كنت مع الحالمين بدستور جديد نبدأ معه دولة جديدة بعيدة عن الظلم والقهر والنفاق الاجتماعي والفئوي.. ونبدأ فيه كغيرنا من الدول عهدا جديدا من الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية التي تكفلها نظم وقوي اقتصادية تنظر إلي فئة الشعب كمواطنين. ولاتفرق بينهم في مبدأ الحياة الكريمة وكفالة حق العمل في ظروف متكافئة لا في ظل مجتمع يسوده من عنده علي من ليس عنده. وكنت مع المنادين إذا لم يتحقق هذا الحلم بضرورة إعادة ترتيب أولويات الإعلان الدستوري الذي تبناه المجلس الأعلي للقوات المسلحة, والذي حدد فيه اجراء تعديلات دستورية ثم اجراء الانتخابات التشريعية وبعدها يجري انتخاب رئيس الجمهورية وذلك بأن تبدأ علي الأقل بعملية انتخاب الرئيس ثم يعقبها انتخاب مجلسي الشعب والشوري لإيجاد مناخ جديد لاختيار من يمثل هذا الشعب تمثيلا مشرفا يقفز بالبلاد إلي مصاف الدول التي نسعي لبلوغ درجاتها في ظل فرص جديدة متكافئة لاتكون الغلبة فيها لمن استعد ونظم لها نفسه عبر سنوات طويلة برغم الاصرار علي أنها جماعة محظورة وبرغم علمنا أيضا بأن الأحزاب والقوي السياسية الأخري التي جري تهميشها علي مدي السنوات الماضية غير مستعدة لخوض المعركة الانتخابية بالقوة المناسبة فضلا عن أن القوة الحقيقية الفاعلة للثورة وهي الشباب لم تتجمع بعد قواها للمضاربة للمشاركة الواجبة في الانتخابات وليكون لها صوتها المسموع فيما يجري من إصلاح وتغيير وتشكيل لصورة مستقبل هذا الوطن. ولكن مادام أن الشعب قد قال في اليوم التاريخي كلمته العليا في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية, ومادام أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة بصدد إعلان دستور جديد يحوي في طياته دستورا مؤقتا للبلاد يحكم إدارة المشهد السياسي في المرحلة المقبلة, فإننا نصبح جميعا أمام التحدي الأكبر.. ألا وهو مرة أخري تهيئة المناخ في الفترة القصيرة المقبلة لقيام عناصر الدولة المتكاملة ومن أهمها تكثيف الجهود لاشاعة الاستقرار والهدوء وعدم تشتيت الأفكار والرؤي حول قضايا يجري حسمها بتوافق اجتماعي ثم تعريف المواطن بأهمية وخطورة المرحلة المقبلة وتعميق وعيه فإن اختيار ممثلي الشعب الجدد لابد من إتمامه علي اساس العقل وليس العاطفة.. والأهم من ذلك كله بأن الدين لله, وان السياسة شأن آخر لها دهاليزها وطرقها ووسائلها, وان هدف إنشاء الدولة المدنية الجديدة والمعاصرة يختلف تماما عن إنشاء دولة قد يحكمها التكفير أو التخوين أو الاقصاء, أو النفي من البلاد لمن يعارض أفكارهم أو تشددهم أو تلونهم. نحن أمام معركة ديمقراطية حقيقية ينتصر فيها الحوار الجاد والفكر الهادئ المستنير الذي بات علي الجميع المشاركة فيه بكل جدية بعيدا عن التشنج أوالاستغراق في قضايا جانبية تفصيلية أو تصفية الحسابات ودعاوي الانتقام. [email protected]' المزيد من أعمدة ابراهيم نافع