قد يبدو ما أكتب عنه اليوم خارجا عن السياق وسط الهجوم والمصاعب التي تحيط بنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا هذه الأيام, فسياسيا نحن في انتظار الإعلان الدستوري الذي سيصدره المجلس الأعلي للقوات المسلحة ليضع خريطة الطريق التي توضح مسار العملية الديمقراطية وتزيل اللبس والغموض المخاوف التي تحيط بها وبمصيرها.. وأما اقتصاديا فحدث ولا حرج عما أصاب العمل والإنتاج من ركود وتوقف لأهم الموارد المالية والنقل الأجنبي, خاصة في مجالات السياحة والتصدير وتحويلات المصريين من الخارج وهي التي كانت تغطي عمليات استيراد المواد الغذائية والإنتاجية مما ألجأنا بقوة إلي الاحتياطي الاستراتيجي من العملات الحرة, وهو ما تسبب في هبوطه بنسب ملحوظة ومؤثرة.. ثم اجتماعيا بتأثر أرزاق المواطنين نتيجة هذا الركود وبفعل المظاهرات والاحتجاجات الفئوية التي لم تهدأ, ولا نري في الأفق القريب موعدا لنهايتها أو انتهائها برغم علم الجميع أن تراكمات السنين لا يمكن حلها أو حل بعضها في أيام وشهور. والذي أريد قوله اليوم هو أن هناك جبالا من الصخور والرمال والطين تعلو يوما بعد يوم فوق وأسفل الطرق الدائرية والمحورية, ومن يتابعها علي مر الأيام والشهور يشعر وكأن أحدا من المسئولين لم يشاهدها أو لم يعيرها أي انتباه, مع أنها تعد رمزا من رموز الإهمال واللامبالاة وهي موجودة فعلا علي طول الطريق من الهرم إلي المطار وليس فوق الطرق الدائرية والمحورية وحدها وإنما تمتد أيضا إلي أسفلها وعلي جوانبها. نحن لا نعلم من المسئول عن هذا الإهمال الجسيم.. هل وزارة النقل, أم شركات المقاولات المنفذة للمشروعات الكبري أم أجهزة المحليات الموجودة بها هذه الهضاب المتراكمة, أم وزارة البيئة أم هذه الأجهزة كلها هي المسئولة عن هذا المظهر غير الحضاري الذي يشوه بلدنا ويعمق الشعور بأننا لن نتغير أبدا وأن الفوضي ستبقي قائمة والمسئولية معدومة. وقد يقال إن هذه التراكمات قد استمرت علي مدي الشهور الطويلة الماضية ولم يتحرك أحد لإزالتها فلماذا تثار الآن وسط هذا الخضم الهائل من المشكلات؟.. ولكننا نقول آن الأوان لنشهد تحركا إيجابيا نحو تغيير المفاهيم وأساليب العمل وأن يشعر المواطن بأن فكرا جديدا قد بدأ ولو في اتجاه قد يعتبر البعض أنه ليس من الأولويات الراهنة. صحيح أن الحكومة الحالية هي حكومة تسيير الأمور, ولكن لابد ألا يكون التسيير ببطء دون إنجازات تذكر لها في جميع الاتجاهات كبيرها وصغيرها وألا تستمر سياسة دعهم يكتبون ما يكتبون, ونحن بدورنا نفعل ما نريد. ge.gro.marha@eifani المزيد من أعمدة ابراهيم نافع