عادت البورصة المصرية مرآة الاقتصاد القومي إلي نشاطها بعد فترة توقف استمرت أكثر من55 يوما, وكان من المتوقع تراجع المؤشرات بما يزيد علي النسب المعلنة بعد الركود الاقتصادي الذي شهدته مصر منذ25 يناير الماضي, وازدياد القلق وغياب الرؤية للمستقبلين القريب والمتوسط لحالة الإنتاج والعمل, وبالتالي الخوف من موقف الموارد المالية الداخلية والخارجية, وكان من المتوقع أيضا استمرار الهبوط بنسب أقل إلي أن يعود إلي الهدوء في الأسواق بعد أن تتضح الرؤية بالنسبة للسياسات المعلنة من جانب المجلس الأعلي للقوات المسلحة والحكومة حول إدارة شئون البلاد سياسيا واقتصاديا في الفترة المقبلة وتأثيرها في إعادة الثقة في الاقتصاد. نقول إن نسب التراجع والهبوط كانت معقولة لأننا خضنا هذه التجربة من قبل في أثناء الأزمات المالية العالمية وتجاوزناها.. ولعل نتيجة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية التي فسرها الكثيرون بأنها نداء ساخن لعودة الاستقرار, وأيضا إصدار قانون تجريم بعض المظاهرات والاحتجاجات الفئوية المعطلة للإنتاج التي كان لابد من العمل لوضع حد لنهايتها.. أقول لعل ذلك يعيد الهدوء والاطمئنان إلي الأسواق والمتعاملين في البورصة وكل المجالات الاقتصادية الأخري. ولقد حذرنا مرارا من سيطرة الاستثمار الأجنبي لحرصه الدائم بطبيعة الحال علي عمليات البيع للاستفادة من التراجع في الأسعار ثم إعادة الشراء للسيطرة علي حركة التعاملات لما في ذلك من استنزاف للعملات الأجنبية وتحويلها إلي الخارج وهو ما يؤدي فعليا إلي هبوط الاحتياطي الاستراتيجي, ونحن في أشد الحاجة إليه في المرحلة الحالية, وبالتالي فإن نصيحتنا للمتعاملين المصريين هي عدم الانسياق وراء الأجانب في عمليات البيع والاحتفاظ بما لديهم من أوراق إلا إذا كانوا في حاجة قصوي إلي البيع. نحن نشارك الكثيرين تفاؤلهم حول عودة الاستقرار والأمن والثقة بالاقتصاد الوطني في ظل إيمان المرصيين الآن بأن حل المشكلات الراهنة لن يتم إلا بسواعد المصريين أنفسهم, فالعالم كله لا يساعد إلا من يساعد نفسه أولا, وقد يزيد من قوة هذا التفاؤل ذلك الاستعداد المبدئي لمساندة مصر ماليا من الهيئات الدولية بالدول العربية والأجنبية للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تتمثل في انخفاض الموارد الذاتية من السياحة وتوقف الاستثمارات المحلية والأجنبية في مشروعات الإنتاج وانخفاض تحويلات المصريين في الخارج. ولا شك عندنا في أن الحكومة سوف تتحرك بسرعة وفق خطة مدروسة لاستثمار هذا الاستعداد الدولي لنضمن تنفيذه علي أرض الواقع مما قد يكون له أثر كبير في استعادة قوة وعافية الاقتصاد الوطني. المزيد من أعمدة ابراهيم نافع