حين تقرأ حديثها تستشعر أن الطبيعة أعطت المرأة مالم يمنحه لها القانون.. فالدكتورة عائشة راتب وزير الشئون الاجتماعية والتأمينات الأسبق سيدة قوية شديدة المراس.. جسور لا تخشي في الحق لومة لائم. فأكليل الشعر الفضي الذي يتوج هامتها وعينيها اللتين تتلألأن بالذكاء وخبرة الستين عاما التي تحملها علي كاهلها تؤكد أننا نقف علي أكتاف الأسلاف ونتكئ علي تجاربهم والتراكم المعرفي الذي يؤسس البدايات للأجيال اللاحقة, وقد شهد تاريخها بدايات متنوعة وأحداثا فارقة, فكانت أول أستاذة قانون دولي وأول سفيرة لمصر بالخارج, حين آلت إليها وزارة الشئون الاجتماعية سعت لتأسيس مجتمع الكفاية والعدل ولكن في أحيان كثيرة كانت الرؤية تبدو واضحة, ولكن المعالجة وموقف القيادة السياسية يأتي مليئا بالتناقضات, فصدرت قرارات عديدة في العقود الماضية نخرت أسس العدل الاجتماعي, فلم تكن هناك بوصلة محددة, وأصبح الأمر مثل الصوفية كل إنسان يهتدي بهديه.. وتلك آفة السياسة في بلادنا.. عاصرت د.عائشة العهد الملكي وثورة يوليو, وشهدت لزعيمها بالإيجابيات. وأسهمت في عهد السادات في مناقشات دستور1971, الذي يبدو أنه ولد وسوء الحظ يترصده حتي أفول نجمه أخيرا, ويحسب لها أنها كانت من أبرز المعترضين علي اختصاصات رئيس الجمهورية في حضرته.. وبكل ثقة ونزاهة استندت للمنطق الجدلي الذي يتوسل بالحجج والأدلة لتقويض الرأي المضاد, هكذا اشتهر جيلها بعيدا عن شهوة الجدل العقيم.. وأن ظلت معضلة قول الحق أحيانا انه يحتاج لرجلين أحدهما ينطق به والآخر يفهمه كما يقول جبران خليل جبران, فما بالنا لو نطقت به امرأة. قبل أن توشك آمال الأمة علي الغروب كان الغضب قد طالت أظافره فشاءت الأقدار أن تكتحل عيناها بثورة25 يناير التي بددت تراكمات الأخطاء والفساد, ولكنها بحكمتها تحذر من فوران الخميرة الثورية وضرورة الانتقال من الروح الثورية للبناء والنماء, فمصر مهما تعرضت للمحن كانت دوما مثل طائر الفينق يبعث دوما من رماده. بداية.. ما رأيك في ثورة25 يناير؟ من أهم الأحداث في تاريخ مصر الحديث, فقد جعلت المواطن المصري يشعر بالعزة والكرامة, وحتي النظرة لمصر والمصريين من مختلف دول العالم تغيرت تماما, فلأول مرة يخرج فيها الشعب بكامل هيئاته لإسقاط الحكومة والنظام, فهذه الثورة خلدت الشعب المصري ولكن من غير المعقول أن تكون هناك مظاهرات كل جمعة, فأنا ضد هذا لأنهم بهذا يبتذلون الثورة, وأن يكون هناك أفراد لا توجد بينهم رابطة, ويطالبون بتنظيف البلد فلابد أن نعطي للمسئولين فرصة لتنفيذ طلباتهم, وكذلك أطالب بتوقف الطلبات الفئوية لأنها تفسد الثورة, أما عن دستور71 فكنت في اللجنة المركزية التي تناقشه وكنت من المعترضات علي كل الاختصاصات الواسعة لرئيس الجمهورية وقلت بالنص لا يجوز أن يكون للرئيس كل هذه السلطات أمام الرئيس السادات رحمه الله ومن كثرة اعتراضي سأل عني السادات محمود فوزي رئيس الوزراء وقتها فقال له هي أستاذة في القانون فقال له هاتها وزيرة. عاصرت الثورتين فما أوجه الفرق بين ثورة52 و25 يناير؟ ثورة52 كانت لها ميزة كبيرة وهي أن نشعر بالناس الغلابة, ففي الماضي لم يكن أحد يسمع بهم أما ثورة25 يناير وكانوا يسألونني سنعمل ثورة مثل تونس كنت أقول لهم خلاص الشعب بتاعنا تبلد وبعدها حدثت الثورة في ميدان التحرير فشعرت بأن الشباب المصري مازال يحب بلده ويرغب في أن يضحي من أجله, ولكن ما يحدث حاليا من تظاهرات ومطالب فئوية جعل الثورة تخرج عن السياق وأن يقفوا كل يوم جمعة ليطلبوا استقالة الوزير فلان أو علان فأنا ضد هذا وأنا ابني يعيش في ألمانيا فيقول لي لا تتخيلي نظرة العالم لنا فلا نريد أن نفسد كل هذه الأشياء. هل كنت تتخيلين حجم كل هذا الفساد؟ نعم كنت أعلم أن هناك فساد ولكن ليس بهذا الشكل وأنا كنت ضد قانون الانفتاح وأن نبيع أراضي الدولة بملاليم. وما رأيك في التعديلات الدستورية؟ أنا لست من أنصار التعديلات ولكنني من أنصار التغيير, ونحن رقعنا الدستور بما فيه الكفاية أنا ضد ترقيع الدستور وحان الوقت أن نضع دستورا جديدا. ماذا عن بدايتك العملية؟ بعدما تخرجت كان عندي حماس وتقدمت بأوراقي إلي مجلس الدولة بعدما عرفت ان مجلس الدولة يطلب خريجي حقوق وكان أيامها السندوبي باشا وسأل هو والوكلاء وكانوا يعرفون جدي.. فسألوني: لماذا مجلس الدولة؟ وكلهم كانوا من أنصار تعييني وعندما عرض الموضوع علي حسين باشا سري قال: تعيين فتاة في مجلس الدولة مخالف للسياسة العليا للدولة ورفعت دعوي علي مجلس الدولة عام49 ورفضني رئيس الوزراء وقال إن هذا مخالف للتقاليد ومخالف للسياسة العليا للدولة وفي الوقت نفسه كنت أستكمل دراساتي العليا وكانت كلية الحقوق في حاجة إلي معيدين وقالوا جربي وتقدمي وكان عميد الكلية د. حامد فهمي عنده بنات فقط, كان رجلا أمينا جدا وكان يعرفني شخصيا ويعرف أنني متفوقة وقال إنه موافق ولكن لو مجلس الكلية لم يوافق يمكن أن ترفعي علي دعوي. ذكرياتك عن ثورة يوليو؟ كنا شبابا متحمسين وكنت عضوة في الحزب الوطني القديم, وكنا نطالب بجلاء الإنجليز ولكن حاليا في سني هذا أقول: ملك تولي الملك وعمره16 سنة وخرج عمره32 سنة فليس من العدل أن أنسب إليه كل المخازي التي حدثت, ولكن أي حاكم لابد أن يحسن اختيار معاونيه لأنهم هم الذين يوصلون له المعلومات والأخبار ويقرأون له الصحف تكون النتيجة سيئة. وكان مصطفي النحاس هو الذي يحكم البلد وليس الملك وكان هناك فصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, وكان الملك يملك ولا يحكم مثلما يحدث في النظم الإنجليزية وكان فاروق محبوب جدا, ولكن بعد أن طلق الملكة فريدة وبدأت الصحف تكتب في فرنسا عن علاقاته بمغنيات فرنسيات من وقتها بدأنا ننظر له نظرة أخري. وكنت وقتها في فرنسا لتحضير رسالة الدكتوراه وكنت مع مدام باستير وكانت لجنة الحكم علي المناقشة مكونة من4 أساتذة مصريين وأستاذ فرنساوي وكتبتها باللغة الفرنسية, وكان المشرف د. حامد سلطان وحصلت عليها عام53 وكان عمري وقتها26 عاما ونشر في الصحف وقتها أم صالح تحصل علي الدكتوراة. كنا من أنصار الثورة لأن الملك كان صغير السن وكنا مؤيدين للثورة بلا شك, وخاصة بعد نشر مبادئها ولكن لم يكن لي علاقة بأحد أيام الثورة وكنت في باريس للدراسة ولكننا كنا نسمع عن فضائح الملك وكنا متضايقين وعندما حدثت الثورة فرحنا بها. وفي تنظيم سري وأول موضوع تمت مناقشته هو فصل القضاة وكنا نحتج علي هذا ونرفضه ففصلونا وكنت في البيت وسمعت في الإذاعة أنهم اختاروا مائة شخص لمراقبة انتخابات الاتحاد الاشتراكي وكنت واحدة منهم وبعد ذلك في انتخابات اللجنة المركزية طلبوا مني ترشيح اسمي وقالوا نحن علينا الباقي وتم انتخابي في اللجنة المركزية وكانوا يناقشوا الدستور الدائم الساري حاليا وأعطوا فيه لرئيس الجمهورية جميع السلطات وكل الامتيازات فغضبت وقلت لا يصح أن يحصل رئيس الجمهورية علي كل هذه الاختصاصات كما ذكرت. ما أهم القرارات التي تنسب إليك وكانت مؤثرة؟ جئت في فترة الحرب وكنت أعرف أننا سنحارب وكان الرئيس السادات من عاداته انه قبل اتخاذ أي قرار يأخذ آراءه ناس كثيرين وكان يقول عام الحسم, والناس بدأت تمل من هذه الكلمة واسرائيل مستمرة في استفزازنا ولكن اذا ماقرر الحرب فلابد أن تكون المسئولية في يد واحدة حتي لايحدث اعتراض من جانب رئيس الوزراء, وبرغم أنني كنت ضد أن يأخذ الرئيس كل الاختصاصات ولكن في هذا الموضوع أيدت أن تكون للرئيس جميع الاختصاصات خاصة في فترة الحرب وذهبت لدكتور ثروت بدوي أستاذنا وحصلت منه علي كتاب النظم السياسية والدستور وسهرت طوال الليل وكتبت مذكرة تعطي لرئيس الجمهورية الحق في رئاسة مجلس الوزراء بصفة دائمة, وفسرت مواد الدستور بما أن الرئيس يحضر اجتماع مجلس الوزراء واتصلت به تليفونيا واخبرته بأن المذكرة جاهزة وجاء معي د. مصطفي ابو زيد وكان وزير العدل وجمال العطيفي وكيل مجلس الشعب وقال لي السادات اجلسي معهما ولاتوقعي بمفردك وجاءوا في الوزارة وقرأوا المذكرة واضافوا لها نقطة هي: من يتحمل المسئولية الوزارية امام مجلس الشعب فالرئيس أصبح رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء و د. عبد القادر حاتم نائب رئيس الوزراء وبدأوا في التحضير للحرب. وكيف علمت بموعد الحرب عام73 ؟ كنت في جولة بالغربية وكتبت الصحف عن الزيارة وبالفعل كان معي وكلاء الوزراء وكنا عند المحافظ وقبل زياراتي للمصانع في طنطا جاء لي اتصال تليفوني من وزير الداخلية وقال لي عاوزينك تعودي حالا للقاهرة ومن معك ونحن عائدون فتح السائق الراديو فإذا بنا نسمع صوت السادات وبيان الحرب فعلمنا بقيام الحرب. وماذا كان دورك في هذه الفترة؟ بكل أمانة فترة الحرب كنت استيقظ6 صباحا وأنام في الواحدة ليلا وكان عندنا كل حاجة: المجندون وأسر المجندين والمهجرين وكنا نصرف لهم الاعانات وكانت المسئولية كبيرة وكانت السيدة جيهان السادات تحرص علي مراقبتي في كل زياراتي للجبهة والمستشفيات والمحافظات ولذلك كان الاستعداد افضل ولم نكن أصدقاء وقتها ولكنها عزيزة الي قلبي حتي الآن. وأتذكر في أثناء زياراتي لأحد المستشفيات ثاني يوم للعبور واحد جريح قال لي أين قائدي الفريق فؤاد عزيز غالي المسيحي الذي صلي مع الجنود المسلمين بعد عبورهم للنقطة الاولي صلاة الشكر وكان الرجل لايرتدي حذاء ويسير بالشراب وظل ثلاثة ايام بلا نوم وأنا أعتبر هذا نموذجا لكل المسيحيين, وبعد الحرب أصبح هذا الرجل العظيم محافظا لجنوب سيناء وكنا نزور باستمرار الجبهة وكنت في الجيش عند أحمد بدوي وكانت ترافقني حرم السادات وكذا نجتمع باستمرار مع العساكر والضباط. ألم تعتقدي أن كامب ديفيد كانت وراء هذا الحادث؟ حادث المنصة كان قاسيا وأتذكر قبل التوقيع علي كامب ديفيد احضرني السادات أنا وزوجته وسألني: رأيك ايه ياعائشة؟ فقلت له ياأفندم(........) فقال لي كده ياعائشة ولكن حاليا أقول برافوا عليك ياسادات فإذا لم نوقع علي هذه الاتفاقية لظلت سيناء تحت ايديهم وكانت ستظل اسرائيل فيها وتملأها مستوطنات وكذا سنصبح مثل الضفة الغربية وغزة فكانت الوسيلة الوحيدة لاستقرار سيناء وهم من القرن ال19 كانوا يرغبون في الاستيلاء علي الزقازيق, فالصهيونية موجودة من زمان. وماذا عن تعمير سيناء؟ في مجلس الوزراء وبعد فض الاشتباك سألنا: ما الذي نفعله مع الضباط والعساكر؟ فقلت لهم هؤلاء الناس حملوا السلاح ودافعوا عن مصر واقترحت أن يأخذ كل عسكري5 أفدنة وكل ضابط10 أفدنة ونوصل لهم المياه والمصري فلاح بطبعه وبذلك ستصبح كل سيناء خضراء. وبالنظر لأمريكا كيف تكونت؟ فلقد تم اكتشاف الامريكتيين1494 وكان من فيها مجموعة من الهنود الحمر ووضعوهم في حظائر وكان يزورهم السياح وشيئا فشيئا تكونت الولاياتالمتحدة وحل الرجل الابيض محل الهنود الحمر فلم يعد لديهم وجود, لذا نري تعاطف أمريكا مع اليهود ونحن الأمة الاسلامية السبب في حضارة اوروبا فلم يكن لهم في العلم ولقد كنا خاضعين للاستعمار التركي ثم المماليك ثم محمد علي وفخر لاسرة محمد علي, واسماعيل باشا الذين أسسوا مصر الحديثة. ولذا نري ما حدث في باكستان والعراق واليمن والصومال والسودان أنهم يرغبون في التقسيم شمالا وجنوبا وهناك مخططات مرسومة لتقسيم المنطقة وعندنا بترول وثروة بشرية والناس متعلمون. ما تقييمك لقانون الانفتاح الاقتصادي؟ صدر قانون الانفتاح وكنت وقتها رئيسة اللجنة التشريعية الوزارية وكنت أقدم وزيرة قانونية وكان أغلب الوزراء قانونيين وقتها وكنت في مجلس الوزراء أمسك الدستور واقول لهم غير دستوري وجاء لي ثلاثة مستشارين ومنهم عاطف عبد الباري وقالوا لي عايزينك في موضوع سيعرض عليكي قانون غير دستوري وقال لي د. عبد العزيز حجازي وقتها فقلت له: القانون لن يمر فقال لي الريس عايزه ولذلك فالرئيس السادات لايريد أن ينسبه لنفسه فعمل تغييرا وزاريا ولذلك د. عبد العزيز رئيس الوزراء نقلني من رئاسة اللجنة التشريعية للجنة الاجتماعية وعينوا وزيرا للعدل وهذا أعطي الفرصة لكل ما يحدث الآن. فتح الباب باسم الانفتاح وأن الدولة ترفع يديها من النشاط الاقتصادي والدولة تبيع جميع المصانع والاراضي والبشر وأن تنفتحي علي العالم اجتماعيا واقتصاديا وفي نفس الوقت تحافظين علي حقوقك ولم نترك الانفتاح سداح مداح. كنت في الوزارة في أثناء مظاهرات17 و18 يناير..1977 فما الذي تذكرينه عن تلك الأيام؟ ليس من العدل أن يدخن الوزراء السيجار ويعيشون في رغد والشعب يحتج والزيادة السكانية أدت لارتفاع الاسعار واذا كانت المحال تغلق الساعة8 مساء. وبعد كامب ديفيد حدث ارتفاع في الاسعار وحدثت أحداث17 و18 يناير وحدثت الانتفاضة وقيل عنها انتفاضة الحرامية وقلت عنها انتفاضة شرعية وتقدمت باستقالتي.وغضب السادات جدا لأنني لم أقدمها له مباشرة وظل شهرا حتي وافق علي عودتي للتدريس بالجامعة ولم أحاول الاتصال به وقلت إنه يعرف رقمي اذا كان يريد أن يكلمني فأنا موجودة فالرئيس كان يكن لي معزة كبيرة وكان عند اتخاذه أي قرار دائما يستشير من حوله وأنا كنت منهم باستمرار. ثم كلموني في الرئاسة وقالوا لي سيادة الرئيس يريد مقابلتك وذهبت وقال لي أنت تعرفين لماذا لم ارجعك للجامعة؟ فقال لانك قلت انتفاضة شعبية وليست حرامية وقال كان عندي اللواء النبوي اسماعيل وزير الداخلية واحضر لي نتيجة الاستفتاء وكانت99.9% فقلت له وحضرتك صدقته فقال لي مفيش فايدة فيك يا عائشة ثم أعادني بعد ذلك للجامعة. كيف تم تعيينك سفيرة؟ بعدأن تركت الوزارة بفترة قليلة قرر السادات تعييني سفيرة في الدنمارك ولنري قلب هذا الرجل ونبله عندما علم بانفصالي عن زوجي وكان ابني يتدرب في المانيا في الهندسة تم نقلي كسفيرة لألمانيا كما وافق السيد كمال حسن علي رئيس الوزراء وقتها علي سفر ابني الثاني وبرغم أنه لم يكن مؤديا للخدمة العسكرية وذلك حتي لا أسافر بمفردي ثم دفعت له رسوم المصريين الموجودين بالخارج للاعفاء من التجنيد. وجاء معي وحضر الدكتوراة. وعدت من ألمانيا عام.28 عاصرت فترة حكم عبدالناصر والسادات.. فما أهم الفوارق بينهما؟ يحسب لعبدالناصر حرب56 وأنه أمم قناة السويس وأنشأ السد العالي, وحرب76 كانت بسبب موقف مصر من الفلسطينيين وكانت كلها خارجة عن إرادته وأيا كان الشخص الموجود في مكانه, وأنا لا أحب أن نظلم عبدالناصر فهو الذي أمم قناة السويس وهي التي تنفق علينا, وهو الذي عمل مجانية التعليم وكل الوزراء الحاليين الذين يعارضون مجانية التعليم من أول رئيس الدولة لآخر فرد هم من خريجيها. حقيقي الذي بدأها د.طه حسين حتي الثانوي والذي مدها للجامعة كان عبدالناصر. أما السادات فيكفيه فخرا حرب37 وإلا كان زمان مثل الفلسطينيين وأيام الحرب في إحدي جولاتي في بورسعيد وكانت معي حرم السادات كنا نغلق نور السيارة حتي لا يرانا اليهود علي الضفة الأخري. السادات أعاد لنا سيناء بنسبة001% ومازلنا ملتزمين بقوات دولية علي الحدود, ومازالت هناك قيود علي التسليح, فكل منطقة لها نوع معين من السلاح, ولكن وقت الجد لا يوجد ما يمنعنا من استخدام جيوشنا. ولكن يكفيه وللأسف الشديد قانون الانفتاح الاقتصادي, وأنا أقول هذا وهذا الرجل صاحب فضل علي وأعزه وأقدره جدا. ورأيك في الخصخصة في عهد مبارك؟ لم أكن يوما من أنصارها, ولعلها السبب الرئيسي في ارتفاع نسبة البطالة, فليس معني الخصخصة أن يقوم أصحاب العمل بتسريح العمال بعد إعطائهم مبلغا من المال مهما كبر, فبعد إنفاقه يصبحون في الشارع بلا مال وبلا وظيفة, وكان يتحتم عليهم تشغيلهم بطريقة أو بأخري. عملية الخصخصة التي ضيعت البلد ومثلا كنت أجد عمر أفندي بجوار حديقة الحيوانات قبل الخصخصة مزدحما, أما الآن أجده فهو بلا بشر كالخرابة. الخصخصة هي نوع من الانفتاح وهل يعقل أن الأرض المصرية التي كانت في وقت من الأوقات مزرعة الإمبراطورية الرومانية أصبحنا نستورد القمح. والقطن المصري طويل التيلة أصبح هناك عجز فيه, وكل هذا لأنهم باعوا المصانع وقلبوها عمارات. الانفتاح هو ما أدي إلي الخصخصة وأن ترفع الدولة يديها من الرقابة وحتي الدول التي كانت تنصح بالانفتاح والاقتصاد الحر أمريكا تدخلت فيها ولا تستفزني إلا فلوس التأمينات والمضاربة بها, فلا أحد يوافق علي إقراضنا فهذه كارثة, وفلوس الحكومة دخلت خزانة الدولة وهذا يضر بمصالح المؤمن عليهم, وأنا عندما كنت وزيرة رفضت هذا القرار. وأهم القرارات التي شاركت فيها وكانت متعلقة بالمرأة؟ شاركت في لجنة تعديل قانون الأحوال الشخصية في الوزارة وكانت تضم المفتي ورجال الدين وأساتذة الجامعة ووضعنا مشروعا وبدأت الصحف تكتب عنه فالرئيس طلب عدم صدور هذا القانون وكانت اللجنة إنتهت من عملها فقلت لوكيل الوزارة رد الخطاب لا نعطيه رقما في جدول الخطابات ثم صدر القانون بتاريخ سابق وإذا أراد الرئيس أن يسحبه فليسحبه من مجلس الوزراء وليس من عندنا لدرجة أن د.سليمان مرقص قال لي بعد ذلك ياريت تعمل لنا قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين ثم حدثت بعد ذلك أحداث71 و81 يناير ثم جاءت بعدي د.آمال عثمان كوزيرة وأعتقد أن قانون الخلع أنصف المرأة, كذلك تصريح سفر الزوجة خارج مصر كان يشترط موافقة الزوج كتابيا, ولكننا قررنا أنه يكفي موافقته علي استخراج جواز السفر. أما عن المعاشات.. حيث كان أبناء الأرملة يحصلون علي معاش والدهم المتوفي, وعندما يبلغون سن62 سنة ينقطع المعاش, ولكني غيرت هذا بإعادة معاش الأبناء إلي الأم عند بلوغهم السن القانونية عندما وجدت الطلبة يرسبون في كلياتهم حتي لا يسقط عنهم المعاش بمجرد تخرجهم وفقا للقانون, وغيرت هذا إلي أن من حق الطالب الحصول علي المعاش بعد تخرجه حتي سن ال62 سنة وإذا لم يجد وظيفة, وكذلك الابنة إذا ما طلقت يعود لها معاش والدها مع والدتها, والزوجة التي تطلق بعد سن الأربعين لسبب ليس منها وإذا مات طليقها فأنها تشارك الزوجة الجديدة في معاش زوجها, وأتذكر عندما كنت في أحد الأندية نادتني سيدة لا أعرفها وشكرتني لأن زوجها ذا المركز المرموق طلقها بعد الأربعين وتزوج بأخري صغيرة وهذا القانون جعلها تحصل علي معاشه. كنت أول معيدة وثاني وزيرة وأول سفيرة.. فما أكثر لقب تعتزين به؟ الأستاذة الدكتور عائشة راتب لأنها هي التي عملت السفيرة والوزيرة وحتي الآن أستاذة متفرغة في كلية الحقوق فهذه أنبل رسالة أقوم بها وأكون ماشية في الشارع وأجد مستشارا أو قاضيا, يسلم علي ويقول أستاذتي.. وكل الأساتذة في الكلية يقولون أستاذتنا فأنا أقدم واحدة فيهم. وأنا رئيس قسم القانون الدولي وحاصلة علي جائزة الدولة التقديرية عام59 وحصلت وقتها علي5 آلاف جنيه وبعدها بعامين أصبحت002 ألف جنيه وأرسلت للرئيس مبارك مع أحد معاونيه أن عائشة راتب لها عندك591 ألف جنيه ولم يرد علي. هل علاقتك القوية بجيهان السادات كانت وراء تأييد السادات لجميع قراراتك؟ الرئيس هو الذي كان يؤيدني وكان بعيد النظرة وأنا كوزيرة كنت حريصة جدا علي عملي, ولم أكن أقبل أن يأتي أحد تجاه الوزارة, والجمعيات والشئون الاجتماعية, وكنت أتشاور دائما مع وكلاء الوزارة, وكل واحد له رأي ويجب احترامه وإذا كان أحد منهم غير مقتنع يبدأون في مناقشتي ويقنعوني وأقنعهم. ألا تتفقين معي أن هناك بذورا للفتنة الطائفية؟ أعتقد أن هذا مخطط ونحن كلنا أقباط والعرف الذي جري علي لفظ قبطي أنه المسيحي ولكن في الواقع الفعلي كلنا أقباط وتأتي من لفظ( إيجبتوث) أنا قبطية مسلمة ومارتا قبطية مسيحية. وأحزن عندما أقرأ في الصحف أقباط العراق وكلمة قبطي تقال علي المصري فكلنا مصريون أقباط. وما حدث في العمرانية من أحداث مؤسفة لا يصح. ما رأيك في الديمقراطية في مصر؟ لا يوجد ديمقراطية في مصر وأنا لست عضوة في الإخوان أو أي حزب سياسي, والأحزاب ليس لها وجود في الشارع وكان لا يوجد سوي الحزب الوطني ومن وراءه الشرطة وأصحاب المصالح الذين انتفعوا من قانون الانفتاح الذي قلب المجتمع وعمل فجوة بين الأغنياء والفقراء. ولكن الآن متفائلة بعد ثورة52 يناير فالمرحلة القادمة ستكون أكثر ديمقراطية وحرية بإذن الله..