رغم أنه كان خارج دائرة الضوء طيلة فترة توليه الوزارة إلا أن زهير جرانة وزير السياحة السابق جاء علي رأس قائمة المسئولين المتهمين بالفساد الذين انهالت عليهم الإتهامات عقب سقوط النظام السابق, وقبل أيام خضع جرانة للتحقيق أمام نيابة الأموال العامة بقائمة اتهامات شملت ارتكابه لجرائم التربح وتسهيل التعدي علي أراضي الدولة والإضرار العمدي بالمال العام, وقيامه بتخصيص25 مليون متر مربع بالمخالفة للقواعد والإجراءات لشركة أوراسكوم للسياحة والفنادق بالبحر الأحمر بسعر دولار واحد للمتر مقابل شراء الأخير بنسبة51% من أسهم شركة جرانة للسياحة الخاسرة المملوكة للوزير السابق وآخرين بمبلغ350 مليون جنيه. وتضمنت الإتهامات الموجهة للوزير السابق تسهيل حصول بعض المستثمرين في المجال السياحي علي منافع مالية دون وجه حق من خلال علاقاتهم به, حيث كان الوزير قد أصدر قرارا بوقف قبول وزارة السياحة لطلبات انشاء الشركات السياحية بفئاتها المختلفة.. غير أنه منح شركات أخري- بصفة استثنائية علي خلاف القرار ترخيصا بمزاولة النشاط بما ربحهم ملايين الجنيهات بدون وجه حق. كما أنه رفض تنفيذ العشرات من الأحكام القضائية واجبة التنفيذ بإلزامه بمنح الترخيص لآخرين في مزاولة النشاط لشركات سياحية بقصد تمكين الغير من الحصول علي منافع مالية دون وجه حق. وانتهت النيابة إلي حبس محمد زهير جرانة وزير السياحة السابق15 يوما علي ذمة التحقيقات فيما أسند إليه من وقفه منح تراخيص إنشاء شركات السياحة وتعمده تربيح أشخاص معينة علي صلة به بإصدار موافقات لهم بمنحهم تلك التراخيص وإضراره بمصالح آخرين برفض منح موافقات مماثلة لهم. زهير جرانة الذي عاش في الظل لأكثر من خمس سنوات منذ توليه وزارة السياحة في31 ديسمبر من عام2005 لم يكن وجها إعلاميا يعشق أضواء الكاميرات, ولم يكن أسمه مطروحا علي الخريطة الوزارية إلا بعد فترة عمله معاونا للمغربي أثناء توليه وزارة السياحة, وبعد أن تولي أحمد المغربي وزارة الإسكان جاء جرانة وزيرا للسياحة وكان يمتلك مجموعة جرانة السياحية التي كانت متعثرة ماليا في ذلك الوقت وتعاني من ديون بلغت ملايين الجنيهات, ومع تربع جرانة علي كرسي الوزير واجه سخطا من المستثمرين في مجال السياحة بعد أن أستهل حقبته الوزارية بقرار وقف منح تراخيص إنشاء شركات السياحة بحجة أن السوق السياحي في مصر لا يستوعب شركات جديدة, وهو القرار الذي أثار حفيظة العاملين بالقطاع ممن رغبوا في إنشاء شركات سياحية بهدف الأستثمار في تنشيط السياحة في مصر وخلق فرص عمل جديدة, ولم يتوقف الوزير السابق جرانة عند هذا القرار بل عمل علي تعديل لائحة القوانين المنظمة لإنشاء الشركات برفع قيمة الحد الأدني للقيمة المودعة في الحساب البنكي للشركة من200 آلف جنيه إلي مليوني جنيه بالإضافة إلي رفع قيمة خطاب الضمان من20 آلف جنيه إلي200 آلف, وكذلك قيمة الأشتراك في غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة من10 آلاف جنيه إلي20 آلفا, واستطاع تمرير قانون تعديل اللائحة في مجلس الشعب. وفتح جرانة بقراراته جبهة عداء جديدة مع المستثمرين في مجال السياحة ورغم ذلك لم يجد هؤلاء بدا من الإنصياع لقرارات الوزير والإستجابة له, ولكن السؤال.. كيف للوزير جرانة أن يعمل علي تعديل لائحة قانون إنشاء الشركات رغم قراره السابق بوقف منح التراخيص ؟ الإجابة عن السؤال هي مربط الفرس في القضية, فالوزير كان يمنح التراخيص لبعض الأفراد من المقربين له في الوقت الذي يمنعها عن آخرين بحجة القرار الوزاري بوقف منح تراخيص جديدة وهو ما أشعل سوق شراء تأشيرة الوزير التي تحمل توقيع أوافق علي السير في إجراءات الترخيص علي طلبات إنشاء الشركات السياحية الجديدة ووصل سعر التأشيرة بين المستثمرين إلي مليوني جنيه أو أكثر طبقا للأنشطة التي تصرح بها الوزارة ويفوز بالتأشيرة كل من يستطيع الوصول إلي مكتب وزير السياحة وهم غالبا من المقربين له, وكل ذلك كان يحدث في ظل اللائحة القديمة قبل تعديلها, لكن الغريب أنه بعد صدور القانون الجديد كان الوزير يمنح التأشيرات بأثر رجعي طبقا للقانون القديم الذي يصرح بمزاولة نشاط السياحة الدينية سياحة الحج والعمرة في حين أصدرت الوزارة التراخيص متضمنة الحظر علي الشركات مباشرة هذا النشاط إعمالا للائحة التنفيذية الجديدة والتي اشترطت للسماح لهذة الشركات بمباشرة سياحة الحج والعمرة وجوب توافر شروط معينة منها تحقيق حجم أعمال من السياحة الوافدة بقيمة150 مليون جنيه وهو ما أعتبره أصحاب الشركات شرطا تعجيزيا في أحقيتها بمزاولة نشاط السياحة الدينية, ويعزز هذا الشرط من احتكار شركات بعينها لهذا النشاط. مما أدي إلي ارتفاع قيمة تكاليف رحلات الحج والعمرة في مصر, ومنح الوزير السابق عدة شركات هذا النشاط بالرغم من عدم توافر الشروط في حقها. كما تضمن التعديل السماح بالترخيص للشركات الأجنبية بفتح فروعا لها في مصر دون وكيل وطني من الشركات المصرية وكان جرانة يمنح التراخيص لتلك الشركات رغم قراره السابق بمنع إنشاء شركات جديدة. ربما لم تكن المخالفات السابقة هي كل ما وقع فيها الوزير جرانة بل كانت هناك مخالفات جسيمة في الحصول علي أموال من أصحاب الشركات بلا سند قانوني في شكل تبرعات إجباريه بلغت60 آلف دولار أمريكي من كل شركة للحصول علي ترخيص بمزاولة النشاط ويتم دفعها في غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة والتي تمثل دور الوسيط بين الشركات والوزارة, وقد بلغ إجمالي المبلغ الذي تحصلت عليه الغرفة225 مليون جنيه من واقع تبرعات640 شركة, بالإضافة الي قيام رئيس مجلس إدارة الغرفة خالد المناوي بتهديد الشركات بالغلق وإلغاء ترخيصها إذا ما اقدمت علي إقامة دعاوي قضائية تطالب بحقها في استرداد المبلغ المنهوب منها والتي اجبرت علي دفعه عنوة دون وجه حق, حيث أن وزارة السياحة كانت ترفض تسليم التراخيص لأي شركة الا بعد دفع مبلغ التبرع الاجباري وإحضار المستند الدال علي سداده من الغرفة وهو ما شكل مخالفة جمع أموال دون سند قانوني. هكذا كانت تدار الأمور في فترة تولي زهير جرانة مقاليد الوزارة, ومع أحداث ثورة25 يناير وإقالة حكومة الدكتور نظيف, بدأت صيحات الغضب تملأ جنبات وزارة السياحة, وفتح الجميع النيران في وجه الوزير السابق وتقدم نحو مائة من أصحاب الشركات ببلاغات إلي النائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود حول كل ما سبق متهمين زهير جرانة وعددا من المسئولين بغرفة السفر والسياحة بالفساد والتربح وتوجهوا إلي مقر الغرفة بهدف استرداد مبالغ التبرعات الإجبارية وكانت المفاجأة التي فجرها رئيس مجلس إدارة الغرفة في رده علي أصحاب الشركات أنه كان يتولي جمع هذة التبرعات بإيصالات صادرة من الغرفة لحساب الوزارة وأن الوزير جرانة هو المهيمن علي هذا الحساب ودور الغرفة يقتصر علي جمع تلك الأموال وتوريدها للوزارة, وعلي من يريد إسترداد أمواله أن يذهب إلي الوزير, بل وأعترف رئيس الغرفة بأن ما كان يحدث مخالفا للقانون ولكن سلطة الوزير عليه هي التي اجبرته علي جمع تلك التبرعات, ولم تكن تصريحات رئيس الغرفة هي الأخيرة في سيل المفاجأت عندما أكد أن الغرفة قد وردت مبلغ120 مليون جنيه من قيمة هذة التبرعات إلي الأمانة العامة لمجلس الوزراء بشيك مقبول الدفع,- حصلت الأهرام علي صورة ضوئية منه- وباقي المبلغ طلب الوزير جرانة توريده إلي وزارة السياحة. وطلب أصحاب الشركات من النائب العام التحفظ علي حساب صندوق المساهمة السياحي لغرفة شركات السياحة بالبنك الوطني المصري فرع الجلاء- الذي أودعت فيه مبالغ التبرعات, والتحفظ علي باقي حسابات الغرفة, ومنع أعضاء مجلس إدارة الغرفة من السفر خارج البلاد خشية هروبهم بالأموال التي استولوا عليها دون وجه حق, وجرد كافة الأصول والأموال التي يملكها أعضاء مجلس إدارة الغرفة بمعرفة مشروعية مصادرها, كما طالب أصحاب الشركات إحالة الوزير جرانة ومسئولي غرفة شركات السياحة لإدارة الكسب غير المشروع وذلك لتضخم ثرواتهم بطريقة غير مشروعة من جراء سلب أموال الشركات السياحية بالتعاون مع الوزير السابق.