منذ أحداث جمعة الغضب والعلاقة مقطوعة بين الشعب والشرطة.. وهناك فراغ أمني كبير وخوف من الشرطة وضيق وضجر من المواطنين.. وقد استغل اللصوص والخارجون علي القانون ذلك, وراحوا يروعون الآمنين, ويبثون الرعب في كل مكان. وقد تلقيت آلاف الرسائل التي تتناول حالة الانفلات في الشوارع ولم تعد الأوضاع الي سيرتها الأولي بعد.. وبعضها من الأهالي وبعضها من رجال الشرطة. والعامل المشترك فيها هو أن الكل يريدون عودة الأمور الي ما كانت عليه من حيث استتباب الأمن وتحسن العلاقة بين الطرفين بحيث تكون قائمة علي الود المتبادل والتأكيد علي احترام حريات المواطنين بشرط عدم التجاوز أو الخروج علي القانون. وقد اخترت نموذجين من رسائل رجال الشرطة, ونموذجين من رسائل المواطنين لكي نتوقف عند المشكلة التي تعوق عودة رجال الأمن الي مواقعهم.. واليكم هذه النماذج. الشرطة.. حول موقف الشرطة تلقيت مئات الرسائل منها الرسالتان التاليتان: الأولي: انا ضابط شرطة اسمي عمرو الهوان وما أكتبه إليك في السطور التالية لا يقال منه الكثير برغم أنه حقيقي..وأدعي أنني من الضباط الشرفاء, وأكتب رسالتي نيابة عن العديد من زملائي فنحن يد واحدة ونقوم بأنشطة داخل الوزارة وخارجها لوضع حل للشرطة, ونحن لايرضينا ما يحدث الآن من إنفلات أمني وفوضي مرورية, والسير عكس الاتجاه, وجرائم السلب والنهب المستمرة حتي اليوم, وقد نزلنا بشكل تطوعي بزينا المدني حتي نشارك جيراننا في اللجان الشعبية, وبعد أن هدأت الموجة, توجهنا إلي وزارة الداخلية حتي نتسلم تكليفات جديدة لنتمكن من ضبط الشارع, وكان المشهد كما يلي: فريق وأغلبهم من أمناء الشرطة يطالبون بزيادة المرتبات لأن من كان فاسدا منهم قرر بعد الثورة ألا يأخذ رشوة أو أتاوة, وهو مطلب مشروع لأن مرتبهم يبدأ من500 جنيه ولا يتعدي700 جنيه, وكان من البدهي في الماضي أن يمد يده لسائق الميكروباص الذي يتقاضي دخلا أعلي منه, وتمت الاستجابة لمطالب هؤلاء. وفريق متمرد( وهو ما تخشي الوزارة الاعلان عنه برغم اننا اصبحنا في عصر الشفافية) يري ان الشعب يكره الشرطة ويسبها ويلعنها ويحملها مسئولية كل ما حدث في السابق.. لذلك فإن رجالها يعاقبون ولأنهم مذنبون من وجهة نظر الشعب, فلابد أن يعرف قيمتهم بعد أن تسلب بيوتهم ويصبحوا غير آمنين. وفريق من الشرفاء يحبون هذا البلد ويرغبون في العمل من أجل ارتقائه بجدية ولكن المنظومة غير مكتملة.. والأدوات المساعدة غير متوافرة, وقد تحدثت أنا وزملائي مع الضباط المتمردين داخليا لكنهم لا يعلنون موقفهم لانهم يتذرعون بحجج واهية, ولم استطع الرد علي كثير من الاشياء التي رصدوها في الشارع والتي يتحملها المواطن, منها علي سبيل المثال عدم احترامهم في اشارات المرور, ومنها عدد الجروبات الهائل علي الفيس بوك التي تسب كل من في الشرطة, حتي ان احدهم قال لي انهم كانوا يتهموننا باننا نعذب كل من يتم القبض عليه. انظر الآن إلي اللجان الشعبية وانظر ماذا يفعلون باللص إذا امسكوا به.. انهم يعذبونه اضعاف ما كنا نفعله, أهو حلال لهم وحرام علينا, بصراحة لم اجد ردودا لبعض افعال المواطنين وتصرفاتهم. ويمكنك ياسيدي ان تنزل في جولة بأي منطقة, لتجد أن المواطن بدون شرطة ليس منظما بطبعه, فالكل يسيرون عكس الاتجاه ويقفون في الممنوع وسائقو الميكروباص الذين كانوا يشكون من جبروت الشرطة يقفون وسط الشارع للتحميل,. ما اقصده هو توصيل رسالة بالغة الأهمية, وهي أن الخارج عن القانون الذي يهدد أمن المواطن هو المستفيد الأول من عدم نزول الشرطة إلي الشارع, وليس كل الضباط أشرارا وليس كل المواطنين ملائكة, فلو شجع المواطن الشرطي علي أداء عمله واحترامه فبالطبع لن يجد الخارج علي القانون من يستقوي به ضد الشرطة. لقد قمت بتوصيل هذه الرسالة عبر جروب اقمته وزملائي علي الفيس بوك, وكل ما أرجوه من الناس هو التكاتف معنا, وبدلا من طلاء الأرصفة يمكن أن تساعدوا الداخلية وتقوموا بطلاء الاقسام وتنظيفها أولا. أعلم ان هذه ليست وظيفة المواطن, ولكنها مبادرة طيبة يحرج بها المواطن ضابط الشرطة المتمرد.. وبدلا من تشغيل القسم بعد أشهر يمكن تشغيله بعد أسابيع أو أيام وأرجو أن يتبني بريدكم حملة لإعادة الثقة بين جهاز الشرطة والشعب بأفكار وخطوات جدية وليس بالشعارات. الثانية: أنا شرطي وأعتبر نفسي أول من ظلم من النظام ومن الوزير السابق حبيب العادلي لكني أود أن أنوه إلي أنه يوجد الكثيرون من رجال الشرطة بين القائمين بالثورة ضد الفساد ورفضوا جميعا ضرب المتظاهرين بالرصاص ومنهم من سلموا أسلحتهم وانضموا لصفوف الشعب لمواجهة الفساد والكثيرون مازالوا شرفاء وسيظلون شرفاء مهما تغير النظام لأنهم لا ينتمون له بل يعملون من أجل العمل الحلال وشرف خدمة الوطن وكما قال رسول الله( عينان لا تمسهما النار.. عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله).. صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم. الشعب.. وحول موقف الشعب تلقيت رسائل عديدة أنتقي منها الرسالتين التاليتين: الأولي: اسمي مصطفي حسن وأعمل محاسبا بوزارة المالية مصر القديمة وأقول لك لقد انتهت أيام الانفلات التي لم نكن ندري ماذا يدور فيها, وتنحي الرئيس مبارك, وعادت المياه إلي مجاريها نوعا ما.. ولكن الشرطة برغم ذلك لم تعد إلي ما كانت عليه, والأمان غائب معها, ولاندري إذا كانت هناك اياد خفية من مصلحتها غياب الشرطة أو لا فأنا أسكن بحي مصر القديمة, ومنذ جمعة الغضب إلي اليوم لم يظهر في منطقتنا شرطي واحد, ولم يرمم القسم برغم أن ترميمه لايستغرق عدة أيام وهو في ذلك مثل كل الأقسام التي احترقت بنيران الغضب. أعلم أن ضباط الشرطة تحت ضغط عصبي ونفسي رهيب مما حدث, ويحتاجون إلي إعادة ترتيب أوراقهم, ولكننا في الوقت نفسه بحاجة لهم, وواجبهم نحو الوطن قبل المواطن هو أن يلتزموا بما أقسموا عليه من حفاظ علي الممتلكات وأمن المواطن. لا أنكر أن هناك ضابطا محترما قام بتوزيع ورقة عليها رقمه الخاص وهو وزملاؤه للاتصال بهم وقت الحاجة, ولكن ذلك لايكفي, ويجب أن تكون هناك صيغة لنزول الضباط إلي الشارع من جديد ليكون هناك احترام متبادل بين الشرطة والشعب, فلقد سمعت بنفسي من ضابط أعرفه في منطقة الظاهر أن قسمهم لم يتم حرقه بسبب تكاتف الشعب مع الشرطة ووجود نوع من المودة بين مأمور القسم والأهالي, وسمعت أن الأهالي قدموا يوم الجمعة الذي سماه البعض يوم الغضب أطعمة وقدروا لهم شهامتهم برغم الأيام العصيبة. ومن الضروري أن تكون هناك خطط ومشروعات وأفكار لعودة الثقة لأن الوضع الحالي خطر للغاية ومعدلات الجريمة في ازدياد أكثر من ذي قبل, وأرجو أن يتكاتف الجميع بالجهد والفكر من أجل عودة الأمان وليكن بريد الأهرام صاحب المبادرة التي نحتاجها اليوم بشدة. الثانية: أنا قارئ دائم لكم, واسمي د.هشام صلاح وأكتب إليكم عما جري, فبخلاف أحاديث الصباح والمساء حول الفساد ونهب الأموال بالمليارات الذي أصبح أمرا عاديا هذه الأيام نجد الحوار المجتمعي الدائر بزخم شديد عن كيفية حل المشكلة التي أوشكت أن تكون مزمنة, وهي تدور حول كيفية إعادة العلاقة الطيبة بين الشرطة والشعب. إن المشكلة التي نحن بصددها من صنع الشرطة, ولكي أكون عمليا وايجابيا أود ألا أتحدث عن الأسباب التي أدت إلي مانحن فيه, ولا عن إعادة هيكلة الشرطة ولاغير ذلك من الكلام الذي لاقيمة له الآن في هذه المرحلة. ولكن أتحدث عن علاقة الشرطة بالشعب, وأتمني أن تصبح مثل علاقة الجيش بالناس في الشوارع.. سلوك جميل ورائع جعل الكل يلتف حوله ويهتف الجيش والشعب يد واحدة إنظروا إلي ابتسامة الجندي كم هي رائعة.. فهذا جندي يساعد رجلا مسنا لعبور الشارع.. وذاك ساهر يحمي المعتصمين. نريد أن تكون هناك مبادرة لإصلاح الأمور, وأقترح يوما للتصالح يسلم فيه الناس علي أفراد الشرطة في الشوارع ويتبادل الجميع التحية. نريد أن تعود العلاقة إلي سابق عهدها بل وأفضل منه. ماتمر به مصر الآن من أحداث يتطلب منا تضافر الجهود: وعدم الالتفات الي الماضي, والتكاتف من أجل المستقبل, فما نراه الآن علي أرض الواقع لن تكون له نتيجة سوي مزيد من التدهور, وتوقف حركة التنمية.. نريد أن تعود الشرطة الي مواقعها بأسرع وقت ممكن, وعلي وزير الداخلية ان يعي خطورة عدم وجود رجال الأمن في الشوارع والأقسام بنفس القوة والكثافة.. ولايعني ذلك ان يعود العنف الذي كان سائدا في التعامل مع الناس ولكن يعني أن ينصرف كل منا الي موقع عمله وأن يضع نصب عينيه المصلحة العليا للوطن. فالمرحلة المقبلة يجب ان تقوم علي الشفافية والاخلاص في العمل, وعلينا ايضا ان نتيح الفرصة للمجلس الأعلي للقوات المسلحة لاعداد البلاد لما بعد هذه المرحلة, وهذا يعني عدم الضغط لإجراء تغييرات غير محسوبة العواقب.. وكفانا اعتصامات واحتجاجات لاتنتهي لأنها سوف تؤدي الي مزيد من التدهور الاقتصادي.. ولن يقدم أي مستثمر أو حتي صاحب عمل خاص علي العودة الي الانتاج الا باستقرار الأوضاع. والعلاقة المفقودة بين الشعب والشرطة هي أول ماينبغي علينا اصلاحه لضبط اللصوص والمحتالين والغشاشين الذين انتشروا في كل مكان بعد أن فتحت لهم السجون اياد آثمة, هي السبب في كل مايحدث الآن. فيا أبناء مصر شعبا وشرطة احذروا الانجراف الي مصالح فئوية, واعلموا انه حان وقت العمل, وأن استقرار مصر وتقدمها هو الحلم والأمل.