مساكين شباب ما قبل25 يناير, فقد تعلموا أن واحدا زائد واحد= واحد.. أي محمد نجيب+ جمال عبدالناصر= عبدالناصر.. لقد جاء في الكتب المدرسية أن محمد نجيب لم يكن رئيسا لمصر.. وإنما الرئيس هو عبدالناصر وهو بداية التاريخ. لا قبله ولا بعده وتعلم هذا الجيل أن الخاسر كسبان وأن الكسبان خسران.. عبدالناصر الذي انهزم في76 والسادات انتصر في اكتوبر..37 وكانت غلطة كبري فتصبح هذه الغلطة أن النكسة كانت انتصارا سياسيا وأن انتصار أكتوبر هزيمة عسكرية, فعبد الناصر المهزوم هو البطل والسادات المنتصر هو المجرم فوجب قتله وقتلوه.. ورغم أن الناس يبكون علي أيام السادات وأمجاد مصر إلا أن فريقا آخر يري أن البطل وأن الزعيم هو عبدالناصر. لقد تعلم الشباب ألا يصدق ما رآه وانما يصدق ما يسمع من التليفزيون. زمانهم عجيب ولا يزال عجيبا, فجيل ما قبل الثورة لا يزال قويا وسوف يبقي كذلك طويلا ولن تعتدل الموازين والمقاييس إلا اذا اتخذ أبطالنا مكانهم من التاريخ. ومنذ أيام ظهر القاتل في التليفزيون في حفاوة شديدة بحضوره السعيد من سجنه الذي دام ثلاثين عاما لأنه مجرم ولكن التليفزيون لايزال يري المجرم بطلا والبطل مجرما. وتعلم هذا الجيل أن التاريخ يبدأ بالرئيس عبدالناصر فلا ثورة الا ثورته.. فلا عرابي ولا سعد زغلول ولا أحد.. فقبل عبدالناصر صحاري وفراغ وبحر الظلمات وما بعد عبدالناصر هو ما نعانيه اليوم ورغم هذا العناء فإن هذا الجيل الممتد من عشرين أو ثلاثين أو خمسين عاما لا يعرف بالضبط ماذا حدث. أما الذي حدث فهو الذي قرره التليفزيون الجاهل الذي يعيش علي اطلاق البخور والطبل والزمر وكان للمجرم نصيب من هذه الزفة الفاضحة لنا جميعا, فهذا الرجل قتل السادات واليوم يقتله مرة أخري, فالثورة لم تلتفت الي أعدائها, وليس اعداؤها هم الذين يحملون السلاح ضدها وانما يحملون الميكروفونات: هابي برثي داي تو يو. والله العظيم هذا عار أن يحدث في أي بلد! المزيد من أعمدة أنيس منصور