لم يكن هناك خاسر أو منتصر في استفتاء الحرية والديمقراطية فالجميع يعرف الطريق ويريد الوصول إلي نفس الهدف وإن تعددت السبل, لكن الأهم هو الإصرار علي السير علي نفس الدرب بنفس الهمة والروح. وعدم العودة إلي الوراء أو الركون مرة أخري إلي السلبية الموجعة التي أوصلتنا إلي مانحن عليه الآن من تأخر في معيشتنا واخلاقياتنا وسلوكياتنا, وجعلتنا في مؤخرة استفتاءات العلم والتكنولوجيا ومجالات كثيرة بين دول الإقليم والعالم الذي نعيش فيه والذي كنا في مقدمته حينا من الدهر. ولعل الحقيقة الأولي لنتيجة الاستفتاء هي ان ثورة52 يناير اصبحت ملكا للشعب كله وليست حكرا علي احد, لا الذين اناروا شعلتها ولا الذين حاولوا ومازالوا يحاولون ركوب موجتها والسيطرة عليها, مع أن الشعب كله لن يغيب عن ذهنه ابدا فضل من قاموا بالثورة ولا دماء شهدائنا الذين قدموا حياتهم فداء لحرية الوطن, ولن يسمح في الوقت نفسه بأن يكون مطية لهؤلاء الذين يستخدمون اي شعار للسير بالبلاد والعباد إلي المجهول والظلام, فلقد سئمنا الاستبداد والقهر والخوف ونحلم بأجواء النور والحرية والعدالة. أما الحقيقة الثانية التي ابرزتها نتيجة الاستفتاء فهي ارتفاع صوت الأغلبية الصامتة التي أفاقت من سباتها العميق بعد ان تأكدت أن الكلمة العليا أصبحت للشعب الذي قال نعم للديمقراطية وحرية الرأي في جانبها السياسي, وتأكد ايضا انه يجب الاتجاه بقوة نحو انقاذ البلاد من حافة الهاوية التي يندفع إليها الاقتصاد القومي بصورة مخيفة, وضرورة عودة العمل والانتاج والأمن والاستقرار بعد ان توقفت الارزاق تماما في محافظات عديدة بالصعيد والوجه البحري. والحقيقة الثالثة هي عدم نسيان المصريين في الخارج, فبالرغم من أننا لا نملك للأسف الشديد احصائيات واضحة لاعدادهم ومواقعهم الجغرافية فإن الارقام المبدئية تفصح عن أن أعدادهم لا تقل بأي حال عن خمسة أو ستة ملايين مواطن, وإننا إذا يسرنا مشاركتهم في العملية الانتخابية لارتفعت نسبة المشاركين في الصحوة الديمقراطية المصرية الي أرقام قياسية لم تشهدها مصر في تاريخها الحديث أو القديم. ليست هذه هي كل الحقائق التي افصحت عنها نتيجة الاستفتاء فسوف تظهر حقائق أخري كثيرة, وهي أيضا ليست كل الدروس المستفادة مما جري في هذا اليوم التاريخي, والتي لابد من دراستها بجدية وسرعة خاصة التنبيه الي قضايا التخويف أو التخوين أو الاقصاء, فهي قضايا يجب معالجتها بحسم كامل قانونيا وسياسيا للتحرك بين الجماهير علي أرض الواقع قبل إجراء أي انتخابات جديدة. [email protected]