الشعب يدير حتي أسابيع فائتة, كان الجهر بقول لا محفوفا بالمخاطر والتهلكة, لاسيما إن كان قولها مقترنا ومصحوبا بتأييد البرامج السياسية لشخصيات, مثل الدكتور محمد البرادعي, عمرو موسي او اي شخص موضوع في خانة المعارضين والداعين للتغيير, حينها ستكون لقمة سائغة في افواه اناس نذروا انفسهم وعقولهم وقلوبهم لخدمة الجالسين علي كرسي السلطة, ردا لمعروف الإنعام عليهم بالاختيار لتبوأ مقاعدهم في قيادة صحيفة او شركة حكومية او بالجامعة, هذه البيئة غير الصحية تبدلت180 درجة في التاسع عشر من الشهر الحالي, فجموع المصريين ركضت بهمة ونشاط للجان الانتخابية, للإدلاء بأصواتهم في التعديلات الدستورية, وكان هذا اليوم احتفالية بتحررهم من الكبت والخوف, فلم تعد هناك خشية من التعبير عن الرأي والمواقف السياسية, ولما نذهب بعيدا, فعن نفسي فضلت رفض التعديلات, التي أيدتها غالبية الناخبين, بدون ان يقلقني الدخول في حسابات مخيفة متعلقة بما سيترتب علي موقفي من مضايقات وتحرشات في عملي وبيتي وامتدادها لينضم إليها الاصدقاء والمعارف. وظني ان الذين انتظروا في طوابير لم يكن يعنيهم الميل لفريقي لا ونعم, بقدر ما كانوا يحطمون قيد الخوف المكبل لهم, فقد رغبوا في رفع أصواتهم وحناجرهم ب لا التي حرموا منها طويلا. الأهم أن المصريين عدلوا شعارهم الأثير, الشعب يريد اسقاط النظام إلي الشعب يدير, فقد أثبتوا عمليا أنهم قادرون علي الإمساك بالزمام وتوجيه دفة القيادة في مصر لناحية ترسخ مشاركتهم في إدارة كل صغيرة وكبيرة تتعلق بهم. ومن يبحث عن دليل علي ما سلف ما عليه سوي التوقف عند جملة من المفارقات يوم الاستفتاء منها اعتذار رئيس مجلس الوزراء عصام شرف, مرتين لتخطي دوره في الطابور للتصويت, بينما اعترضوا علي محاولة المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع, تجاوز الواقفين, لكي يدلي بصوته ففي حالة شرف قبل الجمهور تصرفه, لأنه قدرهم باعتذاره لهم لارتباطه بأعمال تخص تسيير شئون البلاد والعباد, في حين امتعضوا من سلوك بديع الذي فاته ان احدي تجليات ثورة الخامس والعشرين من يناير, كانت تقدير المواطن وعدم الجور علي حقه, ومعاملته بالمنطق الفوقي. وتمنيت ان يبادر الرئيس السابق حسني مبارك, بالذهاب للجنة الانتخابية للتصويت, لإثبات اكتراثه ببناء مستقبل أحسن لمصر, التي ظل يؤكد لنا في خطاباته وجولاته, أبان30 عاما في الرئاسة أنه حريص عليها وعلي ان تظل بين فئة الافضل, لكنه للأسف حبذ التواري, وكأنه يبعث برسالة تفيد بعدم اهتمامه بمستقبلنا, خصوصا أن نظامه بني علي أن الشعب المصري غير مؤهل وصالح للديمقراطية وللحكم الرشيد. المزيد من أعمدة محمد إبراهيم الدسوقي