إذا لاحظنا المرحلة الانتقالية في مصر التي مر عليها نحو شهر.. فسنجد أن ما يتحقق في مسار الجدول الزمني للتغيير والتحول الديمقراطي يسير بمعدلات عالية برغم أنه يتم في ظروف استثنائية وصعبة ودقيقة للغاية.. وتحت وقع وتكشف قضايا فساد مخيف.. ولكن التعديلات الدستورية التي تمهد لانتخابات حرة انتهت مصحوبة ليس بوعود, بل بما هو أكثر من ذلك لوضعه في وثيقة التعديلات وفي مقدمتها جدول زمني لقيام دستور جديد بعد الانتخابات القادمة ب6 أشهر.. وهذا يضمن للمجتمع وللمصريين استكمال ثورتهم لتحقيق طموح الوصول إلي نظام حكم شعبي ديمقراطي يضمن للوطن الاستقرار والتطور, وحتي لا تتوه المعالم وسط رغبات فردية أو جماعية لاستغلال اللحظة الراهنة لأي قوة سياسية طامحة حتي ولو كانت منظمة أو تريد العودة بالبلاد إلي الوراء!. وما يضمن لهذه المرحلة الانتقالية أن يكون ثمنها معقولا هو عودة المؤسسات الاقتصادية والبنوك وسوق المال للعمل بقوة في مناخ صحي.. وأن يشعر المجتمع الاقتصادي بالثقة واليقين في قدرة المصريين علي امتصاص وبلورة المرحلة الانتقالية بصعوبتها في مصلحتهم, أي أن يعمل الاقتصاد المصري بكامل طاقته في مجالي الصناعة والزراعة وعودة السياحة.. بل وعودة كل الخدمات إلي مستوياتها السابقة. وأن تعود عملية البناء والتشييد في كل المجالات.. وأن تقدم الحكومة الجديدة جزءا من المشروعات لإنعاش الاقتصاد المصري. وأن تتعامل الحكومة الانتقالية في المرحلة الراهنة باعتبارها مرحلة أزمة.. تستلزم تشجيع الأعمال, بل وتنشيطها عبر تقديم الدعم الاقتصادي والحوافز لإقامة المشروعات وجذب رأس المال المحلي والأجنبي لبناء مصر.وتدعيم الشركات والاقتصاد المحلي لزيادة قدرته التنافسية أمام الانتاج العالمي والمستورد. وأن تقدم للمستثمرين الجادين حزما من المشروعات تكشف قدرات حكومية خلاقة ومبدعة.. تشير إلي قدرة مصر الجديدة والمتغيرة في جذب الاستثمارات وتطوير الاقتصاد بآليات جديدة ومتنوعة. وأن ينشغل الرأي العام.. بتشجيع العمل والبناء عليه.. فالصورة الذهنية التي أعقبت ثورة52 يناير للشباب وللنساء والرجال الذين ينظفون شوارع القاهرة بعد طول ركود.. يجب أن تتحول إلي مشاركة المواطنين في البناء وإقامة المشروعات والحرص علي استثمار معدلات النمو العالية لزيادة الإنتاج في كل المجالات, فهي الطريق إلي توفير الوظائف ورفع مستوي المعيشة. ----------- الاقتصاد وأهميته.. يجب أن يحتل مقدمة الأولويات وأن يتزايد الاهتمام به مع الأمن والسياسة, حيث إن مشروعات التنمية العاجلة يجب أن تطرح ولا تؤجل فاليوم قبل الغد.. طموحات المجتمع وتطلعاته المستقبلية لن تتوقف ولن يستطيع أن يجاريها إلا قطار التنمية العاجلة, فهو الذي يضمن للمرحلة الانتقالية وللمستقبل نموا وازدهارا. -------- لدينا مشروعات مؤجلة في سيناء والأراضي للخريجين التي وصلت إليها مياه النيل.. وممر التنمية الشهير, ذلك المشروع الخلاق.. كلها تعطي الأمل في المستقبل وللشباب في المشاركة.. الحكومة الجديدة عليها أن تبرهن علي قوتها وقدرتها وأهدافها, وعليها أن تتعامل مع اللحظة الراهنة بالكثير من الدقة لتصل رسالة جديدة للعاملين في كل مكان بأن رفع مستوي المعيشة وتحقيق الطموحات له طريق واحد.. هو زيادة الإنتاج وتطويره وتنميته.. مع قيام الحكومة بسرعة بوضع القواعد والقوانين المنظمة لتحقيق العدالة بين العاملين.. وشعورهم بالثقة بأن ثمار التنمية ستعود عليهم فورا.. بلا فساد أو مفسدين..ولعلنا نطرح عليها أن تنظم مؤتمرا اقتصاديا عاجلا للربط بين النمو والعدالة وتوزيع الدخول, ليكون إشارة إلي ما تخطط له في المستقبل بمشاركة كل العقول المصرية القادرة علي الإبداع وتقديم الجديد في تلك اللحظة الصعبة في تاريخ مصر السياسي والاقتصادي والاجتماعي. مكاسب الثورة لن يحققها للوطن إلا اقتصاد قوي وعفي يتطلع إلي المستقبل بروح جديدة وقد تخلص من الفساد أو الجمود أو الأفكار المسبقة التي تخدم أغراضا غير معروفة أو تغيب عنها الشفافية أو مشروعية الرؤية.. والروح الجديدة للاقتصاد المصري يجب أن تبرز من خلال المرحلة الانتقالية بكل صعوبتها. بالرغم من أهمية الأهداف السياسية والحرية والانتخابات المقبلة والتي تحتل مقدمة الأجندة المصرية لاستقرار الوطن.. فيجب أن تكون هناك أهداف اقتصادية.. مصحوبة بها.. فقد ثبت أن قوة الوطن في اقتصاده وقدرته علي الإنتاج, وروح اجتماعية جديدة تسري في الوطن.. ليكون التغيير شاملا.. والمرحلة الانتقالية مثمرة بما يضمن أن المرحلة الانتقالية في مصر ستصل بالبلاد إلي بر الأمان وإلي اتفاق كل القوي الفاعلة علي خريطة طريق للوصول بمصر إلي مبتغاها وفي مقدمة ذلك القوات المسلحة وقيادتها التي ساندت مطالب الثورة وقامت بحمايتها بل وتلبية مطالبها.. وبقي أن تعمل القوي السياسية بنفس المسار, وأن تهييء الشارع والمجتمع للانتخابات والاستقرار وأن يسود الأمن والنظام في كل المجتمع بل وفي الشارع.. عبر تعاون بين الدولة والمواطنين.وان تظهر الحكومة روحا جديدة نحو التنمية في كل ربوع الوطن عبر إعادة مشروع اللامركزية وإعطاء المواطنين في القري والمدن والمحافظات حق حكم أنفسهم وتطوير مجتمعاتهم بإدارة محلية نظيفة وإرادة مصرية وطنية خالصة نحو التنمية المستقلة. وأن يتم استثمار قوة الدفع الموجودة في الشارع المصري ولدي المواطنين بعد الثورة في تعلم أساليب جديدة للعمل والتطوير والإبداع والمشاركة بلا إقصاء أو فساد, وأن نعود إلي التركيز علي التنمية البشرية والمشروع القومي للتعليم والصحة. لنقول بكل قوة إننا كنا جيلا قادرا علي الثورة وعلي استيعاب أهدافها وطموحاتها وتحويل قدراتها وطاقاتها إلي وجهتها الصحيحة نحو المستقبل. [email protected]