كتب شريف جاب الله: حذر المراقبون من استمرار الشكل والهيكل والأداء الحالي للإدارة المحلية بعد ثورة 25 يناير وأشاروا إلي أن استمرارها دون تعديلات جوهرية في الجهاز التنفيذي والشعبي يعني استمرار الفساد واهدار. المال العام خاصة فيما يتعلق بمخالفات رخص البناء التي تصل نسبتها إلي %98 في العديد من المحافظات وأشار إلي أن %95 من المجالس الشعبية المحلية حاليا فاز أعضائها بالتزكية ومن أعضاء الحزب الوطني ومن ثم فهي ليست ممثلة لجميع الفئات في المجتمعات المحلية وطالبوا بضرورة استحداث مؤسسات لتلقي شكاوي وتظلمات المواطنين من الإدارة المحلية والتحقيق فيها ويكون لممثلي تلك المؤسسات الحق في استجواب التنفيديين. حول تطوير الإدارة المحلية وواقع الفساد الموجود فيها حاليا يقول الدكتور سمير عبدالوهاب رئيس وحدة اللامركزية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وخبير الإدارة المحلية المعروف. ثورة 25 يناير والحاجة إلي إدارة محلية جديدة تشير ثورة 25 يناير في مصر, وكذلك ثورة تونس من قبل بوضوح إلي أن هناك علاقة بين كل من هاتين الثورتين والإدارة المحلية. ففي تونس, انطلقت الإنتفاضة الشعبية من سيدي بوزيد بعد انتخار الشاب محمد البوعزيزي حرقا في ديسمبر الماضي, بعد تعرضه للمهانة علي يد بعض مسئولي البلدية ورجال الشرطة, وفي مصر ارتبطت الإدارة المحلية في أذهان المواطنين بمجموعة من السلبيات تمثلت في: الفساد, وفقدان المشروعية والشرعية, وعدم الثقة, وغياب الشفافية والنزاهة, وعدم القدرة علي استيعاب المواطنين والتجاوب مع مشاكلهم ومطالبهم, وعدم تمثيلها لهم. فبالنسبة للفساد, تأثر المواطنون بالمقولة التي أطلقها الدكتور زكريا عزمي والمتمثلة في أن الفساد في المحليات للركب, وهي المقولة التي أكدت الثورة أن الهدف منها لم يكن سوي إلهاء المواطنين عن الفساد الكبير الموجود في المستويات العليا والذي كان صاحب المقولة نفسه أحد أهم أضلاعه وبعيدا عن هذه المقولة, فإن تقارير الهيئات الرقابية( الرقابة الإدارية الجهاز المركزي للمحاسبات لجنة الإدارة المحلية بمجلس الشعب) قد أكدت العديد من وقائع الفساد في جميع مستويات الإدارة المحلية, شاملة صورا مختلفة من إهدار المال العام, وسوء استخدام وتشغيل الممتلكات الحكومية والتلاعب في أعمال المخازن والاختلاسات والتزوير, فضلا عن المخالفات في أعمال الصناديق الخاصة بالمحافظات وإهدار المال العام, دون اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المسئولين عن ذلك كما أن هناك مخالفات رخص البناء التي تصل نسبتها في العديد من المحافظات إلي %98 ومن ناحية ثانية, نري أن بعض القرارات المتعلقة بالإدارة المحلية في السنوات الماضية قد افتقدت المشروعية والشرعية, حيث صدرت هذه القرارات مخالفة للقانون ومفاجئة للمواطنين في نفس الوقت. وكمثال علي ذلك القرار الجمهوري الخاص بانشاء محافظتي حلوان و6 أكتوبر والذي ترتب عليه الكثير من احتجاجات المواطنين الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها يتبعون محافظة أخري, فضلا عما أحدثه هذا القرار من اخلال بتركيبة المجالس الشعبية المحلية لمحافظتي القاهرة والجيزة والتي لم يكن قد مضي علي تشكيلها اسبوع واحد, كما أن القرارات التي أصدرها رئيس الوزراء السابق لتعديل الحدود بين هذه المحافظات كانت مخالفة للقانون أيضا الذي ينص علي أن رئيس الجمهورية هو المسئول عن ذلك. ومن حيث ثقة المواطنين في المجالس الشعبية المحلية ومدي تمثيلها لهم, نجد أن هذه المجالس في كل تشكيلاتها تمت في معظمها بالتزكية, واستحوذ الحزب الوطني الديمقراطي علي مقاعدها بنسبة لا تقل عن %95 ومن ثم لم تكن تلك المجالس ممثلة لجميع الفئات في المجتمعات المحلية ولذلك, لم يكن المواطن قادرا علي مساءلة أعضائها الذين لم يكونوا أيضا قادرين علي مساءلة القيادات التنفيذية المحلية. وبالنسبة لمدي استجابة الإدارة المحلية لمطالب ورغبات المواطنين والتفاعل مع مشكلاتهم وطموحاتهم, فليس لديها الاستعداد ولا القدرة ولا السلطة التي تمكنها من ذلك. وقد تأكد ذلك خلال الأحداث التي جرت يوم 28 يناير وما لاحظناه من انفلات أمني قام المواطنون علي إثره بتشكيل لجان شعبية لحماية أنفسهم وممتلكاتهم ومناطقهم, وكان من المفترض أن يظهر دور أعضاء المجالس المحلية في الإشراف علي هذه اللجان للحيلولة دون استغلالها من قبل البلطجية في ترويع المواطنين وفرض الاتاوات عليهم ولم تستطع الإدارة المحلية الوقوف في مواجهة الخارجين علي القانون الذين قاموا بالاستيلاء علي الشقق والاعتداء علي الأراضي الزراعية بالبناء عليها في العديد من المحافظات. وقد يكون ذلك راجعا إلي عدم الشفافية والنزاهة في بعض السياسات والقرارات المحلية, فلو كان المواطنون يعلمون بالقواعد والمباديء التي تحكمها, ما كانوا أقدموا علي ذلك.