شدد فضيلة الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية على أن الاعتداء على الكنائس بالهدم أو تفجيرها أو قتل من فيها أو ترويع أهلها الآمنين من الأمور المحرمة في الشريعة الإسلامية السمحة، وأن رسول الله- صلى عليه وسلم- اعتبر ذلك العمل بمثابة التعدي على ذمة الله ورسوله، وأنه "خصيم" من يفعل ذلك يوم القيامة وأن مَن قتل معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله حرِّم عليه ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا". جاء ذلك في معرض رد مفتى الجمهورية عن سؤال اليوم السبت حول الحكم الشرعي في الاعتداء على الكنائس ودور العبادة، أو استهدافها بالهدم أو الحرق أو التفجير؟ والحكم الفقهي في ذلك إذا كان فيها أناس يؤدون عبادتهم؟ وما صحة ادعاء البعض بأنه لا يوجد عهد ذمة بينهم وبين المسلمين الآن. وأكد المفتي أن التعدي على المسيحيين من أهل مصر نقض لعقد المواطنة حيث إنهم مواطنون لهم حق المواطنة، وقد تعاقدوا مع المسلمين وتعاهدوا على التعايش معا في الوطن بسلام وأمان، فالتعدي عليهم أو إيذاؤهم أو ترويعهم-فضلاً عن سفك دمائهم أو هدم كنائسهم- فيه نقض لهذا العقد، والعهد الواجب الحرص على الوفاء به مصداقا للقران الكريم وللحديث النبوى الشريف فى هذا الصدد. وأشار المفتي في معرض رده على الفتوى إلى أن في هذه الأعمال والتهديدات مخالفة لما أمر به الشرع على سبيل الوجوب من المحافظة على خمسة أشياء أجمعت كل الملل على وجوب المحافظة عليها، وهي: الأديان، والنفوس، والعقول، والأعراض، والأموال، وهي المقاصد الشرعية الخمسة، فالمقتول مواطن غافل لا جريرة له، وله نفس مصونة يحرم التعدي عليها ويجب صيانتها، وقد عظم الله تعالى من شأن النفس البشرية فقال "من قتل نفسا بغير نفس أوفساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا وأوضح فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور على جمعة أن هذه الأعمال التخريبية المصحوبة بالقتل والترويع تسمَّى ب"الحِرابة"، وهي إفساد في الأرض وفساد، وفاعلها يستحق عقوبة أقسى من عقوبات القاتل والسارق والزاني" لأن جريمته منهج يتحرك فيه صاحبه ضد المجتمع، لقوله تعالى: }انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الارض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع ايديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الاخرة عذاب عظيم.) ولفت المفتي أن لهذه الأعمال التخريبية من المفاسد ما لا يخفى على أحد، ففيها تشويه للصورة الذهنية عن الإسلام في الشرق والغرب، وتدعيمٌ للصورة الباطلة التي يحاول أعداء الإسلام أن يثبتوها في نفوس العالم، من أن الإسلام دين متعطش للدماء، وهي دعوى عارية من الصواب، وفي ذلك ذريعة لكثير من الأعداء الذين يتربصون للتدخل في شئوننا الداخلية بغير حق. وأكد الدكتور على جمعة أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أوصى بأهل مصر وصية خاصة فروي في "المعجم الكبير" عن أم المؤمنين أم سلمة- رضي الله عنها- أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أوصى عند وفاته فقال: "الله الله في قبط مصر" فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله"، وروي أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "استوصوا بهم خيرا" فإنهم قوة لكم وبلاغ إلى عدوكم بإذن الله" يعني قبط مصر.
كما أكد مفتي الجمهورية- أن قول بعضهم: إن العهد الذي كان بيننا وبينهم إنما هو عهد الذمة، وقد زال هذا العهد، ومن ثم لا عهد لهم عندنا: فهو كلام باطل ينقصه كثير من الإدارك والفقه، فالمواطنة في صورتها المتفق عليها المعمول بها في دساتير العالم الإسلامي وقوانينه، ومنها الدستور المصري الذي ينص في المادة الثانية منه على مرجعية الشريعة الإسلامية، والتي من مبادئها إقرار المواطنة. وأشار المفتى الى ما ورد في وثيقة المدينة" التى أبرمها الرسول عليه السلام حيث نصت على التعايش والمشاركة بين أبناء الوطن الواحد، وإن اختلفت ديانتهم، ولم يكن فيها عقد ذمة ولا جزية، ومن ثم فهذا العقد من العقود المشروعة التي يجب الوفاء بها كعهد الذمة تمامًا. وأكد الدكتور جمعة أن المواطنة تشمل في مضمونهاالسماح بممارسة طقوس أديانهم في دور عبادتهم، مع ضمان سلامة دور العبادة، وتحريم الاعتداء بكافة أشكاله عليها، بل إن القرآن الكريم جعل الجهاد لرفع الطغيان ودفع العدوان وتمكين الله تعالى لهم في الأرض سببًا في حفظ دور العبادة من الهدم، وضمانًا لأمنها وسلامة أصحابها
في خطبة الجمعة: التنمية والتقدم ..والبناء لعدم إضاعة دماء الشهداء في إطار الاحتفال بيوم الشهيد, ادي قيادات المجلس الأعلي للقوات المسلحة برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة, وحضور الفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة, وقادتها وافرادها صلاة الجمعة امس بمسجد القوات المسلحة بمدينة نصر. وأكد الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية, وخطيب الجمعة أن الشهيد نوعان: شهيد مات في سبيل الله, وآخر شهيد الحضارة الذي يكافح لاعلاء المبادئ الحضارية, وإشاعة العدل والرحمة واستعادة الحقوق. وشدد علي انه لاينبغي أن نضيع دماء شهداء25 يناير هدرا بترك الهدف الذي انتفضوا واستشهدوا من أجله, وذلك بالتنمية والتقدم في المجالات الحياتية, وان الثائر الحق الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الامجاد. ووجه فضيلة المفتي رسالة لكل مصري في يوم الشهيد بالتعاون لاستعادة اخلاقيات المسلمين الاوائل الذين نقلوا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله: من ظلم معاهدا او انتقصه أو كلفه ما لايطيق او اخذ منه شيئا بغير رضا نفسه فأنا حجيجه يوم القيامة.