تقتضي المصارحة وحديث الشفافية القول إنه مازال هناك الكثير من المصريين يعتريهم الحنق والضجر والغضب, ويتساءلون غاضبين ويرفعون الصوت عاليا, وتداهمهم الحيرة والقلق في أحلامهم وكوابيسهم. عن لغز التراجع والبطء والتغطية علي فتح بعض ملفات الفساد والمفسدين من أنصار ورجال العهد السابق دفعة واحدة حتي الآن. وأولي صرخات الغضب تلك تتعلق بذلك التجاهل لصرخات وعذابات المكلومين والمحبطين والمخدوعين لأكثر من 30 عاما من سنوات حكم الكبت والقمع والخداع والنفاق علي يد حكم الطغاة والأغوات ومماليك الدهر الذين تمتعوا بجهالة أغنتهم عن العالم, وأتقنوا الغباء حرفة, وافتقدوا الذكاء نعمة حتي عشنا تحت وصايتهم أعوام زمن الخيبة والرداءة علي كل المستويات والأصعدة الداخلية والخارجية, فكان الانكفاء علي الذات, والانغلاق علي الداخل عنوانا رئيسيا لعهد ساقنا إلي الهاوية فأصبح المصري حقا سليل الهزائم والانكسارات, ويكفيك النظر والإطلالة من حولك في المنطقة والإقليم لنري كيف أصبحنا وكيف نهض وصار الأشقاء والمنافسون, وبالطبع المتهم الأول عن كل ذلك معروف ومعلوم وهو الرئيس السابق, الذي ينتظر المصريون محاكمته بفارغ الصبر. إن لم يكن جنائيا فسياسيا علي الأقل. وطالما كان وصار الحال هكذا فإن صراحة القول تلك تقتضي منا أيضا أن نتوجه برسالة عتب تحمل أنين وغضب وحيرة أبناء هذا الشعب لقادة المجلس العسكري الأعلي, رافعين الصوت بدلا من حديث الهمس بشأن استمرار حالة الانغلاق والتغطية غير المفهومة وغير المبررة لقضايا وأشخاص تتعلق برزنامة ملف الفساد الذي مازالت تتوالي فصوله ولم تنته تجلياته بعد, وأعني هنا مباشرة تجاهل ملاحقة عصابة الفساد الأولين, خاصة الخمسة الكبار جمال مبارك, وزكريا عزمي, وصفوت الشريف, وفتحي سرور, وأحمد نظيف, الذين مازالوا طلقاء سرحاء برغم جرائم الفساد والانحرافات والتجاوزات التي تمتلئ بها ملفاتهم في جمهورية الفساد والرشوة والمحسوبية التي أسسها ورعاها الوكيل الحصري للفساد في مصر مبارك بحرفية وتفرد لا يحسد عليها فجعل كل هؤلاء المصريين يعيشون العذاب الأليم. لكل ذلك وأكثر يكاد الضيق وغضب الصدور يعتصر الغالبية من قلوب شعبنا, والإحباط الداخلي ينال من عزيمتهم وإيمانهم ويهز ثقتهم بمكاسب الثورة بسبب ترك هؤلاء الفاسدين أحرارا يخرجون ألسنتهم للثوار. فياقادة المجلس العسكري الشرفاء وأصحاب الفضيلة والقرارت الرصينة, والمواقف السديدة, والقيادة الواعية الوطنية, لماذا هذا التباطؤ, خاصة أنه قد فاجأتكم قصص ومآسي الفساد تلك, وباتت تعتريكم غلبة الحسرة والاشمئزاز علي مسلك النظام الاسبق وزمرته وحاشيته الذين نهبوا وطنا وشعبا. اليوم الشعب يسألكم: لماذا لا ترفعون الغطاء عن عصابة الخمسة تلك, اليوم قبل الغد, وتسمحون بكشف فسادهم وفضح ممارساتهم أمام شعبكم فلا أحد في النظام السابق بات محصنا, ولا أحد أكبر ولا أعلي قامة من الدولة, ولتعلموا أن الجميع لن يهدأ له بال, ولا تستقر له عين, ولا يغمض له جفن إلا عندما يري هؤلاء من أساطين الفساد المجرمين بحق شعبهم وبلدهم أمام العدالة يحاكمون ويساقون إلي الزنازين بعدها سيشعر شعبكم بأن الثورة نجحت وحققت الأهداف والمقاصد, وعندئذ سنقول إننا بالفعل قد طوينا الصفحة, وتجاوزنا المرحلة, وبدأنا عهدا جديدا. المزيد من أعمدة أشرف العشري