استطلاعا لرأي شباب الانترنت حول الفترة الراهنة أجرته صفحة كلنا خالد سعيد على الفيسبوك، شمل أكثر من 33 ألف شخص، أجابوا على عشرة أسئلة رئيسيه، منهم سؤال مطول عن أولويات الشباب في المرحلة الراهنة، ربما يفتقد الاستطلاع إلى القواعد العلمية لاستطلاعات الرأي العام المكلفة، ولكنه إنجاز يعطي مؤشرات عن الاتجاهات العامة لفئة محددة ومحركة للكثير من الأحداث بفضل وعيها ونشاطها الجريء والغير مسبوق منذ عقود. سريعا نستعرض أهم النتائج ثم نحللها؛ بداية يعتقد 51% أن مكاسب الثورة حتى اليوم عظيمة وإنجاز تاريخي، كما يثق 93% من الشباب في حكومة عصام شرف بدرجات تتدرج من كبيرة جدا إلى ثقة حذرة، وعن المجلس العسكري فإن الشباب يراقبونه بحذر وتفاؤل أيضا، كما أن 87% يعتقدون في وجود ثورة مضادة، وعن التعديلات الدستورية المطروحة للاستفتاء يرى 55% أنها غير كافية ويجب وضع دستور جديد وسط أغلبية كاسحة عازمة على النزول للتصويت. يرى 42% ضرورة قصر التظاهرات على يوم الجمعة فقط، بينما يرى 20% أن التظاهرات لم تعد وسيلة ضغط قوية ويجب البحث عن بدائل عملية، كما يرى 37% أن ما يحدث الآن في صالحهم ولا يحتاجون إلى وسائل ضغط بديلة. وحول محاسبة الفاسدين يرى 58% أنها تتم بجدية ولكنها تحتاج إلى وقت. الجزء الأهم في الاستطلاع هو المعنى باولويات المرحلة الراهنة، والتي عكست وعي استثنائي؛ على رأس القائمة جاء العودة للإعمال "عشان تمشي عجلة الاقتصاد" بنسبة 92%، يليها محاسبة الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة بنسبة 85%، ثم التوعية السياسية، وتعويض المصابين واسر الشهداء، ثم العمل الخيري، وإقالة رؤساء المؤسسات الإعلامية القومية، ودستور مؤقت للبلاد وحل جهاز امن الدولة، وإلغاء قانون الطوارئ...الخ. إذا فنحن أمام شباب فخور بإنجاز تاريخي حققه، ولديه ثقة كبيرة في السلطة عموما، ولكنه واعي أيضا بوجود حرب ضده، لذلك فهو حذر من كل شيء رغم تفاؤله، وعلى رأس الحذر يأتي رفض للتعديلات الدستورية، ووجود جهاز أمن الدولة الذي تم حله بالفعل بعد الاستطلاع بأيام قليلة جدا، وذلك يفسر لماذا يثقون الشباب في السلطة، واضح جدا وجود النظرة الإستراتيجية التي تحقق المصلحة العامة وتحمي الثورة، وذلك بوجود إجماع على العودة للعمل ودفع عجلة الاقتصاد، مع استعاده الأموال المنهوبة، وإنقاذ الطبقات الأكثر فقرا، ولكنهم يرغبون أيضا في التخلص من رموز الإعلام المشوش للثورة ومحاكمة الفاسدين ولو طال الوقت، ثم تنفيذ باقي مطالبهم تدريجيا، أعتقد أننا أمام جيل من الشباب الوطني الواعي والدقيق في أهدافه وإستراتيجيات التنفيذ مع الاستجابة السريعة لمختلف التغيرات، إنهم يملكون ثروة لا تقدر بثمن وهي ثورة الأمل المغلف بكل الحذر. المزيد من مقالات مصطفى الغمرى