافية لممارسة45 مليون لحقهم الانتخابي. المسألة هنا بالحساب البسيط تجعل من المستحيل علي الشعب أن يعبر عما يريده, وكان ذلك استفتاء بسيطا بلا أو نعم, فماذا يكون الحال عندما يكون التصويت علي قوائم أحزاب كثيرة وطويلة حتي تغطي مئات الدوائر ومن ثم فيها آلاف المرشحين. دعونا نبحث عن حل أو حلول لهده المعضلة حتي نعرف من الشعب كيف سيحصل علي الاستقرار والتغيير الجذري في نفس الوقت. الشعوب تصنع المعجزات عادة. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد